أفق نيوز
الخبر بلا حدود

بمبادرات مجتمعية خالصة.. مجتمع الجعفرية وكسمة في محافظة ريمة يشق ويعبِّد طرقات بكلفة 5 مليارات ريال

188

أفق نيوز../

 

بهدف التوعية بضرورة تخفيف نسبة المعاناة من الفقر بجميع أبعاده في أوساط سكان الأرياف، وتعزيز التماسك والبنى المجتمعية وتقوية الَاقتصاد المجتمعي بما من شأنه إحداث تنمية مستدامة من خلال التركيز على الاَستثمار في المناطق الريفية، وتمكين سكان الأرياف الأشد فقرا من أنشطة ابتكارية لها صلة بالزراعة والتنمية الريفية وبما يعزز دور المشاركة المجتمعية في التنمية، والحد من اتساع فجوة الفقر والبطالة والنزوح الَاجتماعي والظواهر الَاجتماعية السلبية الأخرى.

 

بهدف تحقيق ما سبق نظمت وزارت الزراعة والري والإدارة المحلية والشؤون الاجتماعية والعمل والمؤسسة العامة لإنتاج وتنمية الحبوب والاتحاد التعاوني الزراعي ومؤسسة بنيان التنموية برعاية وإشراف اللجنة الزراعية والسمكية العليا نزولا ميدانا لتقييم وتفعيل أنشطة الجمعيات التعاونية، ومعرفة مدى التنسيق بينها وبين المؤسسات المحلية في مجال التنمية في كافة مديريات محافظات عمران وحجة والحديدة والمحويت وريمة وذمار وإب وتعز.

 

حظيت “الثورة” بفرصة المشاركة في النزول، ومن خلاله تمكنت من نقل بعض من مظاهر النجاح الذي حققته الثورة الزراعية في مرحلتيها الأولى والثانية، ورصد فعاليات تدشين المرحلة الثالثة في المحافظات أعلاه، واخترنا أن تكون ريمة المحطة الأولى، فإلى التفاصيل:

 

تعتبر المبادرات المجتمعية التجسيد العملي لمبدأ المشاركة المجتمعية في التنمية، والتعاون والتكافل المجتمعي الذي دعا إليه قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي- يحفظه الله.

 

أبناء مديريتي الجعفرية وكسمة في محافظة ريمة كانوا من السباقين إلى تلبية هذه الدعوة في الوقوف مع أنفسهم، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور بسبب العدوان وما يفرضه من حصار جائر.

 

تواجه أبناء ريمة عامة، وفي مديريتي الجعفرية وكسمة خاصة ظروف وصعوبات كثيرة، فلا توجد شبكة طرق مترابطة، وإن وجدت ، فإنها تشكو من الوعورة والمنحدرات الخطيرة وتمر عبر سلاسل جبلية طويلة، لا تسلكها غير سيارات دبل قوية كالشاص وما في مستواها، ومع ذلك يظل السفر على متنها نوعا من المغامرة لما يلاقيه المسافر من معاناة وصعوبة، وهنا ظلت الحمير الخيار الوحيد والآمن لنقل المتاع وما يحتاجه مواطنو المرتفعات الجبلية الشاهقة في محافظة ريمة عامة.

 

لهذه الأسباب وغيرها طرق العديد من فرسان التنمية في المديريتين وبمساندة قيادتي المديريتين في كسمة ممثلة الشيخ حيدر الجبوب، وفي الجعفرية ممثلة في “أبو رضوان”، باب إحياء روح المبادرة المجتمعية التي بدورها مثلت أكثر الإسهامات لرفع المعاناة والحد من القصص المؤلمة التي عاشها المواطنون في ريمة لعقود من الزمن وبما صاحبها من مخاطر.

 

لقد استطاع أبناء مديريتي الجعفرية وكسمة – من خلال المبادرات المجتمعية- تجاوز صعوبات شق الطرقات وتعبيد بعضها كي يسهل إيصال خيرها إلى معظم قرى وعزل المديريتين.

 

من جانبها، أكدت السلطات المحلية في المديريتين أنه ووفقا لتوجيهات قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي بدعم ومساندة المبادرات المجتمعية التي يساهم بها أبناء المجتمع في بناء البلاد، وتذليل الصعوبات في مناطقهم، أن كل المبادرات اطلقت رغم ما تعانيه اليمن من تحديات بسبب العدوان وما يفرض من حصار جائر، ومنع للمشتقات النفطية، مشيرين إلى أن المبادرات قد مثلت عنوان تحد صارخ في وجه العدوان، يحكي صمود شعب، مشيدين بما قدمه أبناء الجعفرية وكسمة خاصة وريمة عامة من جهود يدوية جبارة في شق الطرقات لرفع المعاناة عن أنفسهم.

 

مواطنون من أبناء المديريتين بدورهم أكدوا أن اقتحام الصخور الصلبة والمناطق الوعرة وقهر كل التحديات والصعوبات بجهود يدوية ومجتمعية بحتة يعد سهما قاتلا يصوب في وجه العدوان وأعوانه الذين حاولوا جاهدين كسر صمود الشعب اليمني، الذي لم يكتف بأن يظل صامدا فحسب، بل سعى إلى تحويل كل التحديات إلى فرص للنجاح، فانطلق يشق الطرقات ويستصلح الأراضي للزراعة ويساهم في كل مجالات البناء والتنمية من تشييد للسدود والحواجز والبرك والكرفانات بمبادرات شعبية خالصة وبمساندة وإشراف جهات رسمية.

 

ولا يفوتنا هنا لفت النظر نحو نساء ريمة الأبيات اللاتي لم يكنَّ عن المشهد بعيدات، بل عملت شابات روافد التنمية على توعية النسوة في القرى والعزل بضرورة أن تساهم المرأة مع أخيها الرجل في رفع المعاناة، فكانت الثمرة هي القيام بحملة نسوية واسعة قامت بها نساء الجعفرية لإزالة الأشجار الشائكة خاصة منها التي احتلت مساحات واسعة من خطوط السير ما أدى إلى مضايقة المارة ومنها التي منعت المبادرين من شق الطرقات، بالإضافة إلى دور المرأة في إعداد قوافل الطعام للمرابطين في ثغور المبادرات المجتمعية والتبرع بالذهب والحلي.

 

تمثل سر النجاح في إحياء واستمرار روح المبادرة مشفوعة بخبرات وجهود المبادرين وبدعم المغتربين ومساندة السلطات المحلية ممثلة باللواء فارس الحباري محافظ المحافظة ومشرف عام المحافظة زيد العزام اللذين وجها بتوفير ما أتيح من تخطيط ورسومات فنية ودعم مادي بالمعدات الثقيلة كالبلكينات والتركترات والخبرات وما توفر من قطع غيار المعدات وتوفير الديزل بالسعر الرسمي، بالإضافة إلى الإشراف المباشر على سير العمل.

 

أصبح أبناء المجتمع في محافظة ريمة يعملون كخلية نحل واحدة كل وفق المتاح والممكن، حيث تقاسم الجميع الأدوار، فمنهم يقطع الأحجار، ومنهم من يحملها إلى المكان المطلوب، ومنهم من يرصفها، ومنهم من يزيل العثرات، ومنهم من يحضِّر الطعام، ومنهم من يساهم بالمال، ومنهم من يتنازل عن أرضه لتمر الطريق عبرها.

 

وبتلك الروح التعاونية التكاملية تمكن أبناء محافظة ريمة في المديريتين من شق وتعبيد طرقات بمبادرات مجتمعية خالصة بلغت كلفتها قرابة 5 مليارات ريال.

 

ومن قلب المعاناة كان للوفد التنموي المكلف بالنزول الميداني إلى المحافظات أنفة الذكر شرف زيارة مبادرة مجتمعية لشق طريق كسمة- الجبوب- السهلة التي ستربط مديرية كسمة ومحافظتي إب والحديدة في مثلث وادي رماع، حيث تم تدشين المرحلة الثانية من المبادرة.

 

شريان حياة

 

وفي التدشين أوضح وكيل وزارة الإدارة المحلية الشيخ عمار علي الهارب ” نحن اليوم في محافظة ريمة- مديرية كسمة للاطلاع على المبادرات المجتمعية، ومنها مبادرة طريق كسمة – الجبوب – السهلة النافذ إلى وادي رماع بطول 26 كيلومتر، والذي يتم تنفيذه بمبادرة مجتمعية خالصة من أبناء المجتمع، وجاءت المبادرة لإزالة المعاناة التي عانوه في العقود الماضية المتمثلة بحرمانهم من عدم وصول الشريان الرئيسي”.

 

ونوه الهارب “رغم العدوان والحصار، فقد رأينا أبناء المجتمع يبادرون إلى شق الطريق متحدين بمبادراتهم الظروف الطبيعية، وصعوبة التضاريس الجغرافية في المنطقة.. موجها رسالة شكر وتقدير إلى قيادة السلطة المحلية في محافظة ريمة وفي مديرية كسمة وإلى المبادرين من أبناء المجتمع الذين بادروا بأموالهم وبالتنازل عن أراضيهم التي مرت منها الطريق، فشقوا الصخر في ظروف صعبة”.

 

وأكد أن الإدارة المحلية ستكون عونا لهم بالمتاح والممكن من الإمكانيات حتى الانتهاء من شق هذا الشريان الحيوي المهم الذي سيمثل في المستقبل خطا رئيسيا نافذا يستفيد منها أبناء ثلاث محافظات هي الحديدة وإب وريمة في تبادل المنافع وليكون خطاً تجارياً لتبادل البضائع والمنتجات الزراعية.

 

ودعا جميع أبناء المديريات في عموم محافظات الجمهورية إلى الاقتداء بأبناء ريمة الأبية، وأن نتعلم من أبناء ريمة المسارعة والمبادرة وتحدي تضاريس الجبال الوعرة.

 

نقلة نوعية

 

رئيس الاتحاد التعاوني الزراعي مبارك القيلي والمدير التنفيذي لمؤسسة بنيان التنموية بدورهما أكدا من جهتهما أن المجتمعات المحلية في ريمة نتمتع بروح العمل التعاوني الذي يتجسد في الواقع العملي على هيئة مبادرات مجتمعية خالصة، رغم ما تواجهه البلاد من ظروف عدوان وحصار، كما تتجسد هذه الروح في ما يلاحظ على أبناء هذه المجتمعات الريفية البسيطة من توجه كبير نحو تشكيل وبناء جمعيات تعاونية عملاقة، وفي التوجه نحو الاهتمام بالزراعة بروح حماسية قوية متحدية لكل عوامل الإحباط التي يحاول الأعداء غرسها في الأوساط المجتمعية.

 

وقال القيلي والمداني “نحن اليوم أمام جهود رجال أشداء جسَّدوا أهداف ثورة الـ 21 من سبتمبر الخالدة واقعا عمليا على هيئة مشاركة مجتمعية واسعة تدعمها وتساندها السلطات المحلية في المحافظة والمديرية والمغتربين والمحسنين، مؤكدين أن من شأن شق الطرقات أن يحدث نقلة نوعية في تسهيل مهمات التعاونيات الزراعية لإيصال المدخلات الزراعية ونقل منتجات المزارعين وتبادل المنافع بين أبناء المحافظة والمحافظات التي ستربطها بها تلك الطرق”.

 

تحقق الحلم

 

وفي السياق أوضح المواطن زرق محمد الجبل – أحد المستفيدين من الطريق “في ظل ما نعيشه من الأفراح المتواصلة وبالذكرى السنوية للصرخة، والوحدة اليمنية، ندشن اليوم المبادرة المجتمعية لشق طريق كسمة- الجبوب- السهلة، المرحلة الثانية، معتبرا الطريق حلما كبيرا تحقق بفضل الله ثم بتعاون ودعم سلطات ثورة الـ 21 من سبتمبر المباركة.

 

ولفت إلى أن الطريق ظلت مجرد مخطط منذ 4 عقود، وكان يستغلها الوجهاء في الانتخابات أو في الحصول على وجاهة أو منصب في الدولة، مؤكدا أنه لم يزر المنطقة مسؤول من قبل أو حتى يذكرها بكلمة، داعيا إلى المزيد من اهتمام ودعم السلطة المحلية والحكومة والمبادرين والممحسنين في توفير المحروقات والآلات والخبرات الفنية لدعم مسارات الطريق كبناء جبيونات وجدران حماية وتوسيع بعض المنعطفات بحيث يصبح السير على الطريق سهلا وقابلا لمرور وسائل النقل المختلفة، مؤكدا أن المجتمع لديه الإصرار الكامل على أن بذل كل غال ونفيس في سبيل استكمال المشروع، وتحقيق النهضة الزراعية حتى يتحقق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي وإن شاء الله التصدير.

 

ويضيف المواطن علي حسن محمد مهدي – أحد مواطني جبل صالح سعيد “عانينا كمواطنين سنين طويلة من غياب الخدمات كالطرقات والمستشفيات والمدارس وغيرها، إذا معنا مريض نضطر إلى دعوة أهل القرية كي يحملوه على ألواح من الخشب مسافات كبيرة تقدر بعشرات الكيلومترات على الأكتاف حتى نصل إلى أقرب طريق، وأحيانا يموت المريض أو تلد المعسرة أو تموت قبل الوصول إلى المستشفى، داعيا بقية المجتمعات إلى تفعيل روح المبادرة المجتمعية لرفع المعاناة عن أنفسهم وألا يركنوا إلى المساعدات الخارجية، فإنها إن وجدت، فإنما تعمل على تعويد الناس على الاتكال لفترة ثم تنقطع عنهم كي تعمل على إذلالهم بما تطالبهم به من تنازلات وخنوع وفرض وصاية”.

 

المعاناة مستمرة

 

في تصريح لـ”الثورة” تحدث مدير عام مديرية كسمة الشيخ حيدر حسن الجبوب عن معاناة مواطني أبناء قرية المدر في نقل المرضى وحالات الولادة فوق نعش يحمله أربعة رجال على أكتافهم من القرية إلى مركز المديرية، لعدم وجود طريق، وينقلون المتاع والمواد الغذائية على ظهور الحمير، وتستغرق المسافة من القرية إلى المركز قرابة 4 ساعات ذهابا ومثلها إيابا.

 

ونوه بأن رغبة المواطنين في الانتقال من هذه المعاناة جعلت المقيم منهم والمغترب يسارعون على حد سواء إلى جمع حوالى 20 مليون ريال، لشراء معدة شق للطريق ستسهم في رفع معاناة المواطنين في نقل المرضى والمياه والمواد الغذائية.

 

آملا من قيادة المحافظة التوجيه باستمرار وحدة شق الطرقات في المديرية إلى أن يتم شق طرقات جبل صالح سعيد وقرية هكر وذي المدر جدبون وجبل ظلملم وبني مصعب وحمير جبل الطلح، والكثير من العزل والقرى التي لم تصلها الطرقات.

 

من جهته، قال وكيل وزارة الإدارة المحلية الشيخ عمار علي الهارب:” في زيارتنا الاستطلاعية لمشروع شق طريق الجبوب.. السهلة، شاءت الصدفة أن نلتقي مجموعة من مواطني ذي المدر وهم ينقلون مريضا على لوح خشبي يحملونه على اكتافهم في ساعات الفجر الأولى بسبب أن المنطقة محرومة من الطريق المناسبة لمرور السيارات منذ أزمنة، مؤكدا أن الواضح في الصورة أن تضاريس المنطقة جبلية وصعبة وأن المعاناة كبيرة، مشيدا بما بادر إليه المواطنون بدفع حوالي 20 مليون ريال”.

 

ووجه الهارب دعوته إلى كل الخيرين والمحسنين في المحافظة وخارجها إلى مد يد العون ومساندة هذه المبادرة حتى ترى النور وتحقق هدفها، كما دعا قيادات السلطة المحلية في المحافظة إلى تكثيف الجهود وإعطاء مشروع الطريق إلى ذي المذر أولوية خاصة، وأن تبادر بما لديها من معدات وإمكانيات متاحة للمشاركة في شق الطرقات إلى كل العزل والقرى المحرومة من نعمة توفر الطرقات في المديرية خاصة وفي المحافظة عامة.

 

رئيس الاتحاد التعاوني الزراعي مبارك القيلي بدوره قال “وجدنا حالات صعبة جدا تتطلب تكاتف الجميع، لم أكن أتوقع أنه ما يزال هناك معاناة تصل إلى يضطر فيها الناس إلى نقل مريض أو حالة ولادة على ألواح من الخشب على أكتاف الرجال لمسافات بعيدة تقدر بعشرات الكيلومترات، معتبرا ذلك كارثة على المجتمع”.

 

وأشاد القيلي بروح المبادرة والتعاون التي لمست آثارها من أبناء مديرية ريمة سواء بما يقومون به من تعاون في نقل المرضى وحالات الولادة أو نقل المتاع ومواد البناء والأثاث والآلات من مواطير كهرباء وطواحين وغيره، أو في ما يبادرون إليه من دفع للمال من النقد والأرض وبذل للجهد في مشاريع شق الطرقات، معتبرا ذلك تجسيدا عمليا لمفهوم العمل التعاوني، مؤكدا أن المجتمعات المحلية في ريمة جديرة باستحقاق آيات الشكر والتقدير لمبادراتهم التعاونية وتفشي روح التكافل الاجتماعي واستمرار عادات وتقاليد الآباء والأجداد في نجدة المحتاج من غرم وجوايش وإعانات.

 

واعتبر المبادرة إلى رفع المعاناة عن أبناء هذه العزل والقرى إحياء للنفوس ومن أعلى درجات الإحسان، مشيرا إلى ما رآه في مديرية كسمة من معاناة، وما يصاحبها من تعاون وتكافل بين أبناء هذه القرى والعزل يفوق كل ما هو حاصل في كل قرى وعزل ومديريات عموم محافظات الجمهورية التي زارها حنى اللحظة.

 

الثورة / استطلاع / يحيى الربيعي

 

تصوير: أبوبكر العياشي- أسامة كوشبع

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com