أفق نيوز
الخبر بلا حدود

21 سبتمبر.. ثورة الروح اليمنية التي حطّمت القيود وصنعت فجر الكرامة

87

أفق نيوز|

تقرير خاص|

أحد عشر عامًا مرّت منذ أن دوّى فجر 21 سبتمبر، لا كحدثٍ سياسي عابر، بل كزلزال هزّ عروش الوصاية، وكشمسٍ أشرقت بعد ليل طويل من القهر والهيمنة.

لم تكن الثورة لحظة غضب عابرة، بل كانت قرار أمةٍ قررت أن تعود إلى ذاتها، أن تسترد روحها، أن تقول للعالم بلسان يمني مبين: هنا وُلدت الحرية من جديد.

ثورة الروح قبل أن تكون ثورة السياسة

ما جرى في 21 سبتمبر لم يكن مجرد حركة احتجاجية على قرار اقتصادي أو أزمة سياسية، بل كان ثورةً على كل ما حاول أن يفرغ اليمن من هويته.

لقد كانت عملية استعادة للكرامة، وبعث للروح التي حاول الأعداء تدجينها عبر المال والوصاية والهيمنة.

لقد قرر اليمنيون أن زمن الارتهان قد انتهى، وأن السيادة لم تعد شعارًا يُرفع في الخطب، بل مصيرًا يكتبونه بدمائهم وتضحياتهم، ليصبح الوطن ملكًا لشعبه لا لحفنة من الفاسدين المرتهنين.

جذور الثورة.. من وجع الشعب إلى يقظة الأمة

لم يأتِ 21 سبتمبر من فراغ.. فعقودٌ من الفساد والارتهان للخارج جعلت اليمن دولة مشلولة، يسيطر على قرارها السفراء، وتُدار حكومتها وفق أوامر الرياض وواشنطن.

تحولت المبادرات الدولية والخليجية إلى أدوات وصاية، بينما عاش الشعب على وقع التجويع والإفقار الممنهج.

كان رفع الدعم عن المشتقات النفطية في 2014 القشة التي قصمت ظهر الصبر، لكنها لم تكن السبب الوحيد، بل كانت الشرارة التي أطلقت غضب شعب أدرك أن كرامته تباع في المزاد.

ومن رحم المعاناة خرجت لحظة القرار: أن اليمن لا يُدار من الرياض ولا من واشنطن، بل من صنعاء، من قلب الشعب، من إرادة لا تُشترى ولا تُكسر.

يمن ما قبل الثورة.. دولة بلا سيادة وفوضى مصطنعة

قبل اندلاع الثورة كان اليمن على حافة الانهيار الشامل..

  • انهيار أمني بفعل الاغتيالات والتفجيرات.
  • سيطرة الجماعات التكفيرية على محافظات كاملة بدعم خارجي.
  • فساد سياسي جعل السلطة مجرد تابع للخارج.
  • اقتصاد منهوب ومرتهن للقروض والمنح المسمومة.

وصفته المؤسسات الدولية بأنه “أفشل دولة في العالم”، فيما كانت خطط تقسيمه إلى “أقاليم” تسير بخطى متسارعة.

لكن 21 سبتمبر فجّر المسار وأعاد اليمن إلى حضن أبنائه، كاسرًا سيناريو التقسيم والفوضى.

من الدفاع إلى البناء.. معادلة القوة الجديدة

لم تكتفِ الثورة بإسقاط أدوات الوصاية، بل دشنت مشروعًا وطنيًا متكاملًا:

  • إعادة بناء الجيش على أسس وطنية لا ولاء فيها إلا لليمن.
  • بناء منظومة ردع عسكرية طورت الصواريخ الباليستية والمسيّرات، وصولًا إلى القدرات البحرية الاستراتيجية.
  • مسار اقتصادي بديل يقوم على الزراعة والصناعة الوطنية والاكتفاء الذاتي، برغم الحصار الخانق.
  • تثبيت الأمن الداخلي بعد أن تلاشت الاغتيالات والفوضى التي كانت شبه يومية.

لقد تحولت اليمن من بلد مهدد بالانهيار إلى قوة إقليمية يُحسب لها ألف حساب.

اليمن في قلب قضايا الأمة.. من صنعاء إلى غزة

لم تكن ثورة 21 سبتمبر شأنًا داخليًا فحسب، بل شكّلت تحوّلًا استراتيجيًا في موقع اليمن من خارطة الأمة.

أعلنت الثورة بوضوح أن فلسطين هي البوصلة، وأن غزة ليست وحدها.

وعلى الرغم من الحصار والعدوان، قدّم اليمن ما لم تقدمه أنظمة غنية ومستقرة:

  • أغلق بحاره لقطع شرايين الكيان الصهيوني.
  • أعلن أن القدس في قلب أولوياته.
  • أكد أن الدم اليمني والفلسطيني يلتقيان في خندق واحد ضد العدو الأمريكي والإسرائيلي.

لقد جعلت الثورة من اليمن “صوت الأمة الحر” حين خذلتها أنظمة التطبيع والخنوع.

ثورة لا تأكل أبناءها

على خلاف كثير من الثورات التي التهمت نفسها بالصراعات الداخلية، تميّزت ثورة 21 سبتمبر بنقائها الداخلي وحصانتها من الاختراق.

فتحت باب العفو والتسامح، ورفضت الانزلاق إلى التصفيات الدموية، وأبقت بوصلتها ثابتة نحو بناء الدولة.

وهذا ما جعلها عصيّة على الانكسار طوال عقد من الحروب والحصار والمؤامرات.

الهوية الجامعة.. ميلاد الإنسان اليمني الجديد

أعظم إنجاز للثورة أنها أعادت صياغة الهوية اليمنية:

  • يمني حر، سيّد على أرضه.
  • منتمٍ لأمته، وفيّ لدماء شهدائه.
  • يرفض المساومة أو البيع مهما كانت الضغوط.

هذه الهوية أصبحت اليوم “شعلة” تُورّث للأجيال، وبوصلة تُرشد الأمة في زمن التيه.

نحو مشروع حضاري مفتوح على المستقبل

اليوم، في العيد الحادي عشر لثورة 21 سبتمبر، لا نحتفل بماضٍ مضى، بل بحاضر يصنع الغد.

  • يمن يمتلك قرارًا سياديًا مستقلًا.
  • جيش وطني أصبح جزءًا من معادلة الردع الإقليمي.
  • شعب حر يثبت يومًا بعد يوم أنه الرقم الصعب في معركة الأمة.

21 سبتمبر لم تعد مجرد تاريخ، بل صارت قدرًا ومشروعًا حضاريًا يُلهم الأمة كلها، ويكتب بدماء الشهداء أن الحرية لا تُوهب، بل تُنتزع انتزاعًا.

إنها الثورة التي ستبقى عصيّة على الانكسار، لأنها ببساطة: ثورة الله مع المستضعفين، وثورة شعبٍ قرر أن يكون سيدًا، حرًا، كريمًا.

المصدر : موقع 21 سبتمبر