“مساعدات” أمريكية مغمَّسة بالدم
أفق نيوز|
أصيل علي البجلي
تتواصل فصول المأساة الإنسانية في قطاع غزة، ويُطلّ شبح المجاعة بوجهه القبيح على شعب محاصَر، فيما تتكشف يومًا بعد يوم أبعاد الدور الأمريكي في هذا السيناريو الدموي. لم تعد المسألة مُجَـرّد فشل في إيصال المساعدات، بل هي تواطؤ مباشر، وتحويل متعمد للمساعدات الضرورية إلى أدَاة لزيادة المعاناة، وفي أسوأ الأحوال، إلى وسيلة للقتل المتعمد.
ما يحدث ليس “تقصيرًا” أمريكيًّا، بل هو جريمةٌ متكاملةُ الأركان تتجلى في كُـلّ حبة قمح تُمنَع، وفي كُـلّ قطرة ماء تُحجَب، وفي كُـلّ خيمة تُقصَف.
الولايات المتحدة الأمريكية، التي تزعم أنها رائدة العمل الإنساني، هي نفسها من تقدم الدعم العسكري والسياسي اللامحدود للكيان الصهيوني، الذي يُحكم قبضته على معابر غزة ويُضيّق الخناق على أهلها.
هذا التناقض الصارخ ليس محض صدفة؛ إنه استراتيجية شيطانية تهدف إلى تحقيق أهداف خبيثة: إخضاع المقاومة، وتهجير السكان، وتغيير ديموغرافية القطاع. فكيف يمكن ليدٍ تُغذّي آلة الحرب أن تُقدم في الوقت نفسه “مساعدة” بريئة؟ إن هذه المساعدات، التي تُقدم بذراع، وتُحجب بألف ذراع عبر إغلاق المعابر وتبرير العدوان، هي في جوهرها ملوثة بالدماء.
إن أساليب إيصال المساعدات نفسها تُفصح عن النوايا الخبيثة. فبدلًا عن فتح المعابر البرية التي يمكن أن تُغرق غزة باحتياجاتها، تُصرّ أمريكا على سيناريوهات معيَّنة؛ فمن “الإنزال الجوي” أَو “الرصيف البحري” المزعوم إلى “مراكز التوزيع” القاتلة. هذه الطرق ليست فقط غير فعالة وغير كافية، بل هي تكتيكات تُستخدم للتحكم بالتدفق، ولخلق فوضى تخدم العدوّ.
عندما يتجمع الناس اليائسون، يصبحون أهدافا سهلة للقصف، أَو للتدافع الذي يُودي بحياتهم. هذا هو قمة الرذيلة في استخدام المساعدات: تقديمها بشكل يُحولها إلى مصيدة للموت، ويُلقي باللوم على الضحايا أَو على “سوء التنظيم”.
أمريكا ليست مراقبًا محايدًا أَو وسيطًا “حَسَنَ النية”؛ هي شريك أَسَاسٌ في هذه الجريمة.
دعمها اللامحدود للكيان، وصمتها المطبق على مجازر التجويع، ومحاولاتها المُستمرّة لتمرير حلول سياسية لا تخدم إلا مصالح العدوّ، كلها تؤكّـد أنها تستخدم المساعدات كإحدى أدوات الضغط والتدمير.
إنها تمارس القتلَ المتعمد لأبناء غزة، ليس بالرصاص فقط، بل بمنع الطعام والدواء، ثم بتقديم جرعات قاتلة من “المساعدات” التي تزيد من معاناتهم وتخلق ظروف الموت.
على العالم أن يدركَ أن الأيادي الأمريكية ليست بريئةً من دم أطفال غزة ونسائها وشيوخها.