الكيان الصهيوني مغلق بسبب العمليات اليمنية
أفق نيوز|
. تقارير | وديع العبسي
في يوليو الماضي قرّر الكيان الصهيوني إغلاق ميناء “أم الرشراش” عقب حصار بحري خانق فرضه اليمن على ملاحته البحرية. استمرت القوات المسلحة اليمنية تراقب سريان قرار الحظر، فيما بدأ العدو يعيش واقعًا لم يكن في حسابه أن يُفرض عليه، وهو الذي اعتاد أن يهاجم ويعتدي ولا يلقى رد فعل يتجاوز الإدانة والشجب والتنديد.
مع بدء العدوان الصهيوني البربري على قطاع غزة بتلك الوحشية غير المعهودة في الحروب أعلن اليمن معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس” ضد كيان العدو إسنادًا لغزة، وعقب الإعلان شهد العالم من صنيع القوات المسلحة اليمنية ما نسف واقعية الترويج للتصنيفات الغربية التي حددت دولًا بذاتها لا يتجاوز عددها أصابع اليد كقوى عظمى أو تمتلك جيوشًا لا تقف أمامها تحديات، إذ ظهر الجيش اليمني مفاجئًا، أثار الكثير من القلق، ودفع تلك القوى لمراجعة الحسابات وإدخال اليمن ضمن التحديات.
وخاضت القوات المسلحة المعركة عن وعي بمتطلباتها، خصوصًا وأن العدو هو الكيان الصهيوني المنفلت من أية ضوابط في عدوانه الهمجي على غزة، والمعتمد كليًا على الدعم الأمريكي والغربي، واعتمدت القوات اليمنية النقلات التصاعدية ورفع مستوى العمليات في التكتيك واستخدام التقنيات المناسبة، وصولًا إلى اتخاذ إجراءات أشد إيلامًا على العدو، ونجحت في فرض الحصار عليه.
توقفت الملاحة البحرية للعدو عقب تأكيد اليمن بأن قراراته ليست للمزايدة أو لجذب الإعجاب، وإنما لرد وحشيته وتأديبه على تماديه في ارتكاب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وعزز ذلك تأكيد الكثير من القانونيين الدوليين بأن اليمن ينفذ ما كان على العالم تنفيذه بحماية القانون الدولي من الانتهاك الذي يتعرض له على يد الكيان المارق.
مع تزايد شعور الكيان بالاختناق البحري صعّد وزاد من إجرامه في غزة، تاركًا أمر الجبهة اليمنية لأمريكا وبريطانيا، فقدمت الدولتان أفضل قدراتهما، إلا أنهما انتهتا إلى انتكاسة مشهودة، فكان الانسحاب أسلم من المغامرة بالسمعة واستنزاف القدرات وهما يتلقيان الضربات المتوالية والموجعة من الجيش اليمني.
هنا وجد العدو نفسه وحيدًا في مواجهة اليمن، إلا أن ذلك لم يردعه عن التطاول، وذهب إلى تنفيذ هجمات عدوانية أكثر عنفًا، كانت في كل مرة تستهدف الأعيان المدنية وتقتل الأبرياء من الأطفال والنساء، تمامًا كما يمارس في كل مواجهاته. فواجه اليمن التصعيد بالتصعيد، ووسع من دائرة الاستهداف، من البحر الأحمر وباب المندب إلى خليج عدن والبحر العربي، إلى المحيط الهندي والبحر المتوسط، وأصبحت سفن كل شركات الملاحة التي ترتبط بالكيان في مرمى الصواريخ والطائرات المسيرة، الأمر الذي جعل بعضها تتخذ معالجات انتحارية أو مكلفة، فيما البعض الآخر اتخذت قرارها بقطع العمل مع العدو لما يمثله من خطر على نشاطها التجاري.
عاش الكيان الصهيوني مرارة الحصار، وبدأ خبراء الاقتصاد في داخل الكيان وخارجه بتحديد أوجه الانهيار، وحساب رقم الخسائر، كاشفين عن وضع متدهور جراء استمرار سريان القرار اليمني بمنع وصول السفن إلى ميناء أم الرشراش “إيلات”، بينما لن يكون لأمريكا أن تضمن استمرار حبلها السري المغذي للعدو بما يمكنه من امتصاص آثار هذا الحصار.
ومثّل نجاح القرار اليمني -بفرض الحصار على “إسرائيل”- مستجدًا كارثيًا، فهو يطمح لإحداث تغييرات على وجه خارطة المنطقة، إلا أن ذلك صار أمرًا معقدًا ولن يمكن السير فيه، بينما المعضلة اليمنية صارت صخرة عثرة، ولا يمكن تجاوزها.
تؤكد صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية أن “اليمنيين يسيطرون على مضيق باب المندب، أحد أهم نقاط الاختناق البحري في العالم، وقد أدى نشاطهم إلى تعطيل حركة الشحن (الإسرائيلية) في البحر الأحمر، ورفع تكاليف النقل والتأمين، وأضر بسلاسل التوريد”. وقالت الصحيفة إن العمليات البحرية للقوات المسلحة اليمنية كبّدت العدو “خسائر اقتصادية تُقدّر بمئات المليارات من الدولارات”.
وفي ظل صعوبة الاستيراد والتصدير واتساع وتعليق شركات تجارية التعامل مع العدو، واصل القطاع الزراعي “الإسرائيلي” حالة الركود الذي وصل مستوى خطيرًا، إذ “بقيت المساحات المزروعة عند حدود 4.2 ملايين دونم منذ سنوات، فيما ارتفعت أسعار الفاكهة والخضروات بنسبة 25% فوق المعدلات العالمية”.
نجحت الإرادة اليمنية في إعلاء صوت المقاومة، وفي الإبقاء على مأساة غزة حاضرة في الاهتمام الإعلامي، وفي الشارع العالمي، بالموقف الشجاع الذي لم يقف عند حدود الكلام وبيانات التنديد، وإنما رفع من نبرة التحذير والوعيد، ثم أعقب ذلك بترجمة الرفض للممارسات الصهيونية إلى فعل جرّع العدو الصهيوني خسائر كبرى.
واستسلم العدو للعجز، وصار الخيار المتاح أمامه هو إطلاق صافرات الإنذار، واللجوء إلى الغرف المحصنة. ومع هذا العجز بدأ الغاصبون بدفع نتيجة حماقات قادة حكومتهم الدموية من قوتهم وأمنهم، لتتراجع معه -على مستوى الداخل والخارج- حالة الثقة بإمكانية قيام الكيان الصهيوني على تثبيت وجوده وحماية المغتصبين”، فكان الحصار البحري العامل الأول الذي أسفر هذا الواقع “المريض” للكيان.
بالتحول بعمليات “الفتح الموعود والجهاد المقدس” إلى مستوى أعلى وأكثر إيلامًا للعدو، اتجهت القوات المسلحة إلى مطاراته، وهنا كانت أمريكا والعالم المنافق يتابعون بحذر هذا التحول، في محاولة لقراءة ما يهدف إليه اليمن، ولم يستغرق الوقت طويلًا ليأتي الإعلان اليمني صريحًا، بفرض حصار جوي على الكيان الصهيوني.
استخفاف العدو المتغطرس بهذا التحول صُدم بمآل أسوأ، حيث دخل في حالة حصار شبه كلي، إذ نجم عن الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة مدعومة بالتكتيكات ودقة التقنية حصارٌ جوي مقلق ومربك، زاد من فداحة سوء الوضع وضعفه عن النهوض. كبريات الشركات العالمية بلغت مستوى من القناعة بأن الكيان أصبح مكانًا غير آمن، لتتخذ قرار مقاطعة تسيير الرحلات إلى مطاراته. ويؤكد الإعلام العبري أن استهداف المطارات الإسرائيلية داخل فلسطين المحتلة تسبب في تآكل التفوق الجوي الصهيوني، ونتج عن ذلك عجز عن حماية منشآته الحيوية، وانكشاف لعورة منظومة الدفاع الجوي، الأمر الذي أظهر للعالم -بالتوازي- تحول “اليمن من مرحلة الرد الدفاعي إلى مرحلة الردع الهجومي المؤلم”.
دخول مطار “رامون” ضمن بنك الأهداف للقوات اليمنية أثار جدلًا واسعًا في الوسط النخبوي الصهيوني بشقيه السياسي والعسكري إلى جانب الخبراء والمحللين، إذ مثّل وصول المسيرات اليمنية -بعد اختراقها كل الحواجز التقنية والرادارية- مؤشرًا على انهيار منظومة الدفاع الجوي للعدو، وسقوط تفوقه الجوي، والأخطر من ذلك -حسب الخبراء- “قدرة المسيرة اليمنية على التخفي، واجتياز المراقبة الإلكترونية المعقدة دون أن تُكتشف أو تُعترض”.
ووصفت صحيفة “تايمز أوف إنديا” استهداف مطار “رامون” أنه اختبار جديد لقدرة كيان العدو على حماية منشآته الحيوية. مبينة أن الارتباك الذي أصاب حركة الملاحة الجوية يؤكد محدودية القدرة الصهيونية على تأمين مطاراتها البعيدة، وأن التداعيات تتخطى حدود غزة، لتفرض نفسها على المجال الجوي برمّته.
وأن يلجأ جهاز الموساد الصهيوني للطلب من “جوجل” بأن يزيل جميع الصور المتعلقة بالأراضي المحتلة من خرائطها الإلكترونية فإن ذلك يعكس -من جهة- حالة يأس وإحباط، ومن جهة أخرى يعكس قناعة تامة لدى العدو بأن العمليات اليمنية أصبحت تشكل تهديدًا استراتيجيًا له، وقد أصبحت قادرة على الوصول إلى المواقع الحساسة، وهو الأمر الذي برز أكثر عقب وصول الهجمات اليمنية خلال الأسابيع القليلة الماضية -وبشكل متكرر- إلى منطقتي ديمونة والنقب، التي يوجد فيها أكبر المفاعلات النووية للعدو.
مع هذه الاستمرارية في تنفيذ العمليات رزح الكيان تحت الحصار جوًا وبحرًا، وأصبحت محاولات فك هذا الحصار مسألة صعبة وشبه مستحيلة، خصوصًا مع إحكام اليمن قبضته، ومع فشل مساعي العدو -بمساعدة أمريكية- لتحقيق ردعٍ ما. ويعيش الكيان حاليًا حالة من العزلة المتزايدة. حسب صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية.
موقع أنصار الله .