أفق نيوز
الخبر بلا حدود

حرب التًجويع في غزة: حين يصبح الخبز حلمًا

50

أفق نيوز|

تقرير|

 في قطاع غزة المحاصر، لم تعد لقمة الخبز مطلبًا بسيطًا، بل حلمًا بعيد المنال لآلاف الأطفال الذين يكابدون الجوع في ظل تصعيد حرب الإبادة الجماعية التي ينفذها الاحتلال الصهيوني منذ شهور.

مناظر الأطفال النحيلين، بعيون غائرة وبطون منتفخة بفعل سوء التغذية، أصبحت مشهدًا يوميًا مؤلمًا يروي حجم الكارثة الإنسانية المتفاقمة في غزة التي أسقطت زيف القوانين الدولية والإنسانية على أبوابها.

الأطفال بين فكي الموت والتجويع

وبحسب تقارير صادرة عن اليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي في مايو 2025، فإن أكثر من 300 ألف طفل في قطاع غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، في ظل استمرار الحصار ومنع دخول المساعدات الأساسية.

وتشير البيانات إلى أن نحو 42% من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية مزمن، مع تحذيرات من أن الوضع مرشح لمزيد من التدهور.

وثّقت المؤسسات الطبية المحلية والدولية أكثر من 18,000 حالة سوء تغذية حاد وشديد بين الأطفال منذ بداية العام، فيما سُجلت مئات الوفيات، أغلبها نتيجة لعدم توفر الأغذية العلاجية، أو حليب الأطفال، أو المحاليل الطبية اللازمة.

في مستشفيات غزة، أفاد أطباء بأنهم يفقدون أطفالًا يوميًا، بينما تتعطل أقسام التغذية العلاجية بسبب نقص الإمدادات والانقطاع المتكرر للكهرباء ومنع دخول الوقود اللازم لتشغيل المولدات.

تدمير ممنهج للبنية الغذائية

ولم يكن الحصار وحده كافيًا، فقد عمد الاحتلال إلى استهداف مباشر للأراضي الزراعية، ومخازن القمح، وآبار المياه ومصادر الري، ما أدى إلى شلل شبه كامل في قدرة القطاع على إنتاج أو تخزين الغذاء، في ظل حصار يمنع حتى دخول ما تيسر من مساعدات غذائية.

وباتت العائلات غير قادرة على تأمين وجبة واحدة في اليوم، ما دفع الكثيرين إلى اللجوء لأعشاب برية ومياه ملوثة، وهو ما أدى إلى تفشي أمراض معوية قاتلة، خاصة بين الأطفال، وفاقم من أعداد الوفيات.

اضطرابات نفسية وسلاح إبادة

ولم يقتصر الدمار على الجسد فقط، بل امتد إلى الروح والنفس. يقول خبراء الصحة النفسية إن الأطفال الذين ينامون لأيام دون طعام، يعانون من صدمة نفسية متراكمة ستترك أثرًا طويل الأمد على سلوكهم وشعورهم بالأمان.

ويحذر الخبراء من أن هذه الأزمة ستخلف جيلًا كاملًا يعاني من اضطرابات سلوكية ونفسية مزمنة، بعدما تحولت الطفولة في غزة من لهو وبراءة، إلى خوف دائم وجوع قاتل.

كانت برامج التغذية المدرسية تشكل مصدر الغذاء الوحيد لآلاف الأطفال الفقراء، لكن توقفها بسبب العدوان والحصار الصهيوني أدى إلى دخول شرائح جديدة من الأطفال في دائرة الجوع، بمن فيهم أولئك الذين لم يكونوا مهددين سابقًا.

اليوم، لا يحلم أطفال غزة بلعب أو ألعاب، بل بكسرة خبز تسد الجوع، أو علبة حليب تبقيهم على قيد الحياة. تقول إحدى الأمهات: “أطفالي لا يطلبون ألعابًا، بل يسألون إن كنا سنأكل اليوم. هذا ليس عيشًا.”

ما يجري في غزة لم يعد مجرد أزمة إنسانية، بل سياسة تجويع ممنهجة تُستخدم كسلاح حرب لإبادة السكان المدنيين. ومع دخول العدوان شهرها الـ 23 أصبح واضحًا أن الاحتلال يستخدم الغذاء والماء والكهرباء كأدوات عقاب جماعي، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية والإنسانية.

في الأخير  تعد حرب أو سياسة  التجويع  في غزة فصلٌ آخر في مسلسل الإبادة الجماعية، الأطفال، الضحايا الأبرياء، يُتركون يواجهون الموت البطيء وحدهم، بينما يقف العالم عاجزًا، أو صامتًا.