أفق نيوز
الخبر بلا حدود

“أرش الدم والمال”.. القصة الكاملة للقصاص والتعويض للجنايات في الأعراف القبلية للرجل والمرأة

28

أفق نيوز| تقرير| محسن علي

يقف مفهوم “الحد الأصلي” كحجر زاوية لتحقيق العدالة، سواء كان الاعتداء على النفس أو على المال في قلب الأعراف القبلية ، وتبرز أهمية الحاجة إلى قوانين وأعراف تنظم رد الحقوق عند وقوع الضرر، هذا النظام العرفي، يكشف عن كيفية تقييم الأضرار الجسدية، وتحديد التعويضات المالية “الأروش”، والفصل في القضايا التي تمس أغلى ما يملكه الإنسان: دمه وماله, وفي هذا الجزء الـ”16 من قواعد العرف القبلي المسنونة والغصابة لقبائل اليمن” نستعرض هذه المفاهيم..

 

الحد الأصلي في دم الإنسان.. قيمة لا تسقط بالتقادم

يُعرَّف “الحد الأصلي” في دم الإنسان بأنه القيمة الصافية التي لا تقبل النقصان، وهي حق للمجني عليه بغض النظر عن مكانته أو سلوكه, فعند وقوع اعتداء يؤدي إلى جناية جسدية أو القتل، ينشأ حق للمجني عليه في التعويض، ويُلزم المعتدي بدفع هذا التعويض لغريمه, وتتنوع الجنايات وتختلف قيمتها بناءً على حجم الضرر الناتج عن الاعتداء, ويتم احتساب ثمن كل جناية كجزء من “الدية الشرعية”، وهي المعيار الأساسي في هذا النظام.

 

في حالة القتل.. الدية هي الحد الأصلي

عندما تؤدي الجناية إلى القتل، تصبح الدية الشرعية هي الحد الأصلي للتعويض، وفي قضايا القتل العمد، يمتلك ولي الدم الخيار بين قبول الدية كعقوبة تعويضية بديلة، أو المطالبة بالقصاص الشرعي، أما في حالات القتل الخطأ (الزلة)، فإن ولي الدم يكون ملزماً بقبول الدية، حيث إن ثبوت الخطأ يمنع إقامة القصاص.

وقد حُدد مقدار الدية تاريخياً بـ:

100 من الإبل لأهل الإبل.

200 من البقر لأهل البقر.

2000 من الغنم لأهل الأغنام.

وتكون دية المرأة نصف دية الرجل، وهو مقياس ثابت عبر الزمن، مع إمكانية تحديد الدول لمقابل مالي معادل لهذه القيم.

 

فيما دون النفس.. حين تكون الدية كاملة

قد لا يؤدي الاعتداء إلى القتل، ولكنه يتسبب في فقدان عضو أو إبطال منفعته وفي هذه الحالات، تجب الدية كاملة إذا كان العضو فريداً في الجسم، مثل: اللسان، الأنف، العقل، أو القدرة على الإنجاب،أما إذا كان العضو مزدوجاً أو متعدداً، فإن قيمة التعويض تتناسب مع الجزء المفقود, وعلى سبيل المثال:

عين واحدة: نصف الدية.

يد واحدة: نصف الدية.

جفن واحد: ربع الدية.

إصبع واحدة: عُشر الدية.

 

في الإصابات والجروح.. “أرش الدم”

للإصابات التي لا تصل إلى حد فقدان الأعضاء قيمة تعويضية تُعرف بـ “أرش الدم”. ويتم تحديد قيمة الأرش من خلال “تقرير الأرش”، وهو وثيقة خطية تصدر عن خبير معتمد (“المؤرّش”) أو مستشفى موثوق, لضمان صحة التقرير، يجب أن يكون مؤرخاً، وأن يتضمن اسم المجني عليه ونوع الجناية، مع وجود شاهدين، إن مصداقية الجهة التي تصدر التقرير أمر حاسم، لأن أي طعن في نزاهتها قد يبطل التقرير ويؤدي إلى تعقيد القضية, ومن الملاحظ أن قيمة الأرش تتساوى بين الرجل والمرأة في معظم الجنايات، حتى تبلغ قيمتها ثلث دية الرجل، فإذا زادت عن الثلث، فإن أرش المرأة يصبح نصف أرش الرجل.

 

أنواع الجنايات وأروشها المقررة

فيما يلي جدول يوضح أبرز 17 نوعاً من الجنايات التي يتساوى فيها أرش الرجل والمرأة:

المحمرة/المسودة/المخضرة , وهي تغير لون الجلد إلى الأحمر أو الأسود أو الأخضر, 1.5% (خمسا عشر العشر)

 القارشة/الوارمة/الخارصة وهي: تقشر الجلد أو تورمه دون سيلان دم, 0.5% (نصف العشر من العشر)

الدامية الصغرى وهي: شق الجلد وظهور الدم دون سيلانه,0.5% (نصف ثمن العشر)

 الدامية الكبرى وهي: شق الجلد وسيلان الدم, 1.25% (ثمن عشر الدية)

الباضعة وهي: جرح يغوص في اللحم حتى النصف, 2% (خمس عشر الدية)

المتلاحمة وهي: جرح يغوص في اللحم بمقدار الثلثين, 5.5% (خمس ونصف عشر الدية)

السمحاق وهي: جرح يصل إلى قشرة العظم الرقيقة,2% (خمسا عشر الدية)

 الموضحة وهي : جرح يصل إلى العظم دون كسره, 5% (نصف عشر الدية)

الهاشمة  وهي: جرح يصل إلى العظم ويكسره, 10% (عشر الدية)

الناقلة وهي: كسر ينقل العظم من مكانه, 15% (ثلاثة أرباع خمس الدية)

الجائفة/الأمة/الدامغة  وهي:جرح يصل إلى جوف الإنسان أو محيط الدماغ أو الدماغ نفسه,33.3% (ثلث الدية) .

 

الحد الأصلي في مال الإنسان.. العين بالعين والقيمة بالقيمة

لا يقتصر الاعتداء على الجسد فقط، بل يمتد ليشمل “المال”، وهو كل ما يمتلكه الفرد من ممتلكات عينية أو مادية. أي اعتداء على ممتلكات الغير، سواء بالإضرار بها أو إتلافها، يستوجب التعويض.

ويقضي العرف القبلي بإرجاع الحق لصاحبه عبر تعويضه بالقيمة الحقيقية والكاملة للشيء المتلف، ويشمل ذلك كل الممتلكات الخاصة مثل السيارات، البيوت، الأثاث، الأراضي، والمواشي، هذه القيمة الحقيقية هي “الحد الأصلي في مال الإنسان”، وعلى أساسها تُبنى أي أحكام إضافية تتعلق بظروف وملابسات الاعتداء.

المرجع: قواعد العرف القبلي المسنونة والغصابة لقبائل اليمن – للشيخ صالح مجمل روضان.

يمانيون