مطار اللد “بن غوريون”.. تأثيرات القصف اليمني تتعاظم
أفق نيوز | سيبقى مطار اللد “بنغوريون” في الكيان الإسرائيلي مغلقا أمام الحركة الملاحية إلى أجل غير محدد، عشرات شركات الطيران العالمية أوقفت رحلاتها إلى المطار، فيما سلطات العدو الإسرائيلي عاجزة عن القيام بأي فعل مؤثر يرفع عنها هذا الحصار الذي فرضته القوات اليمنية.
تذكر صحيفة “معاريف” العبرية عن مسؤول أمني في كيان العدو الإسرائيلي أن المطار “سيظل مهجوراً حتى نهاية الصيف ما لم يحصل تغيير أمني جذري، أو توقيع اتفاق سلام”، المسؤول الأمني -حسب الصحيفة- أكد أن شركات الطيران تشترط تحقيق استقرار أمني، مضيفاً أن الهجمات الصاروخية اليمنية حولت الكيان إلى وجهة محظورة وغير آمنة.
كان من السذاجة أن يتعاطى الكيان باستخفاف مع التأكيدات اليمنية بأن التصعيد في غزة لن يمر دون تأديب، ومن السذاجة أكثر أن يتصور بأن لجوءه الفاشل إلى قصف مطار صنعاء الدولي ومولدات الكهرباء ومعمل الأسمنت يمكن أن يغيّر من شكل الرد اليمني على أي تصعيد ضد الفلسطينيين، بحيث يغرق اليمن في الشعور بالإحباط نتيجة الهجمات الجبانة. لذلك جاء الفعل بمستوى التحذير، ومثّل صاعقة أخرى أربكت مشهد المعركة لدى الكيان، وكذلك لدى أمريكا التي وجدت في الانسحاب خيراً وأفضل وسيلة للنجاة. فحينها، كان الجميع على موعد مع إعلان القوات المسلحة اليمنية فرض حصار جوي شامل على “إسرائيل” ردا على قرار توسيع عملياتها العسكرية في قطاع غزة، “من خلال تكرار استهداف المطارات وعلى رأسها “مطار اللد” المسمى إسرائيليا مطار بن غوريون”. فيما كان رئيس المجلس السياسي الأعلى، مهدي المشاط، أكد الذهاب إلى خيارات تصعيدية أخرى في حال استمر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. مؤكدا على أنه “لا يزال بمقدور الصهاينة العودة إلى أوطانهم ومغادرة فلسطين قبل ألا يتمكنوا من ذلك”.
هذا الأمر عزز القناعة بأن القول اليمني المهدِد للملاحة الجوية أمر لا ينبغي تجاهله، ولذلك كان تعليق الرحلات من كبريات الشركات العالمية حتى منتصف الشهر القادم أمراً فيه مصلحة لهذه الشركات. نذكر من هذه الشركات، الخطوط الجوية البريطانية التي ألغت جميع رحلاتها من وإلى “إسرائيل” حتى 15 يونيو القادم، وشركة طيران “إيبريا إكسبرس” الإسبانية التي مددت إلغاء رحلاتها من وإلى الكيان الى بداية الشهر. وأخرى مثل شركة الطيران اليونانية وشركة ايربالتيك وشركة إير يوروبا وشركة إير فرانس-كيه.إل.إم، وشركة دلتا إيرلاينز، وشركة آي إيه جي، وشركة ايبيريا اكسبريس، وشركة إيتا إيروايز الايطالية، وشركة لوت البولندية ومجموعة لوفتهانزا الألمانية التي تشمل أيضا شركات “سويس” و”النمسا للطيران” و”بروكسل للخطوط الجوية”، وشركة رايان اير الاوروبية، وشركة يونايتد ايرلاينز، وشركة ويزار المجرية.
والأحد نقل موقع “واللا” العبري عن مسؤولين بما تسمى “وزارة المواصلات الإسرائيلية” تأكيدهم تراجع نشاط مطار اللد ” بن غوريون” (أكبر المطارات الصهيونية) إلى ما دون الثلث. وبحسب المصادر سجل المطار انخفاضا في حركة المسافرين إلى ما دون 26%، في حين سجلت حركة الطيران انخفاضا أيضا إلى نحو 34%.
يؤكد المراقبون بأن هذا الواقع يكشف عن متغيرات وتحولات استراتيجية جديدة على صعيد موازين القوى وقواعد الاشتباك، ينبغي التعاطي معها كحقائق ومسلمات، وسيكون من الغباء تجاهلها أو تجاوزها، فالاستباحة الغربية للمنطقة لم تعد تتوفر لها تلك البيئة القابلة بها، والتمادي الإسرائيلي المفتوح بالعبث بحياة الفلسطينيين لم يعد قابلا للحياة.
فحتى وقت قريب ظل مسار الاستهداف الغربي الأمريكي للمنطقة يتسم بالكثير من التمكين لجهة الاستباحة للمكان والزمان، ولفرض خطط وتصورات ليس لشعوب المنطقة فيها ناقة ولا جمل، وهو ما بات اليوم مشكوكاً في امكانية استمراره على ذات النحو بعد ظهور القدرات اليمنية الفتية.
وتذهب التقارير والتحليلات إلى الاتفاق على أن القوة اليمنية أصبح لها حضورها المؤثر في تغيير مسار الأحداث، مستندة على جملة ما أفرزت عنها المواجهة من نتائج، وكان اليمن فيها طرفا قويا وقادرا على فرض معادلات جديدة.
كما استندت تحليلات الخبراء لهذا الطرح، على منطلقات اليمن الثابتة في هذه المواجهة إلى جانب الإيمان بجدوى وحتمية التحرك. يؤكد الخبراء أن الفعل اليمني -منذ إعلان الدخول في معركة الإسناد للشعب الفلسطيني ومواجهة عدوان الكيان الإسرائيلي على غزة- استند إلى قواعد قانونية وأخلاقية وإنسانية، ولذلك كانت الثقة بصوابية التحرك في مستوى يؤهله للاستمرار والتصعيد وتوسيع نطاق المواجهة.
من هنا كانت مراحل التصعيد اليمنية في عملية الإسناد تتسم بالثقة والجرأة والقدرة على التأثير، لذلك كان من نتائج هذا التحرك بهذه العوامل أن تجاوز السلاح اليمني حدود المعركة مع الكائنات الأمريكية والإسرائيلية إلى فرض واقع جديد للمنطقة، يمنع عنها أي تدخلات لإعادة تشكيلها وفق مصالح أمريكا و”إسرائيل”.
يؤكد الخبراء أن أمريكا غامرت حين دخلت المعركة قبل أن تحدد طبيعة هذه المعركة، وغامرت عندما لم تستفد من معطى الحالة اليمنية التي كانت ولا زالت منذ عشرة أعوام تشهد تصاعدا بيانيا على مستوى القوة والتكتيك والحضور والتأثير والقدرة على التغيير، كما أن أمريكا غامرت في عدوانها على اليمن عندما لم تقرأ واقعها وظروفها التي لا تؤهلها للاستمرار -كما اعتادت- على منهجية الضربة الخاطفة وفرض الإرادة في يوم وليلة، واعتبر المراقبون كل ذلك مؤشرا على أن أمريكا قد ركنت إلى حالها، متصورة أن هيبتها لا تزال تمثل نصف أسباب الانتصار في المواجهة، لذلك ظهرت بليدة في تقدير الأمور مع اليمن.
تقارير أمريكية أكدت أن استناد اليمن على مسائل قانونية وإنسانية منحته مصداقية أكبر، وجذبت لموقفه تأييدا لا بأس به على مستوى عالمي، وأن اليمن -في سياق الدفاع عن الثوابت ورفض الانتقائية والازدواجية الدولية عند ما يتعلق الأمر بالحقوق العربية والإسلامية- أصبح العنصر الفاعل الوحيد المؤثر في “الشرق الأوسط”، وربما هو الممثل لهذه المنطقة من العالم، فيما يمثل آخرون الجهات الأخرى من العالم.
تُسلِّم الكثير من التحليلات بأن ما صارت إليه مواجهة أمريكا مع اليمن من انسحاب، وبهذا الشكل المخزي الذي لم يشهد تاريخها مثيلا له، هو نتيجة مؤكدة على أن قطبية أمريكا قد انتهت صلاحيتها، ولولا أن الخوف لا يزال يسيطر على معظم الأنظمة العربية لكان التحول قد صار في المنطقة دفعة واحدة، بحيث لا يبقى الحضور الأمريكي من ذات الموقع الذي يتيح لها فرض الإملاءات والتدخل في الشؤون الداخلية للدول.
تؤكد التحليلات بأن تغيير موازين القوى العالمية يبدأ من المنطقة العربية، التي تحتضن أهم مقومات القوة من الثروات والممرات الاستراتيجية، وأن تشكيل المنطقة يبدأ من الأراضي المحتلة. لذلك تستمر المؤامرة لسلب الشعوب العربية كل عوامل القوة، مع ذلك، وطالما وأن أكثر من (75) عاما لم تستطع “إسرائيل” خلالها تجاوز المكان الجغرافي الذي تحتله مع كل أشكال الدعم الذي تلقته من دول الغرب، فإنه لن يكون بإمكانها اليوم فعل شيء من هذا، وقد ظهرت تعقيدات حديثة