أفق نيوز
الخبر بلا حدود

الهدنة كغلاف سياسي: أدوات التوسع والفرض الصهيو-أمريكي على حساب سيادة المنطقة

30

أفق نيوز|

تتصاعد في المشهد الإقليمي محاولات مكثفة بقيادة واشنطن وبغطاء من كيان العدو الصهيوني، لا تهدف إلى وقف العدوان الشامل على غزة، بل إلى تغيير شكله واستغلال الضبابية والهدن المؤقتة لـ توسيع الاستباحة وفرض مشاريع مشبوهة.

فبدلًا من إنهاء الإبادة، يسعى المحور الصهيوأمريكي لتوظيف الأزمة الإنسانية الحادة كغطاء لإدارة العدوان عبر صيغ إدارية ومؤسساتية تُصنع خارج الإرادة الفلسطينية، هدفها الجوهري هو تفريغ القضية الوطنية من محتواها، نزع سلاح المقاومة، وتمرير التطبيع في المنطقة عبر مفاوضات مشروطة بالتنازل عن السيادة والحقوق.

وفي قراءة تحليلية قدّماها الخبير السياسي عدنان الصباح والكاتب الصحفي خالد بركات عبر شاشة قناة المسيرة، تبلورت خلاصات تشير إلى أن ما يُسمّى مبادرات الحلّ ليست سوى إدارة للأزمة لا حلًّا لها، وأن الهدف الأبعد يكمن في إخراج القرار الفلسطيني من يده وتحويل القضية إلى ملف إداري وتطبيعي.

إدارة العدوان وليس وقفه

في هذا الصدد يرى عدنان الصباح أن كيان العدو الصهيوني لم يتخلّ عن هدف الحرب، بل غيّر أدواتها وطريقة إدارتها، بحيث تحوّل العنف المباشر إلى “حرب متغيرة” تعمل عبر مراعاة الضغوط الدولية واستغلال الهدن المؤقتة لامتصاص الغضب العالمي ورفع الحصار الدبلوماسي عن دولة الاحتلال.

ويؤكّد الصباح في حديثه للمسيرة صباح اليوم أن إعلان ما يُسمَّى “التهدئة” لم يكن إلا خطة إنقاذية تهدف إلى احتواء ضغوط الشارع في عواصم حلفاء الكيان المؤقت، ثم مواصلة العدوان بأدوات أكثر تنظيمًا وفعالية.

وأشار إلى أن الهدف من فرض “قوة استقرار” مدَّعى، أو إدارة دولية للقطاع، هو نسخة مُنقَّحة لتجربة لبنان؛ هو دفع السلطة المحلية إلى مواجهة المقاومة وخلق توترات داخلية فلسطينية تُمهّد لفرض حلول مجتزأة تفرّغ القضية من مضمونها الوطني، محذّرًا من أن أي مشروع دولي لا يسبقه وقف حقيقي وفوري للعدوان ورفع شامل للحصار وفتح كامل للمعابر سيبقى غطاءً للتصفية والتنازل.

المماطلة وسلاح الزمن

من جهته، أكّد الخبير والكاتب خالد بركات أن واشنطن وكيان العدو الصهيوني يسعيان لاستثمار مرحلة الضبابية والمماطلة لانتزاع تنازلات سياسية وأمنية من المقاومة، معتمِدين على زمن التهدئة كسلاح لإضعاف القدرات وإحداث فراغ سياسي قادر على استيعاب مشاريع “إدارة دولية” أو “حكومة مؤقتة” تخرج القرار الفلسطيني من سلطته.

ولفت بركات في حديث لقناة المسيرة صباح اليوم إلى أن الكيان المؤقت لا يقبل بأي تواجد لقوات دولية غير صهيونية لأنها قد تُعيق أهدافه، لذا فإن أي قوة مقترحة ستخدم بالأساس السياسة الأميركية ـ الصهيونية، ولن تكون بديلاً عن السيادة الفلسطينية.

وربط بركات بين محاولات فرض هذه المشاريع والتجارب الإقليمية، مستشهدًا بقدرة الشعب اليمني على الصمود كدليل على أن المقاومة قادرة على إفشال المخططات، ومشددًا على أن ثبات الموقف الوطني هو الطريق الوحيد لحماية الحقوق والهوية.

ملفات جوهرية على المحك

واتفق المحلّلان على أن ملفات مثل فتح المعابر، دخول المساعدات والخيام والكرافانات، وتسليم الجثامين، هي مؤشرات عملية لا كلامية لنية الجانب الآخر، واعتبرا أن توظيف موضوع خروج مقاتلي المقاومة من مناطق محددة أو وجودهم داخل “الخط الأصفر” يُستخدم سياسيًا كذريعة للابتزاز، ومحاولة لفرض تفاهمات تُقايض السلاح بالوعود، وهو ما ترفضه المقاومة مبدأً وعملاً.

وحذّرا من أن أي قوة دولية تُفرض من دون مشاركة فلسطينية كاملة وبدون ضمانات لوقف العدوان ورفع الحصار ستكون ذريعةً لتشريع تدخل أجنبي في شؤون القطاع وتقييد خيار المقاومة والتفريط بالسيادة.

 

في نهاية التحليل، يؤكّد متابعو المشهد أن المواجهة اليوم لم تعد مجرد خيار بل واجبٌ وطني، وأن محاولات كيان العدو الصهيوني وشريكه الأمريكي لتمرير مشاريع في صورة “حلول” مؤقتة بغطاء دولي لا تُغيّر من الحقيقة الأساسية.

يبقى النصر مرتبطًا بتمسّك الشعب والمقاومة بثوابتها ورفض أي تنازلات تمس السيادة والكرامة والحقوق، وأي مشروع لا يسبقه وقفٌ حقيقي للعدوان ورفعٌ شامل للحصار وفتح المعابر هو مشروع تفريغ سياسي يهدف لتمرير التطبيع ونزع سلاح المقاومة وطمس القضية الفلسطينية عبر صيغ إدارية ومؤسساتية ابتُكرت في مكاتب العدو وحلفائه.

فيما يظل المشهد الإقليمي اليوم رهينَ إرادة الصمود؛ ففي ظل تصاعد المخططات الأمريكية والتحرّكات الصهيونية لاستغلال الإبادة في غزة لفرض التطبيع وإعادة تشكيل الجغرافيا ونزع سلاح المقاومة في لبنان وفلسطين، تظل المقاومة في كلتا الساحتين حائط الصد الأخير، ومحاولات كيان العدو الصهيوني اليائسة لاستثمار خروج المجاهدين من رفح وغياب مواقف الضامنين لن تغيّرَ حقيقةَ أن النصر النهائي مرهون بالتمسّك بشروط المقاومة وإفشال مخططات واشنطن وحلفائها لتعميق الفوضى وإطالة أمد السيطرة على المنطقة.