أفق نيوز
الخبر بلا حدود

عملية خاطفة تُسقِط جنودًا وعملاءً للعدو الصهيوني.. تكتيك عسكري وإعلامي يضاعف مكاسب المقاومة وخسائر “الكيان”

41

أفق نيوز|

أعلنت كتائب القسام اليوم الأربعاء، عن عملية عسكرية نوعية طالت العدو الصهيوني وعملائه قبل نحو شهرين ونصف، ليحمل الإعلان عنها في هذا التوقيت، جُملةً من الرسائل والمكاسب متعددة الأوجه.

العملية النوعية نفّذتها المقاومة في 27 يوليو الماضي، بريف مدينة رفح، حيث استدرجت قوة راجلة صهيونية مرافقة بعناصر عملاء إلى “عين نفق” مفخخة في حي النهضة، ثم فجّرتها عن بُعد، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى ورصد هبوط طيران مروحي “اسرائيلي” لعمليات الإخلاء والإجلاء والانتشال.

الإعلان الآن عن تفاصيل العملية، بعد مرور نحو شهرين ونصف على تنفيذها، يمنح للحادث بعدًا استراتيجيًا يتجاوز الحصيلة الميدانية المباشرة، فالنجاح في استدراج قوة برية وتجهيز مصيدة هندسية محكمة ومعرفة هوية العناصر المستدرجين، يكشف عن مستوى متقدّم من التنسيق الاستخباري والقدرة الميدانية على مزج المعلومات والتحرك التكتيكي بما يضمن إصابة الهدف في الوقت والمكان المناسبين.

كما أن تفجير “عين نفق” ضد عناصر متحركة بدلاً من استهداف مواقع ثابتة، يعكس خيارًا تكتيكيًا واضحًا، فهو من جهة يرفع تكلفة أي محاولة تقدم بري ويقلص مجال المناورة أمام قوّات العدو في ساحات المواجهة، ومن جهة أخرى يجعل العدو يشعر بأن عثوره على الأنفاق لم يعد انجازاً، بل قد يكون فخاً يخلق انتكاسةً عسكرية وأمنية واستخبارية وخسائر مضاعفة.

ومع الاستهدافات الأخرى التي تباغت العدو في متارسه ومراكز تموضعه، فإن هذه العملية تؤكد أن التحرك والبحث عن أنفاق المقاومة بات مغامرة قاتلة، ما يجعله يدرك أن الاقتراب من “عرين الأسود” مسار مُميت.

كما ترسّخ العملية للمجتمع القاطن في غزة سواءً محليين أو غير محليين، بأن أي محاولة للتعاون مع الاحتلال محكومة بعواقبها القاتلة، وهو الأمر الذي يضرب آليات الاختراق الاستخباري ويضعف قدرة العدو على الاعتماد على شبكات محلية في جمع المعلومات أو التجنيد بكل أشكاله، لتبدو خيارات العمليات البرّية والتوغل مسألة في غاية الكلفة.

وفي هذا السياق، جاء ما كشفته هيئة البث الصهيونية اليوم، ليضيف دليلًا عمليًا على صدق هذه المعادلة؛ إذ أقرت بأن القتيل الرابع الذي أعيدت جثته إلى سلطات الاحتلال، هو عميل فلسطيني كان يتعاون مع “الجيش الصهيوني” في تمشيط الأنفاق في جباليا، فهذا الاعتراف، وإن جاء متأخرًا، يكشف أن هناك العديد من الضربات المماثلة لعملية الـ27 من يوليو، وهو ما يؤكد كثافة الاستهدافات الدقيقة لبنية الاحتلال الاستخبارية وعناصره العميلة، الأمر الذي يعزز القراءة القائلة إن المقاومة باتت تخوض معركة مزدوجة ضد عناصر “الجيش الصهيوني” وعملائه في آنٍ واحد، وتقلب أدوات العدو ضده.

أما عن التوقيت الإعلامي للإفصاح عن العملية بعد مرور نحو شهرين ونصف، فهذا جزء من استراتيجية أوسع، تهدف إلى إبقاء سجّل خسائر العدو مرتفعاً ومستمراً في الظهور أمام الرأي العام “الإسرائيلي” والعالمي، فهذه الاستراتيجية الإعلامية لا تكتفي بتسجيل نجاح ميداني لحظة الحدوث، بل تحول كل عملية إلى ورقة ضغط سياسي ومعنوي، تزيد من هشاشة رواية العدو عن السيطرة والأمن، وتضاعف الضغوط داخليًا لدى قواعده العسكرية والمجتمعية.

من الناحية النفسية، تثمر مثل هذه العمليات في رفع معنويات الجمهور الفلسطيني والمقاتلين المقاومين، بينما تغذي القلق لدى جنود وقيادات العدو حول موثوقية المعلومات الميدانية ومصير مقاتليه الذين لم يعلن العدو حقيقة محطتهم الأخيرة.

ختامًا، كمين 27-7 يعتبر مؤشر على ديناميكية مقاومة قادرة على إنتاج خسائر متتابعة وتأثيرات استراتيجية، فاستهداف الجندي والعميل معًا في عملية هندسية مخططة يُحوّل المواجهة من صدامات آنية إلى معركة أكثر اتساعًا على مستوى المعنويات والقدرات الاستخبارية، ويؤكد أن قواعد الاشتباك والمخاطر الميدانية أعيدت كتابتها على الأرض، فضلاً عن قدرة المقاومة على توظيف أنفاقها بما يحقق خياري الدفاع والاحتماء من جهة، والمباغتة وتنفيذ العمليات “الهجومية” الخاطفة من جهةٍ أخرى.