أفق نيوز
الخبر بلا حدود

تصريف مياه الأمطار في العاصمة صنعاء: حلول جذرية أم مسكنات مؤقتة

29

أفق نيوز|

تقرير | يواجه سكان العاصمة صنعاء مشكلة متكررة كل موسم أمطار تتمثل في احتقان المياه في العديد من الشوارع الرئيسية، مما يؤثر على الحياة اليومية للمواطنين ويعيق حركة المرور.

 وفي إطار تسليط الضوء على هذه المشكلة، استضاف برنامج “نوافذ” على قناة المسيرة، اليوم السبت، مدير وحدة تصريف مياه الأمطار في أمانة العاصمة، المهندس عبد السلام محاوش، الذي بدوره استعرض الجهود المبذولة، والتحديات التي تواجهها أمانة العاصمة في سعيها لمعالجة هذه المشكلة.

 

الجغرافيا والسكان: التحدي الأساسي

وفي اللقاء أوضح المهندس محاوش أن المشكلة ليست وليدة اللحظة، بل هي مرتبطة بشكل أساسي بالتركيبة الجغرافية لمدينة صنعاء، فقد وصف العاصمة بأنها “على الخريطة الجوية تشبه الحوض المائي، تحيطها الجبال من جميع النواحي”، مما يجعلها تتلقى كميات هائلة من السيول من مختلف الاتجاهات، مبيناً أن هذا الواقع الجغرافي يتضاعف تأثيره السلبي بسبب الكثافة السكانية الكبيرة التي تصل إلى ما يقارب 8 إلى 9 ملايين نسمة، وهو ما يفرض ضغطاً هائلاً على البنية التحتية، بما فيها شبكات التصريف.

 

الجهود المبذولة والإنجازات الميدانية

وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي تعيشها بلادنا على مدى 10 سنوات جراء العدوان والحصار الأمريكي السعودي الإماراتي، أكد مدير وحدة تصريف مياه الأمطار أن أمانة العاصمة تبذل جهوداً كبيرة في التعامل مع المشكلة، واستعرض عدة نقاط تدعم هذا الطرح:

الأنفاق والجسور: أشار إلى وجود 17 نفقاً وجسراً في العاصمة، وأن الحلول في هذه المنشآت لا تتم عبر المصارف التقليدية، بل عبر منظومات ضخ للمياه، وضرب مثالاً بنفق الصداقة الذي تم تطوير منظومة مضخاته من قدرة 3 كيلو إلى 36 كيلو، مما أدى إلى عدم احتقان المياه فيه نهائياً خلال الموسم الحالي.

ميدان التحرير: أوضح أن مشكلة المياه الراكدة في ميدان التحرير، وهو منطقة منخفضة عن مستوى السائلة الكبرى، تم حلها عبر إنشاء حوض امتصاصي متطور وربطه بقنوات تصريف خاصة، مما منع ارتداد المياه من السائلة الرئيسية إليه.

التصريف في الشوارع الرئيسية: أكد أن المشاهد التي يراها المواطنون في شوارع مثل شارع خولان وحي الجامعة هي جزء من عملية تصريف طبيعية تأخذ وقتاً، وليست دليلاً على فشل النظام، مشيراً إلى أن المياه تتحرك في نهاية المطاف إلى السائلة الكبرى.

 

التحديات والعقبات.. من الطبيعة إلى الإنسان

وفيما لم ينكر المهندس محاوش وجود تحديات وصعوبات، فقد أشار إلى أن معظمها خارجة عن سيطرة الأمانة ومنها:

المخلفات والقمامة: تُعدّ القمامة والأتربة التي تجرفها السيول من المناطق المرتفعة إلى شبكات التصريف التحدي الأكبر، موضحاً أن هذه المخلفات تتسبب في انسدادات مستمرة تتطلب صيانة دورية على مدار الساعة، وأن الوحدة تقوم بهذه الصيانة بشكل مستمر لضمان عدم احتقان المياه.

سلوك بعض المواطنين: وجه المهندس عتاباً للمواطنين الذين يلقون مخلفاتهم المنزلية ومخلفات المطاعم في قنوات التصريف، مما يؤدي إلى إعاقة حركتها بشكل مباشر، لافتاً إلى أن بعض الأشخاص تم ضبطهم وإحالتهم إلى المحاكمة بسبب هذا السلوك.

الوضع الاقتصادي والحصار: أشار إلى أن الأمانة تمتلك مشاريع جاهزة للتنفيذ، لكن ظروف العدوان والحصار تعيق توفير الموارد اللازمة للبدء في هذه المشاريع العملاقة، مؤكداً أن العمل يتم بأقل الإمكانيات المتاحة.

 

دعوة للتعاون وأرقام الطوارئ

في إطار التأكيد على أن الحل يكمن في الشراكة بين المواطن والمسؤول، دعا مدير وحدة تصريف مياه الأمطار في أمانة العاصمة، المواطنين إلى أن يكونوا شركاء في عملية الحفاظ على شبكة التصريف.

وقدم المهندس محاوش أرقاماً خاصة بغرفة عمليات الطوارئ للسيول والكوارث، والتي تعمل على مدار 24 ساعة، وهي: 284444، مضيفاً أنه يمكن الاتصال بالرقم 01284444 من خارج الأمانة، مؤكداً أن خدمات الصيانة مجانية تماماً.

وأفاد أن مشكلة تصريف مياه الأمطار في صنعاء هي قضية معقدة تتداخل فيها عوامل جغرافية واقتصادية وسلوكية، مشيراً إلى أنه ورغم الجهود المبذولة من قبل أمانة العاصمة، فإن تحقيق حلول جذرية ودائمة يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف، من سلطات ومواطنين، للخروج من هذه الأزمة المتكررة والوصول إلى فضاء حضري أكثر أماناً ونظافة.