أفق نيوز
الخبر بلا حدود

رجب الأصب: ميقات الإيمان ويقين الولاء

27

أفق نيوز| خلود همدان

في سجلّ الأمة اليمنية يتربّع يومُ جمعةِ رجب على عرش الأيام الخالدة، ليس لأنه تاريخٌ يُروى فحسب، بل لأنه ميثاقٌ كونيّ وُلِدت فيه الهويةُ الإيمانيةُ النقيّة.

في السنة التاسعة للهجرة كان الموعد مع تاريخ إسلام اليمانيين، ففي هذا الموعد المبارك انبلج الفجرُ الحقيقي لليمن، حيث انزاحت سُحب الجاهلية الكثيفة، ليخرج الشعب من أغلال الظلام إلى فضاءات نور الإيمان الفسيحة.

إنها لحظةُ المجد التي تتعالى فيها التراتيل، لا لتُعلن ميلاد إيمانٍ جديد، بل لتؤكّد استجابةً أصيلةً متجذّرةً لدعوة الحق. إن جمعةَ رجب هي البوصلةُ الروحية التي هدانا الله بها إلى صراطه المستقيم، وجعلتنا نسطر مسيرتنا الأبدية على نهج رسالته العظيمة، لتظلّ اليمن منارةً للهداية على مرّ العصور.

يطلّ عيدُ جمعةِ رجب الأغرّ وهو حاملٌ روحَ الهوية الإيمانية، ينثر عبقَه من عمق التاريخ القديم الراسخ لأنصار الله ورسوله وأعلام الهدى. نقف اليوم على أعتاب هذه الذكرى المجيدة التي نقلت اليمن إلى حيث يجب أن يكون، إلى ذلك المجد الذي منحه الله سبحانه وتعالى له دون سواه من أبناء الأمة. فلنرفع أصواتنا تسبيحًا وتهليلًا بنعمة الهداية العظمى:
﴿ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾.

جمعةُ رجب هي المحطةُ الفارقة، والتاريخُ الاستثنائي في مسيرة هذا الشعب، وهي نقطةُ البداية لنصرة المشروع الإلهي والرسالة السماوية. وفي الماضي والحاضر والمستقبل، تفرد هذا الشعب بدوره الريادي وبطولاته النادرة، واستجابته السريعة لكل توجيهات وتعاليم السماء. وقد احتلّ اليمن الصدارة في قلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حيث قال:
«حكماءُ علماءُ كادوا من الدين أن يكونوا أنبياء»،
وقال صلوات الله عليه وآله: «الإيمانُ يمانٍ، والحكمةُ يمانية»،
وما يزال اليمن يتقلّد هذا الوسام العظيم وهذا الشرف الكبير.

إن إحياء هذه المناسبة بمضمونها الجوهري، وما تكنّه من تعاليم وقيم ومبادئ سامية، هو شكرٌ لله تعالى على نعمه، وتذكيرٌ بأيام الله، وترسيخٌ للهوية في نفوسنا ونفوس أبنائنا، وتعزيزٌ لروح الهوية الإيمانية، وحفاظٌ عليها من كل مساعي التحريف والتهميش التي تستهدفها من أعداء أمتنا.

فكما كان لليمنيين شرفُ النصرة والمؤازرة والاستجابة لله ورسوله وأعلام الهدى في عصر الإسلام الأول، ها هو اليوم، في عصر الإسلام المعاصر، يحمل هذه الرسالة للأمة كلها، ويدافع عنها، ويخوض معركةً فاصلةً ضد اليهود والنصارى وكل من يدور في فلكهم، وهو ما يصدّق قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
«أهلُ اليمن ينصرون الحقَّ مرتين؛ مرةً في أوله، ومرةً في آخره».