الحياء المفقود أمام دماء غزة واليمن
أفق نيوز|
رهيب التبعي
مع كُـلّ جريمة عدوانية تُرتكَبُ ضدّ شعبنا، يتهافتُ المتصهينون بترديد لازمةٍ قديمة: أنتم من استفززتم (إسرائيل). وكأننا بلا دين ولا أخلاق ولا كرامة، وكأن كَيان العدوِّ الصهيوني الاحتلالي ليست خطرًا على الجميع، وكأن صرخات أطفال غزة وجوعَهم وعطشَهم مُجَـرّد مشاهدَ سينمائية لا تحتمُّ على الإنسان أن يتحَرّك!
هذا الطرح ليس جديدًا، بل هو امتداد لخطّ النفاق الذي حذّر منه القرآن الكريم:
﴿وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أهل يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا﴾ [الأحزاب:13].
إن كان هؤلاء يدّعون الإسلام، فالإسلام أوضح من أن يُحرّف: نصرة المظلوم واجبة، ولا وجود لحدود قُطرية تفصل المسلم في غزة عن المسلم في اليمن. وإن ادّعوا الإنسانية، فعليهم أن يختبروا إنسانيتهم أمام طفلٍ يستصرخ أُمَّـة المليار: أنا جوعان، ثم يسقط شهيدًا يائسًا من أن يجد نصف لتر حليب.
أما من يتباكون على الشعب اليمني بزعم الحرص، فلماذا يقفون مع قاتليه؟ لماذا قاتلوا إلى جانب السعوديّة والإمارات وأمريكا؟ لماذا ينهبون ثرواته ويدعون إلى حصاره ونقل بنوكه وقتل أهله بالجوع؟
العقل وحده كافٍ ليدرك أن عربدة الإسرائيلي وعدوانية الصهيوني لم تستثنِ حتى من لم يطلق عليه طلقة واحدة. فالخنوع والذل لم يكونا يومًا إلا إغراء للمستكبرين لمزيد من الطغيان.
إن السؤال اليوم ليس: لماذا يقوم اليمنيون بما يقومون به؟ بل: لماذا لا يقوم الآخرون بما يقوم به اليمن؟ لماذا لا يتحَرّك من يزعمون الحرص والإنسانية كما تحَرّك أحرار هذه الأُمَّــة؟
الخلاصة أن ما نطلبه من أُولئك الذين يظهرون بمظهر الحريص ليس تبريرات ولا شعارات جديدة، بل شيئًا أبسط من ذلك بكثير: قليل من الحياء أمام دماء غزة وجراح اليمن، وقليل من المسؤولية أمام أُمَّـة لا يليق بها أن تُساق إلى الذل والنسيان.