أفق نيوز
الخبر بلا حدود

“شرعية العدوان الأمريكي” مفتاح صهيوني لباب المندب

325

أفق نيوز../

أعلن كيان العدو الصهيوني أنه بدأ أعمال الحفر بمشروع قناة بن غوريون، وهذا المشروع هو بديل عن قناة السويس، ولكن باتجاهين بنفس الوقت مع زيادة العرض والعمق لتبحر فيها أضخم السفن وناقلات النفط في العالم.

ولا بد من الإشارة إلى أن الحركة الصهيونية العالمية تفكر وتخطط لعدة أجيال للحفاظ على وجودها وتأمين موارد دخل إضافية لتحافظ على رأسمالها الذي يتحكم بمصير العالم واستثماره.

فالحديث عن البدء بمشروع شق قناة بن غوريون لربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر؛ يعني أن هناك أموالا لا يمكن تخيّل عدد أصفارها قد تم استثمارها مع غياب كامل للمعلومات حول المستثمرين وجنسياتهم. كما يؤكد أن المشروع قد أُقِرَّ وتجاوز دراسة الجدوى وإزالة العقبات، وخصوصاً الأمن في باب المندب وفي جزيرتي تيران وصنافير. ويبدو أنه قد تم تكليف السعودية بتنفيذ الأمر بشن العدوان على اليمن واحتلالها ونقل الجزيرتين لسيادتها وذلك لمكانتها ولوجود تشابه بين الحركة الصهيونية والحركة الوهابية بالرغم من انطباق صفة «الغوييم» على السعوديين.

ترابط الصهيونية والوهابية

قد يستغرب البعض وجود هكذا ترابط؛ لذا لا بد من شرح موجز جداً حول الفكرين:

1. التعاليم التلمودية عنصرية بامتياز ولا مثيل لها في العالم؛ فالصهاينة ينظرون نظرة احتقار ودونية وحتى تكفيرية لكل من هو غير يهودي ويدعونهم “غوييم”. فهم يعتبرون أنفسهم “شعب الله المختار”، وبالتالي لا يوجد شريك أو حليف للصهاينة، لأنهم يعتبرون غيرهم مسخرين لخدمتهم. وبعض التعاليم تكفِّر “الغوييم” وتمنع الزواج منهم وتأمر بطردهم من أراضيهم.

2. وأيضاً الوهابية، هي حركة عنصرية تكفيرية؛ فتعتبر حسب محمد بن عبدالوهاب: “مَن دَخَل في دَعوتِنا فلَهُ مَا لنَا وعلَيه ما علَينا ومَن لم يَدخُل فهو كافرٌ مُباحُ الدّم”.

والتاريخ يذكر أن ارتكاب المجازر بدم بارد يجمع بين الصهيونية والوهابية.

1. عصابات الصهاينة ارتكبوا المجازر في فلسطين حين احتلالها ولايزالون حتى اليوم، وقد وثّق مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات (مقره بيروت)، عدد المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في الفترة بين 1937 و1948، بحيث زادت عن 75 مجزرة، ارتقى إثرها أكثر من 5 آلاف شهيد فلسطيني، فضلاً عن إصابة الآلاف بجراح بليغة.

2. وأما الوهابية ومنذ حوالي قرن وتحديدِا في بداية العام 1342 هجرية الموافق 1923 ميلادي، نفذوا بأيدي الجنود السعوديين مجزرة مروعة بحق آلاف الحجاج اليمنيين، وعُرفت لاحقا باسم “مجزرة تنومة”. (وتنومة بلدة في عسير وتحدث عنها المؤرخ القاضي عبدالكريم مطهر، رحمه الله). فهاجم الجنود بأسلحتهم الحجيج وقتلوهم دون رحمة بعد أن أخذوا الأمان من حاكم عسير. وقد قتل أكثر من 2900 حاج في مجزرة واحدة، ولايزال الجنود السعوديون ومرتزقتهم يرتكبون المجازر في اليمن دون مخافة من الله سبحانه وتعالى.

تبرير احتلال اليمن بوهم “دعم الشرعية”

عمد قادة الصهاينة وعملاؤهم إلى اختراع وَهْم وسراب إغلاق باب المندب ليبرروا احتلال اليمن بذريعة ما سموه “دعم الشرعية”. وأما الهدف الرئيس فهو احتلال مضيق باب المندب وتحديداً جزيرة ميون للحفاظ على حرية الملاحة الدولية في مضيق باب المندب بناءً على الأوامر الصهيونية وقد تعهدت الإمارات وبالتنسيق مع السعودية لأجل تنفيذ هذه المهمة.

وقد تم التمهيد للترويج عن خطورة الوضع في باب المندب عبر الصحافة، وكأن العالم قد كلف السعودية والكيان الغاصب بحمايته، متناسين أن مضيق باب المندب يقع تحت السيادة اليمنية ومهمة اليمن الحفاظ على حرية الملاحة الدولية فيه طالما احترموا سيادة اليمن ولم يعتدوا عليه.

“تأمين باب المندب” كمدخل للعدوان

وبتاريخ 5 شباط/ فبراير 2015، أكد رئيس هيئة قناة السويس الفريق مهاب مميش أن مصر لن تقبل بإغلاق مضيق باب المندب في اليمن، بأي حال من الأحوال، وسوف تتدخل عسكرياً إذا تم ذلك.

وقال مميش، في تصريحات صحفية، إن هناك قوة عسكرية جاهزة للتدخل إذا حاولت “الجماعات المتطرفة” في اليمن، حد قوله، إغلاق المضيق، مضيفا أن إغلاق الممر المائي يؤثر بشكل مباشر على قناة السويس، وعلى الأمن الوطني لمصر.

وبتاريخ 7 آذار/ مارس 2015، كتب محمد بدير في جريدة الأخبار المصرية: “أبلغت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أخيراً كل شركات السفن الإسرائيلية بالتعامل مع سواحل اليمن بوصفها سواحل دولة معادية، ما يفرض عليها اتخاذ إجراءات متشددة على مستوى الحماية والتأهب عند عبورها مضيق باب المندب”.

وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، مؤخراً، أن ثمة خشية سائدة داخل المؤسسة الأمنية في كيان العدو “من أن يحاول الإيرانيون الذين سيطروا على أجزاء واسعة من اليمن، إغلاق المضيق أو التعرض للسفن الإسرائيلية بواسطة صواريخ تطلق من الساحل”.

ويمثّل مضيق باب المندب مساراً بحرياً رئيسياً بالنسبة إلى الأسطول التجاري الإسرائيلي، إذ يعد بوابة الدخول إلى البحر الأحمر، الذي يمثل معبراً حيوياً للسفن في طريقها من الشرق الأقصى إلى «ميناء إيلات» أو قناة السويس.

وفي 23 آذار/ مارس 2015، أوردت وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) القول: “بات مضيق باب المندب الاستراتيجي بين خليج عدن والبحر الأحمر حيث يمر قسم لا يستهان به من الملاحة الدولية، بمتناول المسلحين الحوثيين الذين يتقدمون في جنوب غرب اليمن”.

وأضافت: “يقع المضيق الذي يفصل الجزيرة العربية عن أفريقيا قرب مدينة تعز التي سيطر الحوثيون الأحد على مطارها ويسعون إلى السيطرة عليها بشكل كامل. ويكفي بالنسبة للحوثيين أن يتقدموا قليلا نحو الغرب ليصبحوا على الساحل المطل على المضيق”.

كانت تلك الأخبار مقدمة لتعبئة الرأي المحلي والدولي وعدم المعارضة أو الاعتراض على اتخاذ أي إجراء ضد اليمن.

فقادت السعودية والإمارات العدوان الكوني الغادر على اليمن في الساعة الثانية صباحاً بتوقيت السعودية من يوم الخميس 6 جمادى الآخرة 1436هـ/ 26 آذار/ مارس 2015 لتحقيق أكبر عدد من الشهداء والجرحى. فقد قامت “القوات الجوية السعودية والإماراتية” بقصف جوي كثيف على صنعاء دون تمييز بين الأهداف العسكرية والأحياء السكنية والمدارس والمستشفيات ودور الأيتام والبنى التحتية فطال التدمير كل شيء وفرضت حصاراً جائراً على كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية، وتعتبر هذه الأعمال حسب القوانين الدولية جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وقد تذرعت القيادة السعودية الإماراتية المشتركة بأن العدوان جاء لـ”دعم الشرعية” في اليمن، متناسين أن هادي قد انتهت مدة ولايته وبات منتحلا صفة رئيس جمهورية، لأنه تم التوافق على انتخابه لمدة عامين فقط.

وسرعان ما احتلت القوات الإماراتية معظم الموانئ اليمنية على البحر الأحمر وخليج عدن وجزيرة ميون (داخل باب المندب) التي باتت اليوم ثكنة عسكرية؛ وتم بناء مطار حربي داخلها لصالح العدو الصهيوني. ويتم حالياً تغيير ديموغرافي من خلال تهجير سكانها تمهيداً لإحضار المرتزقة لضمان ولائهم.

لماذا تخلت مصر عن تيران وصنافير؟

وبعد احتلال باب المندب تكثفت الضغوط على مصر لنقل ملكية جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية؛ وبذلك ستتحول المياه في جزيرتي تيران وصنافير من مياه إقليمية تخضع للسيادة المصرية إلى مياه دولية تخضع لقانون البحار.

وهناك لغز محيِّر لم يتم فك شيفرته حتى اليوم ويتمثل بسهولة تخلي الرئيس السيسي عن سيادة مصر على الجزيرتين.. فأي سر أو فضيحة تم تهديد السيسي بها؟!

وفي المحصلة أقر البرلمان المصري، يوم الأربعاء 14 حزيران/ يونيو 2016، اتفاقية تعيين الحدود البحرية مع السعودية والتي تتضمن نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر عند المدخل الجنوبي لخليج العقبة إلى سيادة المملكة السعودية، تمهيدا لتسليمها إلى الكيان الصهيوني.

وبناءً على كل هذه المعطيات، فإن العدوان على اليمن كان انصياعاً وإذعاناً للعدو الصهيوني وبالتنسيق المسبق الكامل معه لنجاح مشروع حفر قناة بن غوريون في فلسطين المحتلة.

*عدنان علامة – كاتب ومحلل سياسي لبناني

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com