عامٌ على الرحيل وسيد الأمة حاضر في الوجدان
أفق نيوز|
أحلام الصوفي
عامٌ مضى، لكن ملامحه ما زالت محفورة في الذاكرة، كأن اللحظة لم تمر، وكأن الوداع لم يكتمل. تمرّ الذكرى الأولى لرحيل السيد حسن نصر، سيد الأمة وضميرها المقاوم ورغم أن الجسد قد ارتقى شهيدًا، إلا أن حضوره في الوجدان ما زال ناطقًا بالحق، وملهمًا لكل حر.
رحل السيد، لكنه ما زال بيننا. صوته، كلماته، نظرته الثاقبة، وابتسامته الواثقة… كل ذلك بقي حاضرًا. لم يكن قائدًا عاديًا، بل كان مشروع أمة، مدرسة وعي، وروح مقاومة لا تهدأ. كان يمضي في صمته بثقة الجبال، ويتكلم في لحظات الحسم بصوت الشعوب التي وجدت فيه من يعبّر عنها بصدق.
في ذكرى استشهاده الأولى، لا نرثي رجلاً، بل نستحضر طريقًا، ونقرأ وصايا، ونستعيد ثباتًا لم تزعزعه العواصف. ارتقى السيد حسن نصر، وترك خلفه نهجًا راسخًا، وسيرة نقية لا تشوبها الحسابات السياسية أو المصالح العابرة.
لقد عاش كبيرًا، ورحل كما يليق بالكبار؛ في صفوف المجد، مضمخًا برائحة القضية، ورافعًا راية الكرامة حتى اللحظة الأخيرة. لم يسعَ إلى مجد شخصي، بل نذر حياته من أجل أن تُرفع راية فلسطين، ومن أجل أن تظل القدس حاضرة في كل خطاب ومعركة ووجدان حر.
ذلك الأثر الذي يتجلى اليوم في كل ميدان للمقاومة، في كل صوت حر يرفض التبعية، وفي كل موقف يعاند الاستسلام. فحياة السيد لم تكن شعارًا، بل ممارسةً صلبةً للموقف، ومواجهة حقيقية مع الطغيان، حتى آخر لحظة.
الذين عرفوه عن قرب، لم يروا فيه مجرد سياسي أو منظّر، بل رجلًا يعيش القضية في تفاصيله اليومية، في حديثه وهمّه ونبضه، رجلًا تشكّل من وجع الأمة، وتماهى مع أحلامها، وارتقى في سبيلها.
وفي الذكرى الأولى، يتأكد لنا أن استشهاده لم يكن نهاية، بل بداية لصوت أكبر، لاسمٍ صار عنوانًا للمبدأ، لروحٍ تتنقل بين المقاومين، تمنحهم الإيمان، وتشد من عزيمتهم في زمنٍ تشوّهت فيه معاني البطولة.
السيد حسن نصر، سيبقى كما أراد الله له، في ذاكرة كل حر، وفي قلوب كل المؤمنين بقضاياهم العادلة، لا تطفئه السنون، ولا يحجبه الغياب. فالشهداء أمثاله لا يرحلون، إنما يتحولون إلى منارات، إلى موازين أخلاق، وإلى نبض مستمر في أوردة الثائرين.
واليوم، في زمن الانحدار السياسي والانكسارات الرسمية، يبقى صوت الشهيد حسن نصر واضحًا، عابرًا للحدود، محفّزًا لكل من سئم الخنوع والخضوع. ففي وجه التطبيع، كان صامدًا. وفي وجه الصمت، كان ناطقًا. وفي وجه العدوان، كان مقاتلًا بالكلمة والموقف والإيمان العميق.
الذكرى الأولى لاستشهاده ليست مجرد مرور زمني، بل مناسبة لتجديد العهد مع دمائه، ولترسيخ القيم التي آمن بها ودافع عنها. فغياب الجسد لم يُطفئ حضوره، بل رفعه إلى مقام أعلى، حيث تُخلد الرموز وتُروى الحكايات للأجيال القادمة.
سلام على روحه الطاهرة، وسلام على من ساروا على دربه، متمسكين بالكرامة والسيادة. فالقادة العظماء لا يُقاسون بالسنين، بل بما يتركونه من أثر. وسيد الأمة، بلا شك، ترك أثرًا أبديًا.