خمسة تريليونات دولار، كانت هي “الغُرم” الباهظ، الذي تقاسمته أنظمة الحكم، في دويلات الخليج، حَيثُ سارعت كُـلُّ دولة، في أداء ما تقرّر من حصتها.

معبِّرين عن سعادتهم الغامرة، بتسليم تلك الجزية الهائلة، إلى أوليائهم من اليهود والنصارى.

من خلال تنافُسِهم في تقديم الهدايا الفخمة، وغير المسبوقة في تاريخ العلاقات الدولية.

وليس ذلك من قبيل الكرم العربي؛ فهم أبعدُ ما يكونون عن العروبة.

لا من باب الإحسان في الإسلام، فهم لا يمتُّون إلى الإسلام وقيمِه بصلة.

وأقلُّ ما يقال في وصفهم، هو أنهم لصوصٌ سفهاءُ، يمثِّلون حالةً متقدمةً من السفه والطيش.

ويفتقرون لأدنى مؤهِّلات القيادة والحكم.

وقد بلغ بهم الإسرافُ والتبذير، واستنزافُ ثروات وخيرات الشعوب، ما جعلهم في مرتبة الشياطين أنفسهم.

وَإذَا كانت صهيونيةُ قادة الغرب وأُورُوبا، قد أسفرت عن دعم عسكري ومالي مفتوح، فإن صهيونية بعران الخليج، قد أسفرت دعم مالي مطلق.

وَإذَا كان حقدُ المغتصبين الصهاينة على غزة، قد جعلهم يعلنون رغبتَهم في محوها، فإن حقد صهاينة العرب، قد جعلهم يسارعون في دفع ثمن ذلك المحو.

وبينما يموتُ أطفالُ غزة جوعًا وعطشًا، هناك من منافقي الأعراب الأشد كفرًا، من يتفانى في توفيرِ جميع متطلبات قُطعان المغتصبين في الملاجئ.

أعتقد أن مبلغَ تريليون دولار واحد فقط، كان كافيًا لتسليحِ مجاهدي غزة تسليحًا نوعيًّا، وإغاثة أهلها وتوفير متطلباتهم الضرورية، وتعزيز وترميم القدرات الصاروخية.

بما يحقّق امتلاكَ الردع الكامل، ويؤدي إلى النصر الفلسطيني المطلق.

لكن غزة دفعت ثمنَ نصرها، من غالي دماء أبنائها، ومن جليل تضحيات شهدائها.

ونقدت انتصارها المطلق، بأجل وأزكى وأعظم قادتها، الذي خطّوا وثيقةَ النصر، في صفوف المواجهة الأولى.

تلك هي غزةُ العزة والكرامة، الصمود والثبات والتضحية، غزة التي كسرت جحافلَ الغزاة، وهزمت أعتى القوى الاستعمارية.

وابتلعت أشد وأفتك الترسانات العسكرية العالمية.

وأسقطت رهانات القوة ومرتكزات الهيمنة، ومرّغت أعتى طواغيت العصر، في مستنقعات الهزائم النكراء اللانهائية.

وما خروج خمسة تريليونات دولار، من خزائن أنظمة التطبيع والنفاق، سوى تعبير واضح عن عمق الشعور بالهزيمة، وحجم الخوف الهائل المتصاعد يوميًّا، من انتصار غزة المتحقّق، ليس فقط على مستقبل القوى الاستعمارية الكبرى، بل أَيْـضًا على مستقبل قوى التطبيع والنفاق، التي ظنت أن بإمْكَانها شراءُ نصر ما للكيان الإسرائيلي، بتلك التريليونات الخمسة من الدولارات، لكنها في الواقع، اشترت هزيمةً نكراءَ ساحقة، لـ (إسرائيل) وأمريكا وحلفائهم، ولها من بعدهم ومعهم.

وفي حالهم يقول الله عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ، فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ).