أفق نيوز
الخبر بلا حدود

بين الإصلاحات والاتهامات… الجدل يتصاعد حول سياسات ولي العهد المالية

26

أفق نيوز|

 أهدر المجرم بن سلمان ترليون دولار ليضعها بكل بساطة في الخزنة الأمريكية، وكأنه يقدم هدية عيد ميلاد، وليس “ثروة أمة”، كل ذلك إرضاء لواشنطن، ومفتاحاً لبوابة العرش، ومع تدفق هذه الأموال كان ترامب يصف بكل سخرية بن سلمان “بالملك المستقبلي”.

وعلى الرغم من العرض السخي إلا أن الصحافة الأمريكية ترى أن الصندوق لبن سلمان الضخم يعاني من نقص في المال، فصندوق الاستثمارات العامة الذي تتباهى به المملكة و الذي تستخدمه السعودية عادة للوفاء بالتزامات مثل تلك التي تعهّدت بها هذا الأسبوع في واشنطن  يعاني من نقص السيولة اللازمة للاستثمارات الجديدة، ويرجع هذا إلى حد كبير إلى أن “مبس” ونوابه أنفقوا جزءًا كبيرًا من أموال الدولة على مشاريع تعاني من ضائقة مالية.

وبحسب نيويورك تايمز، فان الحكومة السعودية تعاني من عجز متزايد في الميزانية، وتلجأ إلى الاستدانة للوفاء بوعود الأمير محمد الداخلية.

اقتصاد موازٍ داخل الدولة

و شهدت السعودية خلال السنوات الأخيرة، تحولًا جذريًا في إدارة مواردها المالية، تمثل أبرزها في توسّع نفوذ صندوق الاستثمارات العامة الذي أصبح بحكم الواقع الذراع الاقتصادية الأهم في البلاد، بل والممر الإجباري لكل العائدات غير النفطية تقريبًا، غير أن هذا التوسع يترافق مع تساؤلات متزايدة حول الشفافية والرقابة والمساءلة، خصوصًا في ظل غياب التقارير التفصيلية عن مصادر دخل الصندوق وآليات إنفاقه.

وتؤكد مصادر سعودية شبه رسمية، أن مداخيل مالية كبيرة كانت سابقًا تذهب إلى وزارة الداخلية، أو تُودع في حسابات مرتبطة بأجهزتها المختلفة، أصبحت الآن تتحول مباشرة إلى صندوق الاستثمارات العامة بأوامر عليا من المجرم محمد بن سلمان نفسه.

وتشير المعلومات إلى أن ما كان يُعرف سابقًا بـ«مخصصات المخالفات والغرامات والإيرادات الأمنية» أصبح يُدار اليوم خارج الخزينة العامة، ويتجه نحو الصندوق مباشرة، حيث تنسجم هذه المعلومات مع النمط الجديد لتركيز السلطة المالية في يد ولي العهد محمد بن سلمان، الذي يتولى رئاسة مجلس إدارة الصندوق ويشرف شخصيًا على قراراته الكبرى.

و يُنظر إلى صندوق الاستثمارات العامة اليوم ككيان موازٍ لوزارة المالية نفسها، إذ تُحوّل إليه عشرات المليارات من العائدات الحكومية سنويًا دون المرور عبر الميزانية العامة.

ووفقًا لتقارير بلومبيرغ وفاينانشال تايمز، فإن الصندوق بات يسيطر على أصول تتجاوز 900 مليار دولار، مع خطط لبلوغ تريليون ونصف بحلول عام 2030 ، وترافق هذا النمو الهائل مع تغييب شبه كامل للمساءلة العامة، فلا البرلمان السعودي يملك سلطة رقابية حقيقية، ولا تُنشر بيانات تفصيلية عن أرباح الصندوق أو نفقاته أو طبيعة عقوده مع الشركات الأجنبية، وقد وُصف الصندوق من قبل بعض المحللين بأنه «صندوق دولة داخل الدولة»، يتحرك وفق قرارات سياسية لا تخضع للمحاسبة.

هدر مالي مقنّن

وينفق  محمد بن سلمان أموالاً طائلة على اليخوت والقصور واللوحات الفنية، فضلاً عن أنَّه يتحكم في جزء كبير من ثروة عائلة آل سعود، التي تُقدّر بحوالي 1.4 تريليون دولار، كما  يُعرف بن سلمان ببذخه، فقد أنفق أموالاً ضخمة على شراء يخت وقصر ومروحيات ولوحات نادرة.

و في مقابل القصور الفاخرة والسيارات الحديثة ووسائل الراحة والرفاهية العصرية التي يغرق فيها آل سعود وأعوانهم، ثمَّةَ بيوت من الصفيح وأكواخ طينية ضيقة موزعة على هوامش المدن الكبرى، وعلى أطراف الصحراء القاحلة، حيث ينحشر فيها مئات الألوف من أبناء شعب جزيرة العرب الذين يعيشون خارج العصر النفطي، في ظروف إنسانية صعبة يندى لها الجبين.

وكشفت صحيفة “نيويورك تايمز” سابقا أنَّ ابن سلمان اشترى قصر لويس الرابع عشر في فرنسا بمبلغ 300 مليون دولار قبل عامين، إذ كان حينها أغلى منزل في العالم، وكان قبلها قد اشترى يختًا بقيمة نصف مليار دولار، ولوحة للرسام الإيطالي ليوناردو دافنشي بقيمة 450 مليون دولار، وكلاهما الأغلى في العالم.

تسجيلات مسربة عن فساد العائلة الحاكمة

وقبل أيام هاجم الأمير السعودي سلطان بن مشغل في تسجيلات مسربة ابن عمه المجرم محمد بن سلمان، مشيراً إلى حالات فساد ما يعرف بـ “التشبيك” وهي وضع اليد على الأراضي في المملكة، متهماً الملك سلمان بالاستيلاء على أراض تقدر قيمتها بالملايين، مستغرباً كذلك من تغول “آل الشيخ” في مفاصل الدولة، مرجعاً ذلك إلى “المحسوبية والزواجات من تلك العائلة”.

وترتكز سياسية بن سلمان على الهجوم إلى الأمام، من خلال اطلاق مشاريع عملاقة، وإعادة هيكلة الاقتصاد، وتقديم نفسه كقائد يغير كل شيء، كما يميل بن سلمان إلى تركيز السلطة الاقتصادية والسياسية في يده، وتحويل المؤسسات الحكومية إلى أدوات تنفيذ لرؤيته الخاصة، لا إلى كيانات مستقلة قادرة على تصحيح المسار أو تقديم تقييمات واقعية.

ويكشف الأمير السعودي المعارض خالد الفرحان اللاجئ إلى ألمانيا منذ عام 2013م في كتابه “مملكة الصمت والاستعباد في ظل الزهايمر السياسي” طريقة سعي محمد بن سلمان لإقامة علاقات مع الكيان الصهيوني وتحقيق جميع مصالحهم على حساب مصالح ومستقبل ومصير المملكة عن طريق التخلي تماماً عن الثوابت الدينية، وما سماه أمركة المجتمع والسعي الحثيث للتطبيع الكامل مع الكيان الصهيوني لكسب رضاهم عنه بغرض تنصيبه في الحكم.

ويشير الفرحان إلى أن بن سلمان لديه رغبات مالية وسلطوية شخصية ويريد أن يحققها بأي ثمن”، مؤكداً أن  المشاكل في السعودية عميقة وليست سطحية ولا مؤقتة، وترتبط مباشرة بالفساد السياسي والمالي وسوء استغلال السلطة، والإدارة الأمنية، وتبعية القضاء ومجلس الشورى للسلطة التنفيذية.

أما المعارض السعودي ماجد الأسمري، فيقول : إنَّ “تبذير أموال الدولة السعودية من قبل الملوك والأمراء وتحصيلهم إياها بطرق غير شرعية كالاستيلاء على الميزانيات والاختلاس والرشاوى والسطو على ممتلكات المواطنين وشركاتهم وغير ذلك من المظالم التي تصل إلى قتل اﻷمراء للمواطنين في الداخل والخارج أمر قديم وموجود مُنذ تأسيس هذه السلطة في ثلاثينيات القرن الماضي”.

ويرى أن “غياب المحاسبة الشعبية لابن سلمان على ما يقوم به أيضاً ليس بالأمر الجديد، الوسائل التي يُفترض أن تكون محاسبة للأنظمة السعودية الجائرة، كالقضاء أو البلاغات للجهات الأمنية يتمتع آل سعود بحصانة منها، ما أدَّى ليأس المواطنين من هذه الوسائل النظامية”.