أفق نيوز
الخبر بلا حدود

شهداء في غارة صهيونية استهدفت سيارة في العمق اللبناني

29

أفق نيوز|

شهد عمق الجنوب اللبناني، عصر اليوم الاثنين، عدوانًا صهيونيًّا غادرًا، حيث استهدفت طائرة مسيّرة للعدوّ الإسرائيلي سيارة مدنية على الطريق الواصل بين بلدتي “القنيطرة والمعمارية” في قضاء “صيدا الزهراني”، وصباحًا ألقت المحلقات المعادية قنابل صوتية على بلدة “حولا” وبين بلدتي “علما الشعب والضهيرة”.

وأفادت وسائل الإعلام اللبنانية؛ بأن مسيرة تابعة لجيش الاحتلال كانت تحلق على علو منخفض فوق المنطقة قبل أن تطلق صاروخًا موجهًا أصاب بشكّلٍ مباشر سيارة كانت تسلك الطريق بين “القنيطرة والمعمارية” جنوبي مدينة “صيدا”؛ مّا أسفر عن ارتقاء ثلاثة شهداء وإصابة آخرين، في خرقٍ جديد لاتفاق وقف الأعمال العدائية.

وأكّدت الوسائل أن غارة من مسيّرة صهيونية استهدفت مركبة في البلدة المذكورة، وأن 3 أشخاص ممّن كانوا داخل السيارة المستهدفة قد أصيبوا جراء الغارة؛ قبل الإعلان عن استشهادهم لاحقًا، مبيّنةً أن من بين الشهداء الثلاثة “جندي في الجيش اللبناني”.

وعرضت وسائل إعلام مختلفة صورًا ومقاطع فيديو من مكان الحادث أظهرت دمارًا كاملاً في المركبة واشتعال النيران فيها، حيث سارعت فرق الإسعاف والدفاع المدني إلى المكان لإخماد الحريق ونقل الجثامين والمصابين إلى المستشفيات القريبة.

وشدّدت المصادر أن هذه الغارة تكتسب أهمية جغرافية، كونها استهدفت منطقة تُعد الأبعد نسبيًا عن الحدود اللبنانية الجنوبية؛ ممّا يعكس إصرار الاحتلال على اتباع “نمط الاغتيالات اليومي” الذي يطال سيارات ودراجات نارية في مختلف المناطق اللبنانية، متجاوزًا حدود الخط الأزرق وصولاً إلى قلب البلدات والجبال.

وفي سياق الرواية الصهيونية والسياق السياسي، أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي بيانًا مقتضبًا زعم فيه استهداف “عناصر من حزب الله” خلال الغارة، مدعيًّا أنها تأتي في إطار “تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار ومنع خروقات الحزب”، حدّ زعمه.

وإضافةً للعدوان الجوي، لفتت مصادر ميدانية جنوبي لبنان إلى أن الموقع الصهيوني المستحدث داخل الأراضي اللبنانية في منطقة “اللبونة” استهدف مساء اليوم، “أحراج المنطقة بأربع قذائف هاون”، وتأتي هذه الاعتداءات الجديدة ضمن سلسلة تجاوزت الألف غارة منذ نوفمبر العام الماضي، وفي توقيتٍ سياسي حساس يسبق زيارة المجرم نتنياهو إلى واشنطن.

وفيما تُشير مصادر محلية إلى أن العدوّ الإسرائيلي قد يتجنب التصعيد الشامل قبل الحصول على “ضوء أخضر” أمريكي، لكنه يستمر في الدفع باستراتيجية “نزع سلاح المقاومة” وليس فقط تحييده، في كافة الأراضي اللبنانية؛ يتعامل لبنان مع هذا الملف على أنه قام بدوره ويرمي الكرة في الملعب الأمريكي، الذي بات هو “الطرف والوسيط والضامن”.

وبالتزامن، برز تطور سياسي لافت خلال زيارة وزير الدفاع الإيطالي لبيروت ولقائه برئيس لبنان العماد جوزيف عون، ولأول مرة، أشار بيان رسمي صادر عن رئاسة الجمهورية إلى مناقشة مقترح “قوة دولية أو أوروبية بديلة” لتحل محل قوات “اليونيفيل” عند انتهاء ولايتها في نهاية عام 2027م، ويلفت عون بالدور الإيطالي في التفاوض لخفض التصعيد؛ بينما أكّد الوزير الإيطالي استعداد بلاده للمساهمة في هذه القوة المقترحة، مثنيًا على جهود الجيش اللبناني.

إلى ذلك، أوضحت وسائل الإعلام اللبنانية أن كثيرًا من الأوساط السياسية اللبنانية لا تخفي قلقها وقناعتها المطلقة؛ بأن لا وجود للكثير من الخيارات بيد الدولة اللبنانية، كون العدو الإسرائيلي لا يعتمد فقط على أسلوب التفاوض بالنار، بل يسعى إلا ترسيخها كاستراتيجية.

وأشارت إلى أنه وقبيل اجتماع “الميكانيزم” الأسبوع الماضي، واجتماع باريس مع قائد الجيش اللبناني يومها، أصدر رئيس مجلس النواب نبيه بري، بيانًا إثر سلسلة من الغارات التي استهدفت البقاع والجنوب، وربطها بشكّلٍ واضح بالتفاوض بلجنة “الميكانيزم”، وكذلك باجتماعات باريس، وأن العدو الإسرائيلي يحاول الضغط بالنار بالمعنى التفاوضي.

كما جدّدت الرئاسات اللبنانية الثلاث “رئاسة الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة” رفضها للاعتداءات الإسرائيلية، مع التأكيد على الثوابت التالية: “التأكيد على أن المسار العسكري وصل إلى طريق مسدود”، والتعويل حاليًا على “ضغط واشنطن وباريس بصفتهما الضامنتين للاتفاق”، والمطالبة بالانسحاب الكامل من “النقاط الخمس المحتلة وإطلاق سراح نحو 20 أسيرًا لبنانيًا”.

ووفقًا للمصادر؛ فقد أكّدت لبنان نجاحها في “إحراج الرواية الإسرائيلية” التي شككت في قدرة الجيش اللبناني، حيث حصلت المؤسسة العسكرية على اعتراف دولي “فرنسي، أمريكي، سعودي” بإنجاز المرحلة الأولى من بسط السلطة جنوب نهر الليطاني، وفق اتفاق وقف إطلاق النار.

الإشارة الثانية اللافتة أن الاعتداءات الصهيونية توضح أنها في الفترة الماضية تركز على منطقة شمال نهر البريطاني، وكان في البقاع الأسبوع الماضي في محيط مدينة “النبطية”، وباتجاه “تلال الريحان وسجد”، وغيرها من المواقع، وهي أيضًا شمال نهر الليطاني، أو حتى اليوم في محيط مدينة “صيدا”، والواقعة شمال نهر الليطاني.

ويعني هذا بوضوح -بحسب وسائل إعلام لبنانية- أن العدو يريد أن ينتقل لبنان الرسمي من مرحلة حصر السلاح في منطقة جنوب نهر الليطاني، إلى مرحلة حصر السلاح في شمال في منطقة شمال نهر الليطاني، وهذا ما سُمع بشكّلٍ واضح من قبل الأوساط السياسية اللبنانية عندما تقول بتسريع خطة الجيش اللبناني.

وفي هذا الإطار، يقول لبنان أن هذا الأمر ليس بالسهل، وأنه يتطلب وقت، وأنه نفّذ التزاماته، في جنوب نهر الليطاني، وهذه الخطة في مرحلتها الأولى، أيّ جنوب نهر الليطاني، وتنتهي نهاية هذا العام، وسينتقل إلى المرحلة الثانية.

ووفقًا لتسريبات نقلتها صحف محلية؛ فإن أوساط نيابية تؤكّد حصولها على تجاوب أمريكي الأسبوع الماضي، وتستدل بالموقف الصادر عن لجنة “الميكانيزم”، التي ترأسها السفارة الأمريكية في بيروت، ليس فقط في الشق المتعلق بتعزيز قدرات الجيش اللبناني؛ بل وتهيئة الظروف لإعادة السكان والأعمار، وهذا ما تعتبره إنجاز كبير بعد الكثير من القلق في الأوساط السياسية والشعبية عن موضوع عودة السكان إلى القرى الحدودية.