كاتبة أردنية تعلق على برنامج “أراب آيدول” وتكشف عن السبب الحقيقي لـ بكاء عمار العزكي .. أقرأ ماقالت
186
Share
فرح مرقة – كاتبة أردنية
الرئيس الفلسطيني (ذو الولاية المنتهية) محمود عباس مجددا يستفز بعض الفلسطينيين باختياره حضور برنامج أراب آيدول الذي يعرض على MBC بدلا من زيارة المخيمات الفلسطينية في لبنان، وكأنما هو وزير ثقافة وفنون في الدولة الفلسطينية، وكأن هناك أساسا دولة!.
الرجل عمليا لم يخرج عن إطار المتوقع، فبالنسبة إليّ كل السقطات والاولويات “المضروبة” باتت متوقعة، وغير المتوقع فقط هو العمل من أجل القضية أو الاصطفاف الى جوار الفلسطينيين في غزة مثلاً.
في لبنان تحديدا، شعرت أن الرئيس تفوق على نفسه باختيار أن ينشغل ببرنامج أراب آيدول أساسا، فذلك أسلم للجميع، خصوصا وزياراته السابقة بدت كارثية على الفلسطينيين، كونها تضمنت في السابق التوافق على بناء سور حول مخيم عين الحلوة مثلا وانشغل “سيادة الرئيس″ في ترتيب تفاصيل ذلك.
بكل الاحوال، ها هي زيارته للبرنامج “تثمر” ويمكن أن نقول انها سبب فوز الشاب الفلسطيني ونضحك على انفسنا، فقط لسبب واحد هو “تمجيد سيادة الرئيس″ وان كنّا في قرارة نفوسنا نعلم أنه لا يمكن له ان يكون “رئيسا” على ربع القضية بأجندته الفنّية، فكيف بالقضية كلّها؟!.
**
في البرنامج ذاته لفتني جدا ان يستبدل الجمهور اليمني بجمهور من مدينة جدة السعودية اثناء تأدية المتسابق الجميل عمار لاغانيه الاخيرة، رغم أن ذلك وحده من شأنه أن يكون عبئا اضافيا على الشاب.
جدة مدينة سعودية، والمملكة العربية هي أكبر القوى الضاربة في اليمن الذي كان سعيدا، ما جعلني أشعر تماما أن الفقد المكرر مرتين في نفس الشاب هو ما طفى وهو يغني لبلاده بينما لا يستطيع أن يرى أهلها، ما جعله ينفجر بالبكاء قبل أن يقول “كفى حرباً أرجوكم”.
أوجع قلبي الشاب ذو الصوت الشَّجِن، وأوجع قلبي اليتم الذي شعرته في عينيه وهو مضطّرٌ للغناء مذبوحاً من الألمِ..
**
لم تحصل حتى اللحظة عملية التطبيع المنتظرة من قبل علماء النفس مع صور الذبح والقتل التي يمارسها تنظيم الدولة، كما تبنؤوا في برنامج “استديو الرعب” الذي بثته قناة العربية، فعيوننا بقيت مسمّرة بالشاشات أمام حقيقة أن التنظيم أعدم الملازم العراقي أبو بكر السامرائي.
العراقيون انهكتهم الحرب، وكل الدول ايضا، وباتت طرق التغطية للاحداث المذكورة ميكانيكية، كونك تستطيع ان تلمس ذلك من قنوات مثل “دجلة” و”افاق” وغيرها، ومقارنتها بنفسها عند كل الحوادث المشابهة.
رغم ذلك لا يزال للضحايا على العراقيون حقّ المشاهدة والوجع والتأثر، بينما علينا جميعا حقّ نبذ التطرف.
نحن اليوم نعيش عاما جديدا بوجود مثل هذه المشاهد التي لا تدلل الا على عنفٍ كبير ومتجذّر في العالم العربي ليس سهلا ازالته ولا سهلٌ اعتياده.
**
لا يتوقف العنف في العالم العربي العظيم عند ما يفعله عمليا تنظيم الدولة المذكور، فعائلة مصرية تبث عنها قناة المحور بالتفصيل كيف تم ضربها وتهشيمها نفسيا ومعنويا على ايدي ثلاثة بلطجية.
الزوجة تتحدث عن سلسلة جرائم بذات الوقت بين ضرب وتهديد بالقتل واغتصاب وهستيريا امام الاطفال وكلها تحتاج سنوات من اعادة التأهيل للاسرة ولمن شاهدوها تروي الحكاية ولحيّ كامل شهد الحادثة وعرف بها واستشعر ان في مصر “أم الدنيا”، استقواء لا منتهي وظلم لا نهاية له في المقابل.
هذه المرأة التي انتهكت حرمتها امام زوجها واطفالها اليوم تحيا وسط المجتمع مع عائلتها ولا شيء سيردّ عنها كل الظنون والافكار والأذى، وهي عمليا من ستدفع ثمن كل التهاون في القانون المصري وكل الفساد الذين استشريا في المنطقة وفي مصر تحديدا بينما ينشغل الاعلام بتغطية الحكايا فقط دون اي اجراءات تمنع حكايا على هذا القدر من البشاعة من الحدوث.
كلّ النظريات تثبت ان الظلم والقهر يزيدان المجتمعات عنفا.. حمى الله مصر وأهلها من شرور أنفسهم..
**
الحمد لله كلّنا في الفساد وسوء التخطيط في العالم العربي “إخوة”، فما ان شاهدت صور فياضانات الرباط من الموسم المطري الاخير حتى تذكرت ذات المشهد في العاصمة الاردنية عمان والذي عايشناه جميعا العام الماضي قبل ان يسري الامر الالهي بأن لا ترى المملكة الاردنية هطولا بذات الحجم مجددا.
الصور والتقارير التي نقلتها قناة الجزيرة كانت مشابهة تماما لما شهدناه سابقا، وكانت بصورة أو بأخرى تخبرنا عن اهمية البنى التحتية المغربية كما اخبرتنا الامطار قبلا عن البنى التحتية الاردنية.
طبعا الاسباب واضحة فالدول العربية معنية في التقدم العمراني والصناعي والاختراعات والاكتشافات اكثر من البنى التحتية، والشعوب تسافر الى الفضاء فلا حاجة لها في المدن عمليا.. أما الحكام فمن شدّة مللهم بعدما قاموا بكل واجباتهم يسرّون عن أنفسهم في “أراب أيدول”.