أفق نيوز
الخبر بلا حدود

“الظاهرة اليمنية” في الثورة الحسينية !

111

عباس السيد
تعرَّض التاريخ الإسلامي لموجات من التجريف والتزييف ، انجرف معها الكثيرون ممن يرون في عاشوراء مناسبة محصورة بطائفة ، ولا علاقة لها باليمن واليمنيين .
الأمر لا يقتصر على العوام، فهناك الكثيرُ ممن يشار إليهم كمثقفين، وممن يدّعون المدنية والحداثة يختزلُون عاشوراء مكانياً وطائفياً وزمنياً، وكأنها قصةٌ من ألف ليلة وليلة. ويذهب بعضهم لاعتبارها طارئةً ودخيلة على اليمن ولا علاقة لها بثقافة اليمنيين وتراثهم الفكري والسياسي.
وفي الحقيقة ، تعكس تلك النظرة قصوراً في الوعي وجهلاً مركّباً بالدين والسياسة والتأريخ، وبأهمية عاشوراء كمحطة ثورية يجب أن تظلَّ متقدةً على الدوام.
فالظلم والطغيان والاستبداد يتجدد ويتناسخ، ولا بد لعاشوراء أن تتجدد وتتكرر هي الأُخْرَى.
ليس للظلم والاستبداد جنسيةٌ ولا طائفة محددة، كذلك الحال بالنسبة لعاشوراء، ليست خاصة بطائفة أَوْ جنسية.
عاشوراء منهج ، خارطة طريق للمستضعفين من شعوب العالم. ولأنها كذلك، تعرضت للتشويه وتم تغييبها عن كتب التراث والتأريخ والمناهج الدراسية في كثير من الدول الإسْلَامية .
تلك هي عاشوراء من حيث شمولها وعموميتها الإنْسَانية والمكانية والزمانية.
أما علاقتها باليمنيين، فهذه حكاية أُخْرَى تعكس مدى التعتيم والتجهيل بتراثنا وتأريخنا، ودور آبائنا في صناعة التأريخ العربي والإسْلَامي والإنْسَاني بشكل عام.
في كتابه « أنصار الحسين ” وصف العلامة محمد مهدي شمس الدين « 1936 ـ 2001 « مشاركة اليمنيين في الثورة الحسينية بـ « الظاهرة اليمنية ” التي امتدت إلى ما بعد كربلاء ، فمعظم من بايعوا مسلم بن عقيل كانوا يمنيين ، ومعظم من وقف مع الحسين كانوا من أهل اليمن « عرب الجنوب “بعكس عرب الشمال الذين ساهموا بقوة في قمع الثورة الحسينية .
ولمن يستنكر على اليمنيين إحياءَ عاشوراء، وينفي علاقتها بثقافة وفكر اليمنيين نقول:
اليمنيون أولى من غيرهم بإحياء ذكرى عاشوراء. نعم، نحن أولى بها من غيرنا. فقد كان أكثر من نصف الذين قاتلوا مع الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء من أهل اليمن. ومن جملة مائة ونيف هم شهداء الطف، أكثر من ستين شهيداً منهم يمنيون ينتمون إلى قبائل همدان، مذحج، كندة. من الأصابح، من أرحب، من حضرموت، وكل مناطق اليمن، بينهم الحارث بن امرؤ القيس و نعيم بن عجلان الأنصاري وسوار بن منعم الهمداني وعبدالرحمن بن عبدالله الأرحبي وأبو عبدالله الحضرمي وأبو الحتوف بن الحارث الأنصاري وعمير بن عبدالله المذحجي وجندب بن حجير الخولاني وعمرو بن الأحدوث الحضرمي وجنادة بن كعب الأنصاري وعمرو بن عبدالله الهمداني وغيرهم كثير.
عندما أذن الإمامُ الحسين لـ “بشر بن عمرو الحضرمي” بالانصراف، قال بشر: أكلتني السباع حياً إن فارقتك.
وقال خالد بن عمرو الأسلمي: صبراً على الموت بني قحطان .. كيما نكون في رضا الرحمن.
وخاطبت ” ديلم ” زوجها زاهرَ بن القين البجلي: أنت تقاتل مع ابن المرتضى، وأنا أواسي ابنة المصطفى.
وقال برير الهمداني : « يا بن رسول الله لقد مَنَّ الله بك علينا أن نقاتل بين يديك ، تقطع فيك أعضاؤنا ، حتى يكون جدك يوم القيامة بين أيدينا شفيعا لنا ، فلا أفلح قوم ضيعوا ابن بنت نبيهم ، وويل لهم ماذا يلقون به الله.
اليمنيون الذين اختاروا الوقوف في معسكر الإمام الحسين، لم يكونوا مرتزقة، لم يكن مع الحسين مالاً ولا وعدهم بمناصب ومغانم، كما هو الحال في المعسكر الآخر.
اختار اليمنيون الوقوفَ مع الحق ضد الباطل. وكانوا يدركون أنهم سيقتلون، لكنهم ـ كما الحسين نفسه ـ فضّلوا الموت دون موت مبادئهم، مبادئ الإسْلَام الحق.
عاشوراء جزء أصيل من التاريخ الإسلامي المشرق ، ساهم اليمنيون بقيادة الحسين بتدوينه ، وهانحن نسير في نفس الدرب ، نردد نفس الصرخة ، ونواجه طغاة العصر .
فالظلم والطغيان والاستبداد يتجدد ويتناسخ ، مِنْ يزيد وابن أبيه إلى ترامب وابن سلمان وابن زايد ، ومن الطبيعي أن تتجدد فينا مبادئ الحسين وأنصاره من أهل اليمن في كربلاء ، ومثلما انتصر دمهم على سيف ابن أبيه ، سننتصر على سيوف ابن سلمان وابن زايد ومن يقف خلفهم .

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com