أفق نيوز
الخبر بلا حدود

تهديدات العدو ورقة محروقة، والانهيار الناعم للكيان مستمر

44

أفق نيوز|
تقرير | وديع العبسي 

يعلم العدو الصهيوني أنه لن يستطيع فعلها بالمعنى الذي قصده في تهديده، وإنْ تهور فإنه لن يصل إلى شيء، فحدود قدراته ثابتة ولا تزيد عن استهداف الأعيان المدنية، وقدرته على الاستمرار ضئيلة، وإمكانياته لا تعينه على فعل أكثر مما قد فعل من قبل، ثم سيذعن تحت وقع الضربات اليمنية الدفاعية وينسحب.

عقب عودة ميناء الحديدة للعمل بكامل طاقته، رغم الهجمات التي تعرض لها من قبل العدو الإسرائيلي وكذا الأمريكي، زاد الحديث داخل الكيان بين أوساط المحللين والخبراء العسكريين عن هذا الإعجاز المدفوع بقوة الإرادة لدى اليمنيين، التي تأبى عليهم التراجع والانهزام. وأكد موقع “ذا ماكر” الصهيوني غير مرة أن “هجوم القوات البحرية الإسرائيلية على ميناء الحديدة لن يغيّر ميزان القوى بين “إسرائيل” و”الحوثيين”، حسب تعبير الموقع، وقال: “الأمريكيون والبريطانيون لم ينجحوا في رفع الحصار عن “إيلات”، وقد تناوبوا في إرسال المدمرات وحاملات الطائرات، بل حتى أرسلوا غواصة كانت تحمل في الماضي صواريخ باليستية نووية”، وأضاف “لا يوجد سبب يدعو للاعتقاد بأن عملية سلاح البحرية ستحسم المعركة مع “الحوثيين” أو ستوقف الرشقات اليومية تقريبا من الصواريخ والمسيّرات التي تُطلق من اليمن”، وينقل موقع “ذا ماكر” عن نائب قائد بحرية العدو السابق “شاؤول حوريف” قوله “سلاح الجو هاجم اليمن 5 مرات ولم يُهزم “الحوثيين”، وكذلك الهجمات البحرية لن تهزمهم.

فيما اعترفت صحيفة The Jewish Independent العبرية بأنه رغم محاولات كيان العدو تنفيذ غارات جوية على الأراضي اليمنية، إلا أن هذه الهجمات لم تحقق أي تأثير ملموس في قدرات اليمنيين، ولا في إرادتهم الصلبة التي تزداد تصاعداً وثباتاً كلما طال أمد العدوان. وفق الصحيفة.

الصاروخ اليمني يضع الكيان في الوضع الحرج

وعلى ذلك قاست النخبة الخبيرة داخل الكيان صعوبة إرضاخ اليمن ومنعه من القيام بالتزاماته تجاه الشعب الفلسطيني، في المقابل أيضا، كان الصاروخ اليمني منفردا يحدث كل مرة اهتزازات لها تأثيراتها على واقع كيانهم، فوصوله يُبقي على الغاصبين في حالة يقظة مستمرة خوفا على حياتهم، ويعطل كثيراً من مناحي حياتهم، ويفاقم من المشاكل الاقتصادية العامة، فضلا عن فقدان ثقة الخارجي الذي تربطه معهم علاقات تجارية واقتصادية.

ووفق ذلك يبدو ميزان القوة المؤثرة في صالح القوات المسلحة اليمنية، وعلى ذلك لا يبدو في تشنجات العدو أي أثر محتمل، وهذا الأمر هو ما بات يطرح على طاولة مجلس الحرب، ولا تتجاوز التهديدات مربع إفراغ شحنة الغضب، والتعبير عن حالة الإحباط من المعضلة اليمنية التي لم تدخل أبدا في حسابات الكيان وأعوانه.. يتفق الخبراء على أنه وبحساب التأثير، بغض النظر عن طبيعة السلاح، يبدو اليمن هو المتفوق في جولة الهجمات المتبادلة مع “إسرائيل”، فإلى جانب حالة فقدان الشعور بالأمان نتيجة الزائر اليماني أكان باليستيا أو فرط صوتي أو طيرانا مسيرا، فإن خسائر الاقتصاد والإيقاع المنتظم لهذه الخسائر نتيجة استمرار الضربات اليمنية تجعل من الكيان في الوضع الحرج سواء على مستوى الحاضر أو المستقبل.

تذكر صحيفة The Jewish Independent العبرية أن اليمن تحول إلى كابوس يومي يضرب عمق الكيان المحتل رغم بُعد المسافة بين الجبهتين بأكثر من ألفي كيلومتر. وكشف الموقع بأن الكيان تكبّد “خسائر اقتصادية تقدر بمليارات الدولارات”، وذكّر بميناء “إيلات” الاستراتيجي الذي دفعته الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة نحو الإفلاس الكامل بفعل تعطل حركة التجارة الآسيوية عبر البحر الأحمر. حسب الموقع.

وأشار تقرير للصحيفة أن عمليات القوات المسلحة اليمنية شلّت كذلك الحركة في مطار “بن غوريون” الدولي، حيث أصابت الصواريخ الباليستية البنية التحتية للمطار مباشرةً، ما أدى إلى انسحاب العديد من شركات الطيران الدولية من السوق “الإسرائيلي”، بينها شركات أوروبية كبرى مثل لوفتهانزا وراين إير، محدثةً أضراراً اقتصادية قدرت بمليارات الدولارات”.

التقرير العبري أكد أيضا أن البنية العسكرية المتطورة للجيش اليمني تطورت بشكل مذهل خلال سنوات العدوان الأمريكي السعودي، حيث باتت تمتلك قدرات صاروخية متقدمة، وطائرات مسيرة، وأنظمة بحرية متطورة، أعادت رسم خارطة التوازنات في البحر الأحمر والقرن الأفريقي، وجعلت من اليمن قوة إقليمية مؤثرة يصعب تحييدها.

التعتيم يفشل في إخفاء حجم الخسائر

وليس على مستوى الضربات الإيرانية فقط، وإنما قبل ذلك وبعده مع الهجمات اليمانية، انتهجت السياسة الإسرائيلية مبدأ التعتيم الإعلامي إلى أقصى حد عن مقدار الخسائر والآثار، مع ذلك لم يكن بمقدوره مواصلة التعتيم، أو منع خروج الكثير من الشواهد الدالة على شعور الكيان بالخجل من معالم هذه الضربات، والأهم من ذلك، أنه كان هناك من الشواهد ما لم يكن ولن يكون بمقدور الكيان إخفاؤه، وهي تلك التداعيات ذات الارتباط بالعالم الخارجي، فالحصار الذي فرضه اليمن على ملاحة العدو بحرا وجوا خيم بقيامته على اقتصاده وحياة مستوطنيه، فضلا عن سمعته العسكرية التي لم تكن إلا زوابع إعلامية.

والتركيز على الآثار والتداعيات يأتي لكون تلك المشاهد لم يشأ الإسرائيلي والأمريكي التفكير في احتمالية حدوثها يوما، خصوصا وأن اليمن ظل طوال عقود مضت دولة ضعيفة تقع في أسفل السلم العالمي في كل المناحي، ما جعل حجم تلقي الضربات من هذا البلد وآثارها عظيما.

في الحرب الأمريكية الإسرائيلية على غزة، ثم استعراض العضلات بشن هجمات عدوانية على اليمن وهو الصوت البارز في محور المقاومة، خطى الكائنان أولى الخطوات نحو مربع الانكشاف، ولما كان البأس اليماني في مستوى التحدي، وظل اليمن يفرض معادلته على قواعد المواجهة، وعجز معها الأمريكي من تحقيق هدف استراتيجي، يسمح بإسكات إزعاج صافرات الإنذار داخل الكيان، ويمكن المستوطنين من النوم، حاولت أمريكا تأليب العالم في تحالفات هزيلة لتوزيع دم اليمنيين على حثالة البشر، فجاءت النتيجة على أمريكا ومن دار في فلكها أكثر وبالا، لتنهار التحالفات وتنسحب مع الخيبة، وتترسخ في الوقت ذاته قناعات جديدة بأن اليمن، الذي كان في حساباتهم البلد الصغير الذي ليس له أن يفكر في المواجهة، خيب كل تلك الحسابات.

يُعيد موقع Energy Intelligence التذكير بحرب تحالف العدوان ضد اليمن، مشيرا إلى فشل التحالف السعودي – الأمريكي في إخضاع اليمنيين منذ انطلاق عمليات “عاصفة الحزم” في 2015، رغم حجم القوة والتقنيات المتقدمة المستخدمة. وأكد الموقع أن “الحوثيين سرعان ما نقلوا المواجهة إلى العمق السعودي، مستهدفين منشآت النفط بالصواريخ والطائرات المسيّرة، كما نفذوا توغلات برية داخل الأراضي السعودية، ما أجبر الرياض لاحقًا على الدخول في مفاوضات معهم ووقف عدوانها”.

كما استعرض الموقع المواجهة البحرية بين أمريكا والقوات اليمنية، مُعتبرا اتفاق الانسحاب الأمريكي مؤشرًا على إدراك واشنطن لصعوبة كسر إرادة “الحوثيين” عسكريًا. وقال إن اليمنيين “خرجوا من صراعهم الأخير مع واشنطن أكثر قوةً وصلابةً، حيث أثبتوا قدرتهم على تحييد أعتى آلة عسكرية في العالم”، وفرضوا أنفسهم لاعبًا صعب التجاوز في المعادلة الجيوسياسية الإقليمية والدولية، معززًا ذلك بـ”روح صلبة لا يمكن كسرها”، حسب التقرير.

تثبيت إمكانية ضرب الإمبراطورية الأمريكية

عقب التجارب الأولى في شن الهجمات على اليمن لإيقاف ضرباته على الكيان الصهيوني والمتعاونين معه في بحار المنطقة إسنادا دينيا وانسانيا وقيميا لغزة، كانت لقاءات قادة العمل العسكري داخل أمريكا والكيان الإسرائيلي في حالة استنفار لتقييم أثر ما نفذوه من عدوان، وحساب ما بعده، ولأن الأمر كان ينتهي بهم دائما إلى نتائج مخيبة كانت القرارات تخلص إلى رفع وتيرة الهجمات، ليشهد العدوان الأمريكي على اليمن تصاعدا متشنجا، لم يكن توصيفه لدى اليمنيين بأكثر من كونه حماقة.

حرك الجيش الأمريكي -في عدوانه على اليمن دفاعا عن مجازر العدو الإسرائيلي في غزة- أفضل ما لديه من حيث الحداثة التكنولوجية والقوة، دون حساب لما كان يجره من خزي وعار على سمعة هذه القطع العسكرية: إم كيو9، ميج 18، بارجاتها وطوربيداتها، وحاملات الطائرات بمختلف مسمياتها. في مقابل السلاح اليمني محلي الصنع الذي حقق الإرباك والمفاجأة، وفرض معادلة التثبيت على إمكانية ضرب الإمبراطورية الأمريكية والكائن الإسرائيلي. حينها بدأ العالم يقرأ بتعمق تفاصيل المواجهة، والقدرات اليمنية غير المتوقعة التي أزاحت أفضل القدرات العسكرية الأمريكية والإسرائيلية من مشهد الردع.