أفق نيوز
الخبر بلا حدود

الضربات اليمنية تؤدي إلى إغلاق ميناء “إيلات” جنوبي الأراضي المحتلة

87

أفق نيوز|

ميناء “إيلات” يغلق أبوابه نهائياً تحت وقع الضربات اليمنية وتداعيات الانهيار الاقتصادي

في تحول استراتيجي يعكس تغير موازين القوى في البحر الأحمر، أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إغلاق ميناء “إيلات” (أم الرشراش تاريخياً) بشكل كامل اعتباراً من الأحد، 20 يوليو 2025، بعد تدهور متسارع في نشاطه التجاري وعجزه المالي المتفاقم، في ظل تصعيد عسكري غير مباشر نفذته القوات اليمنية خلال الأشهر الماضية.

وجاء القرار بعد فترة طويلة من التراجع التدريجي، حيث بدأت مؤشرات الانهيار مع بداية عام 2024، حين انخفضت حركة السفن بشكل حاد، لتسجل خلال النصف الأول من 2025 ست سفن فقط، مقارنة بـ134 سفينة في 2023. هذا الانكماش في النشاط انعكس مباشرة على الإيرادات، التي تراجعت من 212 مليون شيكل عام 2023 إلى 42 مليون فقط في 2024، مما أدى إلى عجز مالي، وتوقف صرف الأجور، وتعطّل أعمال الصيانة، وصولاً إلى تجميد الحسابات البنكية للميناء من قِبل بلدية إيلات.

وكانت الضربات اليمنية، التي استهدفت الميناء عدة مرات خلال الأشهر الماضية، قد ساهمت في تسريع هذا التراجع، دون الحاجة إلى تواجد ميداني مباشر. آخر تلك الضربات سُجلت في 16 يوليو، حين استُهدفت مواقع تشغيلية في محيط الميناء ومنشآت عسكرية في منطقة النقب بثلاث طائرات مسيّرة، ما شكل ضغطاً إضافياً دفع الإدارة نحو قرار الإغلاق النهائي.

ويمثل توقف الميناء ضربة موجعة للبنية التجارية الإسرائيلية، خصوصاً في قطاع استيراد السيارات، حيث كان “إيلات” يستقبل نحو نصف واردات المركبات إلى الكيان، إلى جانب مناولة أكثر من مليوني طن من البضائع سنوياً، و50 ألف حاوية تجارية تقدر قيمتها بـ6 مليارات دولار. كما أثّر الإغلاق على صادرات الفوسفات والبوتاس التي كانت تدر عوائد سنوية تفوق 4.1 مليارات دولار عبر هذا المنفذ إلى الأسواق الآسيوية.

الإغلاق جاء مصحوباً بتداعيات اجتماعية واقتصادية داخلية، حيث سُرّح المئات من العاملين في الميناء ضمن خطة تقليص شاملة، شملت إغلاق الورش وتعطيل الأقسام الفنية، ما أدى إلى موجة غضب واسعة داخل مدينة إيلات التي خسرت قرابة 15% من دخلها السنوي، خاصة في قطاعات النقل البحري، الثروة السمكية، والخدمات اللوجستية والسياحية المرتبطة بالميناء.

كما تسبب تحويل مسارات الشحن نحو موانئ بديلة شمالاً في ارتفاع تكلفة النقل البحري بنسبة تزيد عن 25%، ما أثر على مواعيد التوريد واستقرار أسعار السلع، وألقى بظلاله على الاقتصاد الإسرائيلي ككل.

ويرى مراقبون أن ما حدث في “إيلات” يمثل تحولاً نوعياً في أدوات المواجهة، إذ نجحت القوات اليمنية، من خلال استهدافات دقيقة ومنخفضة الكلفة، في إخراج مرفق حيوي من الخدمة، دون الحاجة إلى تفوق عسكري مباشر، ما يعكس تصعيداً استراتيجياً جديداً في البحر الأحمر، ويعيد ترتيب خارطة الملاحة والتجارة الإقليمية.

وبات واضحاً أن موانئ الجنوب الإسرائيلي تحولت من ميزة جغرافية إلى عبء أمني واقتصادي، في ظل اتساع دائرة التهديدات وتنامي القدرة اليمنية على التأثير في مسارات التجارة الدولية، وهو ما أجبر الشركات العالمية على إعادة النظر في وجهاتها البحرية، متجهة إلى ممرات بديلة أكثر استقراراً.

ويشير خبراء إلى أن إغلاق ميناء “إيلات” لا يمثل نهاية مرفق فقط، بل بداية مرحلة جديدة في معادلات الردع والسيطرة البحرية، حيث تبرز صنعاء كلاعب مؤثر يعيد رسم خطوط الاشتباك، ويثبت أن التأثير الاستراتيجي لا يرتبط دائماً بالحجم العسكري بل بفعالية الأدوات ودقة التوقيت.