تحقيق/ أسماء حيدر البزاز

خمسة آلاف معاق خلفه العدوان الغاشم بحق المدنيين الأبرياء، وسط أوضاع مأساوية يعيشها الأشخاص ذوو الإعاقة من نقص في الخدمات والمستلزمات الطبية وشحة الإمكانيات وتدمير جهات الدعم والحصار الجائر على بلادنا، الأمر الذي فاقم معاناتهم الصحية والنفسية والاقتصادية .. تفاصيل عن معاناة المعاقين في سياق التحقيق الآتي .. نتابع:

حسين الدروبي معاق بشلل نصفي لا يستطع التحرك إلا بكرسي متحرك، أصيب في غارات العدوان السعودي على منطقة صَرِفْ بصنعاء،وتضرر منزله البسيط وسقط جزء من سقف المنزل عليه، يقول حسين: لم يكن أحدٌ في المنزل سواي، فقد أخذت عائلتي إلى منزل أقاربنا لكونه آمناً وعدت لأنتبه لمنزلي، وبعد الحادثة المروعة صرخت ولا أحد سمعني إلا بعد ساعات وكانت قدماي تنزفان بشدة وكلما حاولت النهوض عجزت، فلم أملك حينها إلا الصراخ حتى سمعني بعض سكان الحي وهرعوا إليَّ منقذين فوجئت بأن قدميّ قد تهشمتا بشكل كبير من أعلى العظم حتى أسفله فلم أملك إلا أن أستسلم للأمر الواقع وأرضى بقضاء الله وقدره وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وتابع الدروبي حديثه قائلاً: أشعر بأني إنسان عاجز، ولكن ذلك الشعور لم ولن يسلمني  لليأس والقنوط، سنصبر ونثبت حتى يأخذ الله بثارنا ممن ظلمنا.

رعب وألم
آية العقبي، طفلة في ربيعها العاشر، مصابة بإعاقة ذهنية منذ ولادتها، ما إن تسمع صوت صواريخ العدوان حتى ترتعش وتصرخ بأعلى صوتها ومن ثم تدخل في غيبوبة.
والدة آية تذرف دموع الخوف على ابنتها وتقول: هذا هو حال ابنتي إذا سمعت صوت طائرة أو صاروخ أو تفجيرات هنا وهناك وقد زادت حالتها الصحية سوءاً وتراجعت بشكل مقلق ومخيف.

علة فوق علة
ليست آية وحدها من تمر بهذه الظروف،فكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة تدهورت حالتهم بعد أن كانوا على وشك الشفاء، وهو ما أوضحه لنا ابراهيم الزبيري أخو محمد الزبيري الذي يعاني من مرض التوحد حيث يقول: سنوات وأخي الصغير محمد يعاني من مرض التوحد وقد أنفقنا عليه في سبيل العلاج والشفاء كل ما نملك غير أنه ومنذ بداية العدوان، ما يقارب تسعة أشهر دخل في دوامة القلق والتوتر والخوف ومن ثم العزل رافضاً العلاج والدواء .. منتظراً الموت خاصة بعد أن توفي عدد من أقاربنا جراء غارات العدوان على منطقة عطان، فتدهورت وتراجعت حالته الصحية بشكل سيئ ، وها نحن نحاول بقدر الإمكان أن نخرجه من هذا الجو ودمجه مع زملائه وعرضه على أطباء نفسيين حتى يخرج من هذه الحالة الصعبة.

خمسة آلاف إعاقة جديدة
التقينا بعد ذلك بالمعنيين وجهات الاختصاص لمعرفة أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة إثر العدوان عن قرب حيث أفادنا محمد الديلمي- نائب المدير التنفيذي لصندوق رعاية وتأهيل المعاقين، أن المعاقين يعيشون أوضاعاً مأساوية وصعبة جراء العدوان الغاشم الذي تمر به بلادنا من قبل تحالف العدوان الذي تتقدمه المملكة السعودية والذي خيم بظلاله التدميرية على كل المنشآت الخدمية وأبرزها الجهات الداعمة لذوي الإعاقة، الأمر الذي أثر بشكل مباشر على صندوق رعاية وتأهيل المعاقين وأضعف ميزانيته خاصة في ظل هذه الظروف العدوانية التي فاقمت أعداد المعاقين حيث تسبب العدوان في حدوث خمسة آلاف إعاقة وسط أعباء اقتصادية كبيرة يعاني منها الصندوق الأمر الذي يبين من جهة أخرى حقد هذا العدوان على شعب اليمن أرضاً وإنساناً وتخليه عن المبادئ الإنسانية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

وأضاف الديلمي: إن الصبر والصمود رغم تردي الأوضاع وضعف الميزانية لرعاية الأشخاص ذوي الإعاقة هو سمة كل المعاقين الذين اثبتوا صمودهم وتحديهم رغم مرارة الإعاقة ووحشية العدوان إلا أنهم راسخون ثابتون ثبوت الجبال حتى يتحقق لشعبنا الظفر والنصر.

استغاثة
من جانبه أوضح عثمان الصلوي، رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات المعاقين اليمنيين، أن الاعتداءات المتكررة التي يشنها العدوان بحق اليمنيين خلفت الآلاف من الحالات الإنسانية والإعاقات الدائمة .. منوهاً إلى ضرورة تشكيل لجنة مشتركة من الاتحاد والصندوق ووزارة الصحة وحقوق الإنسان لحصر الإعاقات والمرافق التابعة لذوي الإعاقة التي خلفها العدوان  الغاشم وتقدير التعويض العادل، بالإضافة إلى دعوة المجتمع الدولي للقيام بواجباته تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة وفقاً للاتفاقية الدولية لحماية وتعزيز الأشخاص ذوي الإعاقة والتي صادقت عليها اليمن عام  2008م ودعوة المنظمات الإنسانية والإغاثية إلى سرعة تقديم المعونات الإغاثية ورفد صندوق رعاية وتأهيل المعاقين بالأدوية والمستلزمات الضرورية لاستمرار عمله.