أفق نيوز
الخبر بلا حدود

الغُماري.. خاض غِمار الموت للحق حتى وصل فلسطين

48

أفق نيوز|

عبدالله عبدالعزيز الحمران

لم يكن الشهيد الغماري واحدًا من أُولئك الذين يعيشون في هامش التاريخ، بل كان من أُولئك الذين يصنعون التاريخ بدمهم، وبصلابتهم التي تتجاوز حدود الزمان والمكان.

خاض غمار الموت للحق، وخرج من حدود ذاته، متجاوزًا الغلاف الجوي للمألوف، واجتاز المحيطات والجغرافيا السياسية الضيقة، وُصُـولًا إلى فلسطين.. هناك، حَيثُ تختبر الأمم صدق انتمائها وميزان ولائها.

الغماري لم يحمل بندقيته فحسب، بل حمل معها راية الحق والإيمان، وسار بها في دربٍ شاقٍ لا يُسلك إلا بعزيمة الرجال الذين آمنوا بأن طريق القدس لا يُفرش بالخطابات ولا بالمواقف الرمادية، بل بدماء الأحرار التي تكتب المعادلات الجديدة وتفتح دروب العزة للأُمَّـة.

في حياته، كان نموذجًا للمجاهد الواعي الذي لا يرى في التضحية نهاية، بل يرى فيها البداية الحقيقية لعهدٍ جديد من النصر،وفي استشهاده، ترك للأُمَّـة دروسًا في الثبات والإخلاص، وفي أن المسافات لا تُقاس بالأميال، بل تُقاس بمدى القرب من قضية الأُمَّــة الكبرى.. فلسطين.

لقد أدرك الشهيد الغماري أن العدوّ واحد، وأن ميادين المواجهة تتعدد لكن الهدف لا يتغير: نصرة المستضعفين ومقارعة الطغاة. ولذلك كان عبوره الجغرافي من اليمن إلى فلسطين رمزيًّا بقدر ما هو واقعي؛ عبور من ضفة الإيمان إلى ضفة الجهاد، ومن حدود الوطن إلى سعة الرسالة.

وهكذا لقي الله شهيدًا على طريق القدس، تاركًا خلفه سيرة عطرة تشهد أن اليمني حين يتحَرّك في ميدان الصراع، فَــإنَّه لا يحمل راية وطنه فحسب، بل يحمل راية الأُمَّــة جمعاء.

رحل الجسد، لكن روحه باقية في وجدان الأحرار، ترفرف فوق كُـلّ جبهة، وتهمس في آذان المجاهدين:

“القدس أقرب”.. ما دام في الأُمَّــة رجال يعبرون المحيطات ليصلوا إليها.