خُطَطٌ رُباعيةُ الدفع!
أفق نيوز|
عبدالكريم الوشلي
قبلَ أَيَّـام قليلةٍ كشف مصدرٌ أمني مسؤول عن ضبط عدد من أجهزة ومعدات “ستارلينك” الخَاصَّة بالإنترنت، والتي تستخدم لأغراض تجسسية.
وحذّر المصدرُ من خطورة استخدام هذه الأجهزة الأمريكية الممنوعة والمستخدَمة في الأنشطة التجسُّسية من قبل العدوِّ الأمريكي الصهيوني الهجين المركَّب، موضحًا في الوقت ذاته أن حكومة الخونة في عدن رخّصت أجهزة “ستارلينك” المضبوطة في انتهاك صريح لسيادة الجمهورية اليمنية، كما عمدت هذه الحكومة العميلة الخادمة لأعداء الوطن والأمة إلى تهريب هذه الأجهزة إلى المحافظات الحرة خدمةً للمخابرات الأمريكية والصهيونية وأنشطتها المعادية.
لعل من أبرز دلالات هذا المنجز الأمني ما يشير إلى خطورة العدوّ المتربص المتآمر، وتعويله على حروب الظل والغدر وعلى الأدوات الرخيصة الداخلية والإقليمية، بعد تلقيه الضربات الموجعة المخزية في البحر والجو، وتمام يقينه من عدم إمْكَانية هزيمة الشعب اليمني عسكريًّا وثنيه عن موقفه الإيماني والمبدئي والأخلاقي المُستمرّ والثابت والصلب في دعم مظلومية غزة وقضية فلسطين المحورية ومؤازرة مقاومتها المجاهدة الصامدة البطلة.
وعلى ضوء من ذلك، يحزّ في النفس ويخز في الضمير أن هناك مَن يظُنُّ أن سياسات وإرادات أعدائنا الصهاينة والمستكبرين ومشاريعهم وخططهم ذات قوة وإحكام ومميزات غير عادية، تجعلها دائمًا نافذة وناجحة وتصعب مواجهتها وردعها والتغلب عليها. والواقع أن هذه الرؤى والأنظار بعيدة عن الصواب، وهي رؤى عيون منبهرة بالخصم القوي ونتاج مركبات نقص ومشاعر مرتبكة وتقييمات غير واقعية لدى أصحابها.
فمعظمُ ما يراه هؤلاء لدى أعدائنا من قوى “خارقة” وقدرات على ابتكار مؤامرات ومخطّطات “رُباعية الدفع” تصلُ دائمًا إلى أهدافها وغاياتها وغير قابلة للدرء والإفشال، هو في الحقيقة محض أوهام وتصورات خاطئة تنبع من فجوات في الوعي وخروقات في صفوفنا وخيانات وتواطؤات من داخل نسيجنا كأمة وكشعوب وأوطان مستهدفة، هي التي تمكّن أعداءنا من الإضرار بنا وإلحاق الأذى، ولولاها لما تمكّنوا من تحقيق ما نجحوا وينجحون فيه من مآربَ وغاياتٍ عدوانيةٍ وإجرامية، والوصولِ بتلك السهولة إلى مآكل أكتافنا!
وعلى هذا السبيل العدواني الإجرامي، يستعين العدوّ الأخطبوطي الخطير أَيْـضًا بأسلحته الشيطانية الأُخرى التي يبرع في إنتاجها واستخدامها، ومن أهمها وأخطرها التضليل والخداع والدعاية السوداء. وفي إطار ذلك نجد أنه -على سبيل المثال- وبعد أن حول العدوّ غزة إلى أكبر مقبرة جماعية لشعب كامل وحياته الإنسانية بأطفالها ونسائها ومُسنيها، يريد أَيْـضًا جعلها مقبرة للحقيقة!
وفي آخر مجازره المتواصلة بحق الصحافيين، كما في سابقاتها، يتأكّـد خوف العدوّ الشديد من الكلمة الحرة وضوئها الكاشف لإجرامه ومن الحقيقة.
٢٤٣ صحافيًّا شهيدًا بغزة خلال أقل من عامين، بمعدل صحافي كُـلّ ٣ أيام! ولم يحدث هذا في كُـلّ الحروب إطلاقا. هذه اليد الطليقة في الإجرام وراءها الإفلات الدائم من العقاب؛ بسَببِ الدعم والتبني والتغطية الغربية الكاملة المانعة لمحاسبة هذا القاتل المسعور الضاري، الذي يقترف فظاعاته الأشد بأريحية وجرأة وطمأنينة من لا يخشى أية محاسبة.
والواضح من وراء كُـلّ ذلك أن العدوّ ينوي تصعيد مذبحته وإبادته، ويريد أن يوفر غيوما من العتمة والظلام على فظاعاته المُبَيَّتة. يريد تكرار “نكبة ٤٨” في ٢٠٢٥م، ولكن ببشاعة وفظاعة أشد وتواطؤ “عربي” أكثر صراحة ووضاعة ووقاحة وانكشافًا.
بينما الأمريكي والغرب الأُورُوبي، الذي تجدد دوله -بمكر فائق الخبث- المُهَلَ للعدو لإكمال المهمة (كشأن مهزلة وعودها بالاعتراف بدولة فلسطينية في سبتمبر!!!)، هؤلاء شركاء كاملون له في كُـلّ ما يرتكبه، والحديث هنا عن الأنظمة والسلطات تحديدًا.
وهذا شأن من يكتفون بالقلق والتنديد والانتقاد ومحض التصريحات، رغم وصول الأمور إلى هذا الحد. هم شركاء أَيْـضًا في كُـلّ هذه العربدة الدموية والإجرام.