أفق نيوز
الخبر بلا حدود

كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي إحياء لذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام 1447هـ -2025م

138

أفق نيوز| 

إحياؤنا لذكرى استشهاد الإمام الحسين مواساة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما يعنيه من امتداد من موقع الهداية والأسوة والقدوة والقيادة الإمام الحسين عليه السلام هو صاحب قضية، وقضيته هي الإسلام الإسلام الذي يمقت الظلم، ويلعن الظالمين، ويواجه المستكبرين، ويقدم العدل والقسط منهجاً، ونظاماً، وحكماً، ومسؤوليةً أيضاً لأتباعه والمنتمين إليه، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ}، وآياتٍ كثيرة عن هذا الـمعلم المهم للإسلام. الإسلام الذي يبني أتباعه، والمنتمين إليه، ليكونوا أُمَّةً مجاهدةً، قادرةً على حماية نفسها، وعلى دفع الشر عنها، وعن المستضعفين في الأرض، وعلى مواجهة الطغيان والأشرار، وعزيزةً، منيعةً، قويةً، ليست بنياناً ضعيفاً هشاً في بنيتها الاجتماعية، ومعنوياتها النفسية، ولا فريسةً للمجرمين والمستكبرين، ولا لقمةً سائغةً للطامعين والظالمين؛ بل كما قال الله تعالى: {إِنَّ الله يحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}.

الإسلام الذي مضى عليه الإمام الحسين عليه السلام هو الإسلام الذي يصنع السلام لا استسلام هذا الإسلام أرسى دعائمه، وأقام بنيانه، وشيَّد أركانه، رسول الله وخاتم أنبيائه، محمد صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، بجهده الدؤوب، وجهاده الكبير، وصبره العظيم، وتضحياته الكبيرة، مع أتباعه وأنصاره، بدءاً من نقطة الصفر، وصولاً إلى سيادة الإسلام في الجزيرة العربية، ثم انتشار نوره إلى مختلف أرجاء الدنيا انتقل العرب من أمةٍ أميَّة، جاهليةٍ، وثنيةٍ، مشركةٍ، متناحرةٍ، وضائعةٍ، ليس لها هدف ولا رسالة، وغشومةٍ، يسودها الظلم والإجرام، وتئد البنات، وتقتل البنين خشية الإملاق، ويأكل القوي منها الضعيف، وترتكب الفواحش، وتعتقد الخرافات والأباطيل، ولا تعرف حلالاً ولا حراماً، نقلها بنور الإسلام إلى صدارة الأمم، فارتقت بالإسلام عن جاهليتها، وأصبحت عند المقارنة بغيرها من الأمم، الأرقى، والأهدى، والأزكى، وتبوَّأت- آنذاك- مكانتها المميزة، وتهاوت الإمبراطوريات الكبرى أمام نور الإسلام في ذلك العصر.

تحول المعالم الكبرى للإسلام أوصلت إلى أن يواجه سبط رسول الله الإمام الحسين الغربة والتخاذل هذا الإسلام الذي هو رحمةٌ للعالمين، وسموٌ وكرامةٌ للإنسانية، وعزٌّ ومنعةٌ، وحمايةٌ من الظلم والطغيان والإجرام، ما الذي جرى حتى تحوَّلت معالمه الكبرى، وعناوينه الرئيسية، بعيدةً إلى حدٍ كبير عن واقع الأمة، وأشبه بالمدائح لحقبةٍ في غابر الزمن، وإلى أمنيَّة يتمناها من يكتوي من نار جاهلية العصر، وإلى أن يكون امتداده في الأمة، على مستوى الفكرة، ومحاولات التطبيق، محارباً، وغريباً، ومستهدفاً بكل أشكال الاستهداف إنَّ الزُّمرة الأموية، التي كانت تقود جبهة الشرك، وحملت رايته في محاربة رسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله، والإسلام، سعت بكل جهدها للقضاء على الإسلام، وحاولت قتل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، وشنت عليه الحروب العسكرية، والدعائية، والاقتصادية… وكل أشكال الحروب، وواجهته بعدائها وصدها عن سبيل الله، تحت راية الشرك والكفر الصريح على مدى عشرين عاماً، حتى مكَّنه الله من فتح مكة.

استسلمت الزُّمرة الأموية- آنذاك- مرغمةً صاغرة، هي وأتباعها وأنصارها، وسمَّاهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله بـ (الطلقاء)؛ ليكون عنواناً يبيِّن حقيقتهم، حتى لا يخترقوا عنوان المهاجرين أو الأنصار، أو يدَّعوا لأنفسهم منزلةً في الإسلام، أو منَّةً على المسلمين. يئست الزمرة الأموية بعد فتح مكة وما تلاه من انتصاراتٍ أخرى، ودخول الناس في الإسلام أفواجاً، من إمكانية القضاء على الإسلام من خلال محاربته تحت راية الشرك والكفر المعلن، فقررت الانتقال إلى مربعٍ آخر، وهو مربع النفاق، لتتحرك من خلاله، وتواصل مشوارها الهادف إلى تحريف مفاهيم الإسلام، وإلى استعادة نفوذها، والاستعباد للمسلمين، والاستئثار بخيرات الأمة، واستغلالها في الترف، وتقوية النفوذ، وإحكام السيطرة، وشراء الذمم والولاءات. كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله قد حذَّر الأمة منهم، ومن أهدافهم تلك، وسعى للفت انتباه الأمة إلى ذلك، في عناوين ثلاثة، جامعة، وشاملة، وكاملة، لخَّصت كل تلك التفاصيل المهمة، وكشفت النَّهج الشيطاني الإجرامي المضل، الذي سيسير عليه طغاة بني أميَّة إذا استحكمت قبضتهم على الأمة، ووصلوا إلى موقع السلطة والقرار، والإمرة والقيادة. قال عنهم: ((اتَّخذوا دين الله دَغَلاً، وعباده خَوَلاً، وماله دُوَلاً)).

كان يزيد في حقيقة أمره غير معترفٍ بالإسلام، وصرَّح بذلك في عدة مناسبات، حتى في أبيات شعرية، وكانت الأبيات الشعرية ذات أهمية كبيرة جداً بالنسبة للعرب، في التعبير عن مواقفهم وآرائهم، ومن شعره الذي عبَّر عن هذه الحقيقة بالنسبة له، قوله:
لعبت هاشم بالملك فلا
خبرٌ جاء ولا وحـيٌ نزل