انقلابات الـ “لاشرعية”: حين تصبح الخيانة وجهة نظر!
أفق نيوز| عبدالله علي هاشم الذارحي
لم يكن ما يجري اليوم في المحافظات اليمنية الشرقية حدثًا طارئًا أَو مفاجئًا، بل هو حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الانقلابات المتراكمة التي مارستها القوى نفسها التي لا تزال تتجرأ على تسمية نفسها بـ “الشرعية المعترف بها دوليًّا”؛ رغم أنها لم تحترم اتّفاقًا، ولم تلتزم بتفاهم، ولم تثبت على موقف.
فمنذ الانقلاب على مخرجات الحوار الوطني، والذهاب نحو صِياغة مسودَّة دستور تقسيمية، ثم الانقلاب على اتّفاق السلم والشراكة، وُصُـولًا إلى إعادة تنصيب أنفسهم من فنادق الرياض بمسميات جديدة؛ تتوالى الانقلاباتُ بلا خجل.
لقد انقلب “هادي” على “بحَّاح”، ثم انقلبوا على هادي وشكّلوا “مجلس العليمي والثمانية”، ثم انقلب الثمانية على بعضهم البعض، وها نحن اليوم أمام الانقلاب رقم (100)، ومع ذلك لا يزالون يملكون الجرأة على اتّهام الآخرين بالانقلاب!
انقلاب الانتقالي.. نسخة مكرّرة من الارتهان
ما يسمى بـ “المجلس الانتقالي” لم يخرج عن هذا السياق، بل جاء كأدَاة جديدة ضمن المشروع نفسه.
فانقلابه لم يكن على “خصم”، بل على شركائه وحاضنته وكل التفاهمات التي تشكل تحت ظلها.
واليوم نشهد في المحافظات المحتلّة واقعًا مأساويًّا يتلخص في:
– استباحة سعوديّة إماراتية للأرض والسيادة.
– صدامات داخلية وتصدعات سياسية وعسكرية.
– رفض شعبي متصاعد في أبين وحضرموت وعدن.
– انكشاف كامل لوظيفة الأدوات كأطراف صراع بالوكالة.
وهنا يصبح السؤال مشروعًا: من الذي ينقلب فعلًا؟ هل هو الشعب الذي خرج في ثورة 21 سبتمبر مدافعًا عن كرامته وهو لا يملك وزيرًا ولا قائد كتيبة؟ أم أُولئك الذين كانوا في صُلب السلطة ثم انقلبوا عليها مرارًا وتبدَّلوا من مسمى إلى آخر لإرضاء الممول؟
تعريف الانقلاب ومعايير الثورة
إن الانقلاب الحقيقي بمعاييره السياسية هو أن يكون “المنقلِبُ” جُزءًا من السلطة ويمتلك أدوات الحكم، ثم ينقلب عليها ليعيد تشكيلها لصالح قوى خارجية.
أما الثورة الشعبيّة، عندما تخرج من القرى والأرياف والمدن دافعًا عن السيادة، فهي ليست انقلابًا بل حق مشروع، وثورة شعبيّة انتصرت بالله وما زالت تواجه المحتلّ.
في هذا السياق، تتجلى بصيرة الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)، حين كان يؤكّـد أن المشكلة ليست في من يثور، بل في من خان وباع وارتهن للعدو ثم حاول إلباسَ خيانته ثوبَ “الشرعية”.
كما يؤكّـدُ السيدُ القائدُ عبدُ الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) أن العدوَّ يعتمدُ على الانقلابات من داخل أدواته لأنها أقل كُلفةً عليه، لكن وعي الشعب كفيلٌ بإسقاط هذه المشاريع.
إذن.. انقلاب “الانتقالي” وما سبقه من انقلابات “الشرعية” المزعومة، ليس إلا دليلًا على إفلاس مشروع الارتهان.
أما ثورة 21 سبتمبر، فستبقى ثورة شعبيّة حقيقية لأنها لم تكن انقلاب سلطة على سلطة، بل قيام شعب في وجه الخيانة والوصاية.
والتاريخ لا يرحم، ولا يخلّد إلا من ثبت مع شعبه، لا من تنقّل بين الفنادق والانقلابات..
فما أكثرَ العِبَرَ وأقلَّ الاعتبار!