أفق نيوز
الخبر بلا حدود

اتفاق السلم والشراكة الوطنية: وثيقة التحرر التي انقلبت عليها قوى الوصاية

90

أفق نيوز|

من انتصار الإرادة الشعبية إلى وثيقة العقد الوطني الجديد لم يكن انتصار ثورة 21 سبتمبر 2014م مجرد سيطرة على العاصمة، بل كان تتويجاً لإرادة شعبية حرة طالبت بالتغيير والتحرر من الوصاية الخارجية.

وفي مساء يوم الانتصار نفسه، تجسدت هذه الإرادة في “اتفاق السلم والشراكة الوطنية”، وهي وثيقة تاريخية لم تكن مجرد تسوية سياسية، بل كانت عقداً وطنياً جديداً، قُدِّم بصيغة موقعة من جميع الأطراف وحظي باعتراف إقليمي ودولي.

 

 الأداء الراقي للثورة: أساس التسامح والشراكة

على عكس الكثير من الثورات في التاريخ، تميزت ثورة 21 سبتمبر بأدائها الراقي وتعاملها العظيم الذي جلب الأمن والاستقرار بدلاً من الفوضى، هذه الميزة الجوهرية هي التي جعلت اتفاقاً قائماً على “السلم والشراكة” أمراً ممكناً.
ابتعد الثوار بشكل كامل عن منطق الانتقام وتصفية الحسابات، وبدلاً من ذلك، جسدوا قيم التسامح والأخوة الأصيلة للشعب اليمني، في لحظة امتلاكهم للقوة، لم يمارسوا أي تصرفات إجرامية أو وحشية، بل مدوا أيديهم للجميع، بمن فيهم خصومهم، للدخول في شراكة وطنية حقيقية.
هذا السلوك الحضاري هو الذي أرسى الأساس لمرحلة جديدة قائمة على التعاون والتسامح، لقد أثبتت الثورة أنها لا تسعى للهيمنة أو الإقصاء، بل تهدف لبناء دولة تتسع لكل أبنائها، وهو المبدأ الذي تم تدوينه لاحقاً في وثيقة السلم والشراكة.

جوهر الاتفاق: إسقاط الوصاية الخارجية وتحقيق السيادة

يكمن المنجز الأكبر والأعظم لثورة 21 سبتمبر، والذي شكل جوهر اتفاق السلم والشراكة، في إسقاط السيطرة والوصاية الخارجية على اليمن، لقد كان هذا إنجازاً عظيماً بكل المقاييس، لأنه حرر القرار الوطني من الارتهان للخارج.
قبل الثورة، كان من يسيطر على اليمن هم أعداؤه، وفي مقدمتهم الأمريكيون، الذين كانت تدخلات سفارتهم علنية وواضحة في كل شؤون الدولة، كانت إملاءاتهم طاغوتية وتتعارض مع قيم الشعب اليمني ومصالحه، وجاء الاتفاق ليضع حداً لهذه الهيمنة، ويعيد القرار إلى يد اليمنيين.
من منظور المعيار الإيماني والديني، يُعتبر التحرر من سيطرة الأمريكي وأدواته أعظم منجز للثورة، في المقابل، عملت الأدوات المحلية والإقليمية على إثارة الحساسيات العرقية والمذهبية والمناطقية، وكانت في الوقت نفسه خانعة بالكامل للإرادة الأمريكية، وسعت لدفع البلد نحو الانهيار وتعبيد الشعب للهيمنة الخارجية.

الانقلاب على الاتفاق: خيانة العهد بأوامر خارجية

على الرغم من أن اتفاق السلم والشراكة كان مشروعاً وطنياً موقعاً من الجميع ومعترفاً به دولياً، إلا أنه سرعان ما تم الانقلاب عليه من قبل نفس الأدوات المحلية التي كانت تدير البلاد قبل الثورة.
حيث تنصلت القوى المحلية، التي كانت تمثل امتداداً للنفوذ الخارجي، بشكل واضح وصريح عن الاتفاق، وبدلاً من المضي في بناء دولة الشراكة، عادت إلى منطق العرقلة والتعطيل، تمهيداً لإفشال العملية السياسية برمتها.
كما أنه لم يكن هذا الانقلاب قراراً داخلياً، بل جاء نتيجة أوامر مباشرة من الخارج، وفضلت تلك القوى العودة إلى مربع الوصاية والتبعية على الالتزام بعهدها مع شركائها في الوطن، مما كشف حقيقة ولائها وارتهانها.

خاتمة:

يظل “اتفاق السلم والشراكة الوطنية” وثيقة محورية في تاريخ اليمن الحديث، إنه لم يكن مجرد حبر على ورق، بل كان تجسيداً حقيقياً لأهداف الثورة في التحرر والسيادة والشراكة، لقد قدم فرصة تاريخية لبناء يمن جديد، يمتلك فيه الشعب حريته وكرامته وقراره.

إن الانقلاب على هذا الاتفاق لم يكن مجرد نكث للعهود السياسية، بل كان خيانة لإرادة شعب بأكمله، وتفضيلاً للتبعية على الاستقلال، واختياراً للارتهان على الشراكة، وبهذا، يبقى الاتفاق شاهداً حياً على عظمة المنجز الذي حققته الثورة، وعلى حجم المؤامرة التي حيكت ضدها لإجهاض مشروعها التحرري.

المصدر : يمني برس | ماجد محمد