أفق نيوز
الخبر بلا حدود

“تل أبيب” تدق طبول الخشية من مفاوضات صنعاء والرياض في مسقط

672

أفق نيوز../

التبرُّم الصهيوني يتصاعد قلقاً وخشية، وبما يتجاوز ما تورده منصات التحليل الإعلامية، إلى ما يصدر عن منصات عرابتَيْ «تل أبيب»: واشنطن ولندن، السياسية والاقتصادية والعسكرية، باتجاه فرملة أي تفاهمات بين صنعاء والرياض، وعرقلة أي تقارب بينهما للحل، وبما يفضي إلى استمرار العدوان على اليمن والقضاء على قيادته وجيشه ومقاومته، ومواصلة محاولات إعادته إلى حظيرة الوصاية، أو على الأقل تحييده عن معادلات محوري المقاومة والانبطاح.

في الجهة المقابلة، يجد الصهاينة في أي مقاربة للحل خطراً يهدد استراتيجيتهم الهادفة إلى إبرام اتفاقية علنية للتطبيع مع الرياض، وهو الهدف الذي يضعه رئيس وزراء حكومة الكيان، بنيامين نتنياهو، في قمة أولوياته، حيث زعم مؤخراً، في مقابلةٍ صحافيّةٍ مع قناة تلفزةٍ فرنسيّةٍ، أنّ «التطبيع مع العربيّة السعوديّة أقرب بكثير ممّا تتخيّلون».

وفي موقع «جيروزاليم بوست» العبري، تحت عنوان «آمال اليمن في مستقبل سلمي تتلاشى بعيداً»، يتناول نيفيل تيلر صور المشهد اليمني ما بعد انتهاء الهدنة وما قبل تجديدها المحتمل، مقدماً تصوراً مختصراً -مُغلفاً بفنتازيا رقمية إنسانية مخادعة- للمخاوف الصهيونية من أي تفاهم قد يتحقق بين صنعاء والرياض.

يقول تيلر إن «الوضع أصبح غير مستقر للغاية، بحيث لا يمكن استمراره. ازدادت انتهاكات وقف إطلاق النار، وتوقفت المحادثات الرامية إلى إعادة فتح الطرق المحلية، ولم يكن هناك اتفاق حول كيفية استيفاء رواتب موظفي القطاع العام، الذين لم يُعوض الكثير منهم كما ينبغي لسنوات»، مضيفاً أن «التسوية السلمية الدائمة في اليمن تواجهها عقبتان رئيستان: يشعر الحوثيون، المدعومون بأسلحة إيرانية متطورة، بقوتهم بشكل متزايد، بينما التحالف الذي يقاتلهم ممزق بسبب الصراع الداخلي».

ويستبعد المحلل الصهيوني أي احتمال لتجديد الهدنة أو التوصل إلى اتفاق «في ظل الظروف الحالية؛ لقد انغمس اليمن في حالة جديدة من عدم اليقين، وتزايد خطر نشوب حرب»، حيث «يعتقد الحوثيون أن لديهم فرصة للإطاحة بالحكومة والسيطرة على كل اليمن، ويبدو أن مناشدة الجماعة للتفاوض على هدنة جديدة لن تلقَى آذاناً صاغية. في غضون ذلك، فآمال اليمن في مستقبل سلمي تتلاشى بعيداً»، وفقاً لتعبيره.

بالتزامن (وبالتخادم المتبادل) ينقل موقع «نتسيف نت» العبري عن موقع «الساحل الغربي» التابع للمرتزقة، ما نقله عن مصادر عسكرية من أن «جماعة الحوثيين، المدعومة من إيران، نشرت قواعد صاروخية ومنصات لإطلاق طائرات مُسيّرة في المناطق الخاضعة لسيطرتها بمحافظة الحديدة، بالتزامن مع تدفق تعزيزات عسكرية لها، وتنظيمها حملة تجنيد جديدة لزيادة قواتها على جبهات القتال هناك»، لافتاً إلى أن «هذه الاستعدادات تعد تصعيداً يهدد الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وسبيلاً للتهرب من تحقيق السلام، وإفشال المساعي الدولية لتجديد الهدنة»، بحسب الموقع.

وفي سياق المخاوف الصهيونية من أي حلٍّ في اليمن، وتحت عنوان «عمان بحاجة لإيران وإسرائيل تدفع الثمن»، يقول شاحر كلايمان، في موقع «يسرائيل هيوم» العبري، إن «سلطنة عمان بذلت جهوداً مكثفة، في الأسابيع الأخيرة، للحفاظ على موقعها كوسيط محايد في المنطقة، وبالتالي استعادة الاستقرار في اليمن؛ ولكن إسرائيل، على ما يبدو، هي التي تدفع الثمن»، ناقلاً عن مسؤولين عرب لم يسمهم أن «عمان بحاجة إلى إيران التي تتمتع بنفوذ على مليشيا الحوثي التي تمولها وتسلحها»، بحسب تعبيره.

يضيف كلايمان أنه «في هذه الأجواء، يبدو أن مسقط تحاول أن تنقل لطهران رسالة مفادها أنها ليست جزءاً من التحالف السري أو العلني بين تل أبيب ودول الخليج. كان النقاش حول توسيع قانون المقاطعة ضد إسرائيل في مجلس الشورى في عمان إشارة واضحة إلى ذلك».

ويشير كلايمان إلى أنه «جرى التوصل، في الصيف الماضي، إلى اتفاق بين إسرائيل والسعودية. وفي ضوء بند في اتفاق السلام، وافقت إسرائيل على إعطاء الضوء الأخضر لمصر لنقل جزيرتي تيران وصنافير إلى السيادة السعودية. وفي مقابل ذلك فتحت المملكة مجالها الجوي أمام الرحلات الجوية الإسرائيلية… وكان المتوقع أن تتبع عمان مسار جارتها من الغرب وتمهد الطريق لرحلات أقصر إلى الشرق الأقصى، وهو تطور مهم يمكن أن يخفض تكاليف الوقود وحتى تذاكر الطيران».

ويستدرك المحلل الصهيوني بأن «الآمال تختلف عن الواقع. ويهدف النقاش حول توسيع قانون المقاطعة إلى إيصال رسالة مفادها أن التطبيع مع عمان لا يزال بعيداً. علاوة على ذلك، ربما نشهد صفقة أبرمها الإيرانيون على حساب إسرائيل: تدخل لتحقيق الهدوء في اليمن مقابل قطع المجال الجوي أمام الرحلات الجوية».

في الضفة الأخرى من مجرى المفاوضات نشر الكاتب الفلسطينيّ رجب أبو سريّة مقالاً في صحيفة «الأيّام» وأعاد نشره موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبريّة، جاء فيه: «يعترف الإسرائيليون بأهمية السعودية إقليمياً ووزنها في معادلة الصراع، وأنّ كلّ ما عقدوه حتى اللحظة من اتفاقيات أبراهام مع الإمارات، البحرين، المغرب، والسودان، ومن قبلهم مصر والأردن، ليس كافياً، ما دامت السعودية بوزنها ومدى تأثيرها على العرب والمسلمين خارج الاتفاق»، حدّ تعبيره.

لكن ما الذي يجعل أي اتفاق بين صنعاء والرياض تهديداً لهدف الكيان الصهيوني في إخضاع السعودية؟! وما هو الدور الأمريكي في منع ذلك الاتفاق وفي إزالة هذا التهديد؟!

يؤكد الزميل غير المقيم في مركز التعاون الدولي بجامعة نيويورك جيمس تروب أن «خارطة طريق هذا الهدف ليست سهلة؛ إذ ترتبط بشكل وثيق بدفع الولايات المتحدة الأمريكية الرياض نحو قبول التطبيع».

وذكر تروب، في مقال نشرته مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، أن «مقايضة كبح تطرف الحكومة الإسرائيلية اليمينية مقابل دفع بايدن السعودية نحو قبول التطبيع يمكن أن تمثل صفقة يعرضها نتنياهو في زيارته القادمة إلى واشنطن، خاصة أنه بحاجة ماسة إلى هكذا جائزة كبرى لضمان بقائه في السلطة من جانب، وعدم الزج به في السجن بتهم الرشوة والفساد التي تلاحقه، من جانب آخر».

وبحسب تروب، يعتقد نتنياهو أن «واشنطن تستطيع دفع السعودية نحو التطبيع، عبر دعم المملكة بمبيعات الأسلحة، واعتبارها مع إسرائيل القوة الإقليمية الرئيسية بالمنطقة عبر التزام أمني صارم من جانب الولايات المتحدة، خاصة أن النظام الشيعي الثوري في إيران يشكل تهديداً خطيراً حسب تقدير جيرانه السُّنَّة وإسرائيل».

وهنا يشير تورب إلى أن «جوهر اتفاقيات إبراهام هو التعاون الأمني الإقليمي ضد إيران»، ولذا وقعت «إسرائيل» اتفاقيات أمنية مع البحرين والمغرب، وتساعد الإمارات بمنظومة الدفاع الجوي الصاروخي، في أعقاب هجمات على أبوظبي شنها «الحوثيون المدعومون من إيران».

وأضاف أن «هجمات الحوثيين التي استهدفت السعودية أيضاً، ساعدت في دفع دول الخليج العربي إلى فلك إسرائيل، التي يشكل نظام قُبَّتها الحديدية أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في مجال الدفاع الجوي الصاروخي».

ويرى تروب أن «نتنياهو محق في الاعتقاد بأن الشرق الأوسط سيكون مكاناً مختلفاً إذا انضمت السعودية إلى اتفاقيات إبراهام»، مشيرا إلى أن هذا الاحتمال بات محل نقاش علني في الرياض؛ إذ لم يعد ولي عهد المملكة وحاكمها الفعلي، محمد بن سلمان، متعاطفا مع الفلسطينيين، بدرجة تفوق رئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان.

لكن السبب الأبرز لصعوبة خارطة طريق نتنياهو نحو التطبيع مع السعودية هو أن بايدن لن يقدم التنازلات التي يريدها ابن سلمان، حسب ما يرى تروب.

وأوضح: «حتى لو تركنا جانباً السلوك الوحشي لولي العهد السعودي في الداخل، بما في ذلك الإذن بقتل وتقطيع أوصال الصحفي المعارض جمال خاشقجي، فقد أمضى سنوات في خوض حرب وحشية مدمرة في اليمن».

وإزاء ذلك، سيكون من غير المعقول أن تقبل الولايات المتحدة علاقة مع السعودية شبيهة بحلف شمال الأطلسي، حسب ما يرى تروب، متسائلا: «ماذا لو رد ابن سلمان على هجوم حوثي آخر بضربة ضد إيران، ثم تذرع بالالتزام الأمني للولايات المتحدة تجاه المملكة إذا ردت طهران؟!».

المصدر: صحيفة “لا”

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com