أفق نيوز
الخبر بلا حدود

أزمة غير مسبوقة تضرب حزب الإصلاح في معقله الرئيسي بمدينة تعز

40

أفق نيوز|

تقرير | هاني أحمد علي: يعيش حزب الإصلاح أزمة وجودية غير مسبوقة في مدينة تعز، معقله الرئيسي منذ بدء العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن.

هذه المدينة التي طالما اعتُبرت قاعدة شعبية قوية لجماعة الاخوان، تشهد اليوم انهيارًا أخلاقيًا وشعبيًا مروعًا لصورة الإصلاح، على وقع جرائم متكررة كان آخرها اغتيال “افتهان المشهري”، مديرة صندوق النظافة، والتي هزت الوجدان الجمعي اليمني، وكسرت حاجز الخوف من مساءلة هذا الحزب المتنفذ.

في السنوات الأولى من العدوان “2015 – 2017″، قدّم الإصلاح نفسه كمحرر لتعز، مستغلًا حالة الفراغ العسكري والدعم الإقليمي، ليتحوّل لاحقًا إلى سلطة أمر واقع تدير المدينة عبر مليشيات مسلحة موالية لتحالف العدوان والاحتلال وتحت غطاء ما يسمى الشرعية.

خلال هذه الفترة استُبعدت جميع القوى الوطنية والمستقلة من المشاركة في إدارة مناطق تعز المحتلة، حيث أُنشئت أجهزة موازية للجيش والشرطة مرتبطة بولاءات حزبية “الإصلاح”، والتي سيطرت فيما بعد على الإيرادات والمؤسسات المحلية، بالإضافة إلى انتشار الجريمة المنظمة، والاغتيالات، وعمليات النهب والسطو، دون محاسبة.

كل ما سبق، لم يكن وليد اللحظة، بل هو انعكاس عميق لأدبيات حزب الإصلاح في إدارة المناطق المحتلة بتعز، وهو ما نتج عنه التمكين الحزبي بدل بناء الدولة، تصنيف الخصوم على أساس الولاء أو العداء، شرعنة العنف ضد من يُصنّفون أعداء المشروع الإسلامي، وأخطرها تطويع النص الديني لتبرير القتل السياسي.

 

اغتيال افتهان المشهري .. الشرارة التي فضحت المستور

رغم السجل الإجرامي الكبير والطويل لجماعة الاخوان في اليمن، إلا أن اغتيال امرأة مسؤولة في وضح النهار، على يد ميليشيا تنتمي مباشرة لقيادات عسكرية تابعة للإصلاح، كان تحولًا صادمًا للشارع في تعز، حيث والقاتل محمد صادق المخلافي، محسوب على كتائب يقودها مقربون من قيادات إصلاحية.

الحماية وفرتها شخصيات نافذة داخل الحزب، بينهم قيادات عسكرية ومدنية، أما الحصانة فقد ظهرت عندما فُضحت محاولات عرقلة الحملة الأمنية لمداهمة منزل القاتل، وبالتالي هنا سقطت ورقة التوت عن خطاب الإصلاح المعتاد، القائم على “المدينة مخترقة من خصومنا”، “جرائم فردية”، “استهداف لحزبنا المقاوم”.

هذه الحادثة لم تُفجر الغضب الشعبي فقط، بل أحدثت انشقاقًا داخليًا في الإصلاح نفسه، ولأول مرة، يتم تغيير الحاكم العسكري في مناطق تعز المحتلة من “سالم المخلافي إلى محمد القدسي” في ظل خلافات داخلية، كما أن نخب إصلاحية معروفة تبرأت علنًا من ممارسات الجناح العسكري للاخوان، أصوات شبابية داخل الحزب بدأت تطالب بمراجعة شاملة.

هذه التغييرات، ليست سوى محاولة للالتفاف على الانفجار الشعبي، وليست تراجعًا عن الخطاب والممارسة المتطرفة الإجرامية.

 

قضية المشهري تتجاوز البعد الجنائي

في الوقت الذي لا تزال فيه مدينة تعز تحت تأثير الصدمة جراء اغتيال مديرة صندوق النظافة والتحسين “افتهان المشهري”، بدأت تتكشف أبعاد جديدة ومعقدة لهذه الجريمة، حيث تشير المعطيات إلى أن ما حدث هو جزء من تصفية سياسية وأمنية مركبة في واحدة من أعقد ساحات النفوذ داخل اليمن.

ما يزيد القضية تعقيدًا هو رفض حزب الإصلاح تسليم كافة المتورطين رغم الضغط الشعبي المتصاعد، في وقت تكشف فيه منصات إلكترونية ووسائل إعلام محلية عن صلات مناطقية وعسكرية وجغرافية حساسة قد تعيد ترتيب الأوراق في تعز المحتلة وما حولها.

وأشارت تقارير حديثة إلى أن افتهان المشهري تنتمي لعزلة “المشاولى العليا” في مديرية الشمايتين بالحجرية، وهي المنطقة التي تنتمي إليها قيادات بارزة في التيار المدني والناصري والاشتراكي، وتعتبر تاريخيًا في صراع سياسي مفتوح مع نفوذ القيادي الإصلاحي الخائن والعميل صادق سرحان وميليشياته المسلحة.

لكن الأهم أن تلك المنطقة أيضًا شهدت في سنوات العدوان الأخيرة نشوء ميليشيا مسلحة ممولة خليجياً بقيادة “المخلافي”، قرب باب المندب، وهي منطقة استراتيجية تربط بين تعز والساحل الغربي، وكذا صراع خفي بين القوى الوطنية في الحجرية وبين الأجنحة العسكرية للإصلاح حول إدارة نفوذ باب المندب والمخا وذباب.

وهذا يعني أن اغتيال “المشهري” لم يكن بالضرورة بسبب صراعات إدارية على موارد صندوق النظافة فحسب، بل قد يكون جزءًا من صراع نفوذ أكبر بكثير، له امتدادات إقليمية  وجغرافية تتصل بخطوط التجارة الدولية والسيادة البحرية.