نحنُ والقرآن.. ميزانُ العزّة واختبار الثبات
أفق نيوز| إسماعيل سرحان
إنَّ الله سبحانَه لم يضرب الأمثال إلا لنعقلَها، ولم يُنزِل الكتاب إلا لنتدبّرَه؛ فالقرآن حبلُ الله المتين، ونورُه المبين، وعُروتهُ الوثقى التي لا انفصام لها.. هو العهدُ الذي بيننا وبين ربنا، وسياجُ كرامتنا؛ فما استُبيحت حرمةُ الكتاب إلا وقد هانت عند الناس حُرمةُ ربّ الكتاب.
إنَّ أعداءنا من “الصهيونية العالمية” وأذنابها في الغرب، ما اجترؤوا على تدنيس أقدس مقدساتنا (القرآن الكريم)، سواءً في أمريكا أَو أُورُوبا، إلا لِيَسْبُروا غَوْرَ قلوبنا، ويقيسوا مَدَى نَبْضِ الغيرة في عروقنا.
لا يرمون بجهلهم الورق والمداد، فالقرآن محفوظٌ في الصدور، مكنونٌ بعينِ الله لا يطالهُ زوال، ولكنهم يحسون النبض ويختبرون “الارتباط”؛ يريدون أن يعرفوا: هل ذلّت الرقابُ لغير الله؟ وهل خمدت جمرةُ الإيمان في الأرواح؟
لذلك؛ السكوتُ اليوم عن الإساءة للمقدسات ليس حكمةً، والجمودُ أمام التدنيس ليس صبرًا، بل هو “موتٌ سريريّ” لأمّةٍ أراد الله لها أن تكون خير أُمَّـة.
إنهم يخطِّطون لإقصائنا عن مَعينِ القوة ومصدرها الأَسَاسي وهو الله؛ فإذا اطمأنوا أننا انفصلنا عن كتابنا وديننا وجدانيًّا وعمليًّا، فقد ضمنوا هزيمتنا في ميادين العسكر والاقتصاد والفكر؛ فمَن خانَ منا “كلمة الله وكلامه”، كان لما دونها أخون.
فلنتقِ الله في عواقب الصمت! فإنَّ من استمرأ تدنيسَ المصحف اليوم، سيمدُّ يدَه غدًا إلى الكعبةِ المشرفة، وإلى المَسجدِ الأقصى، بل سيجترئ على الذات الإلهية بوقاحةِ من أَمِنَ العقوبة.
نعم، إنَّ غيابَ الرادع الفعّال وردة الفعل القوية من جانب أهل الحق هو “الضوء الأخضر” لتمادي الباطل، وبدايةُ السقوط في فخّ الاستضعاف الشامل، وحينها يُرفع عنا التأييد الإلهي وتحل علينا عقوبة وسخط الله؛ فما نُصرت أُمَّـة فرّطت في شعائرها.
ألا وإنها تجلياتٌ تكشفُ الصادق من الكاذب في إيمانه! فبينما يغرقُ العالم الإسلامي في صمتٍ مُطبق، وتتوارى الأنظمة خلف جدران الخوف والمداهنة، وتنأى الشعوب بنفسها عن نصرة ربها وتعيش لاهية بينالتفاهات والترهات وغيرها…
برز من يمن الإيمان ومنبع الحكمة قائدٌ لم تفتنْهُ الدنيا، ولم يُرهِبْهُ الطاغوت؛ السيد القائد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي، الذي وقف وحيدًا في هذا المدى، غاضبًا لله، منتصِرًا للقرآن، صادعًا بالحق في وجهِ شياطين الإنس.
ومعه هَــبَّ الشعبُ اليمني المؤمن، الذي لم يبع دينَه بعرضٍ من الدنيا؛ فخرج يزأرُ في الميادين، متوعدًا أعداء الله، مرتقيًا إلى مستوى المسؤولية التي تنوء بها الجبال.
ألا نستشعر في أعماق نفوسنا عظمةَ هذه النعمة! أن جعلنا اللهُ في الرَّكْب الذي لا يداهن، وفي الصف الذي لا ينكسِر.
إنَّ مواقفنا المشرِّفة هذه هي “بياضُ وجوهنا” يوم نلقى الله، وهي الحُجَّـة التي ندَّخِرُها ليومِ الحساب، لنقول: “يا رب، نُبذ كتابُك فصمت العالم ونصرناه نحن، وأُهينت مقدَّساتُك فتخاذل الناس فغضبنا لها نحن”.
فطوبى لمن كان القرآن قائدَه، والغيرةُ رِداءَه، والولاءُ لأهل أعلام الهدى ميثاقَه.
تحَرّكنا لأننا نعلم وندرك أننا إن لم ننهض بعبء الأمانة، ونتحمل المسؤولية أمام الله، فإنَّ سنّة الاستبدال قائمة: ((… وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ))؛ وقوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْـمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيم)).
ونحن نأبى إلا أن نكونَ القومَ الذين يحبهم الله ويحبونه، أعزةً على الكافرين، نصرةً لدين الله وكتابه.
فالحمدُ لله الذي خلقنا في يمن الإيمان، ووفقنا وجعلنا من أتباع الهداة الأعلام من آل بيت المصطفى صلوات الله عليه وآله، والْعاقِبَةُ لِلمُؤمنين المجاهدين.