أفق نيوز
الخبر بلا حدود

حصار غزة يحصد أرواح الأطفال: 66 شهيدًا بسبب الجوع وسوء التغذية

46

أفق نيوز|

تقرير |

جوع قاتل في غزة: مأساة إنسانية تتفاقم في ظل الحصار والإبادة البطيئة

في مشهد يعيد إلى الأذهان أكثر فصول التاريخ قتامة، يواجه الفلسطينيون في قطاع غزة كارثة إنسانية شاملة، حيث لم يعد القتل مقصورًا على السلاح والرصاص، بل بات الخبز والدواء والماء أدوات حصار قاتلة بطيئة.

منذ بدء “التهدئة” المعلنة في 19 يناير 2025، شهدت غزة انفراجة مؤقتة في إدخال المساعدات الإنسانية، سرعان ما تلاشت مع قيام قوات الاحتلال بإغلاق جميع المعابر مطلع مارس، ضمن سياسة ممنهجة للضغط على المقاومة من خلال تجويع المدنيين.

ضحايا الجوع والقصف: أرقام تتحدث عن مجزرة مستمرة

وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أكدت أن 28 شهيدًا و223 إصابة وصلوا إلى المستشفيات خلال 24 ساعة فقط، ليرتفع إجمالي الشهداء إلى 56,531، والمصابين إلى أكثر من 133 ألفًا منذ بدء العدوان.
وحدها “لقمة العيش” أودت بحياة 583 شخصًا، وأصابت أكثر من 4,100 آخرين، في سياق ما وصفه المكتب الإعلامي الحكومي بأنه “مجزرة ممنهجة تستهدف الجوعى المنتظرين للمساعدات”.

الطفولة في مرمى الجوع: سوء التغذية يحصد الأرواح

منظمة الصحة العالمية كشفت أن نحو 112 طفلًا يدخلون يوميًا مستشفيات غزة للعلاج من سوء التغذية الحاد، وسط انعدام الغذاء ونقص حاد في الحليب العلاجي.
كما تؤكد وكالة “أونروا” أن القطاع الصحي في غزة يواجه انهيارًا شبه تام، بسبب تدمير المنشآت الصحية ومنع دخول الإمدادات والوقود.

في هذا السياق، يواجه ما يزيد عن 14 ألف مريض وجريح خطر الموت مع استمرار منع خروجهم لتلقي العلاج في الخارج. وقد توفي 546 مريضًا بالفعل وهم على قوائم الانتظار، بينهم عدد كبير من مرضى الكلى، الذين فقد منهم أكثر من 40% حياتهم نتيجة نقص الخدمات الطبية.

“إطلاق النار على الجياع”: اعترافات جنود الاحتلال تفضح الجريمة

لا تقتصر معاناة الغزيين على الجوع، بل تمتد لتشمل استهدافًا مباشرًا للمدنيين أثناء انتظارهم للمساعدات.
في تقرير نشرته صحيفة “هآرتس” العبرية، كشف جنود وضباط من جيش الاحتلال عن تلقيهم أوامر مباشرة بإطلاق النار على الحشود المدنية المتجمعة حول نقاط توزيع المساعدات، حتى دون وجود أي تهديد.

“نفتح النار في الصباح الباكر على أي اقتراب من مراكز المساعدات. لا توجد غازات مسيلة ولا وسائل تفريق… فقط رصاص حي”، هكذا نقل أحد الجنود.
آخرون أكدوا أن المدنيين يُعاملون كأعداء في ساحات قتل حقيقية، وأن المدافع والدبابات تحيط بمراكز التوزيع لمنع الجوعى من الوصول، وأن إطلاق القذائف يتم لمجرد اقتراب الناس.

التحقيق كشف أيضًا عن تورط مقاولين إسرائيليين يتلقون مكافآت مالية مقابل كل منزل يُهدم قرب طرق المساعدات. “الهدم يتم بهدف التربح، ومن يقترب يُستهدف بالقذائف”، قال جندي آخر.

الموت جوعًا: الرضيع ليس مقاتلًا، والعدس ليس حليبًا

الطفلة “جوري المصري”، ذات الثلاثة أشهر، توفيت جراء الجوع وسوء التغذية، لتنضم إلى قائمة ضحايا الحصار الذين لا يعرفون سوى الألم.
ووفق وزارة الصحة، هناك أكثر من 59 ألف طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية، و17 ألفًا لقوا حتفهم منذ بدء الحرب. كما توفيت نحو 9 آلاف امرأة، وتواجه 55 ألف امرأة حامل مخاطر صحية جسيمة بسبب نقص الغذاء والدواء.

في مشاهد مروّعة تشبه أفلام ما بعد الكوارث، تُظهر حضانات غزة أطفالًا هزلى، أجسادهم تذبل، ووجوههم شاحبة بلا دموع. هؤلاء الرُضع لا يعرفون معنى “المعبر المغلق” أو “اللائحة السوداء”، لكنهم يعرفون شيئًا واحدًا: الجوع يفتك بهم كل يوم.

حصار أم إبادة؟

إن استمرار منع دخول المساعدات الحيوية، بما في ذلك الغذاء والدواء، وسط استهداف مباشر للمدنيين، لم يعد يُوصف فقط كـ”حصار”، بل يرقى إلى جريمة إبادة جماعية بصوت منخفض، كما تؤكد منظمات حقوقية وإنسانية دولية.

المعاناة والمقاومة: وجهان لغزة

رغم هذا المشهد المأساوي، تواصل غزة صمودها. فالمجازر والدمار، ورغم ضراوتها، لم تنجح في كسر إرادة الفلسطينيين أو دفعهم إلى الاستسلام.
كل طفل يسقط شهيدًا، وكل أم تودع صغيرها، تكتب سطرًا جديدًا في سجل المأساة والصمود، وتؤكد أن هذه الأرض ما زالت تنبض بالحياة والحق.

ويبقى السؤال قائمًا: إلى متى سيبقى العالم صامتًا أمام كارثة إنسانية بهذا الحجم؟ وهل ما يجري في غزة هو ثمن الحرية، أم فضيحة أخلاقية للضمير الإنساني المعاصر؟