التدخل الأمريكي في اليمن .. من تدمير الصواريخ إلى التخطيط للحروب
أفق نيوز|
كشفت وثائق “ويكيليكس” الشهيرة عن أسرار التدخل الأمريكي في الشأن اليمني خلال فترة حكم صالح، والتي تجاوزت مجرد التنسيق الأمني لتصل إلى التلاعب بالسيادة وتوجيه القرار السياسي والعسكري في البلاد.
ووفقًا للوثائق، كان النظام اليمني آنذاك شريكًا رئيسيًا في تنفيذ الأجندة الأمريكية، مقابل الحصول على الدعم والامتيازات.
تنازل عن السيادة وتضليل إعلامي
تظهر الوثائق أن العلاقة بين واشنطن ونظام صالح تعمقت بشكل كبير بعد أحداث 11 سبتمبر 2001. وقد سمح صالح للقوات الأمريكية بتنفيذ عمليات عسكرية سرية ضد تنظيم القاعدة على الأراضي اليمنية، بينما كان يضلل الشعب اليمني بالقول إن تلك الهجمات هي “ضربات يمنية”.
وقد نقلت الوثائق عن صالح قوله للجنرال ديفيد بترايوس: “سنواصل القول بأن هذه القنابل قنابلنا وليست قنابلكم”، ما يكشف عن استعداده للتنازل عن السيادة مقابل الدعم الأمريكي.
تدمير منظومة الدفاع الجوي اليمني
من أخطر ما كشفته الوثائق هو الدور الذي لعبه صالح وابن أخيه عمار في تدمير صواريخ الدفاع الجوي التابعة للجيش اليمني، فبمساعدة من وفد أمريكي متخصص، تم تدمير أكثر من 1263 صاروخاً دفاعياً، إضافة إلى عشرات البطاريات وقبضات الإطلاق، في عمليتين منفصلتين في محافظتي مأرب عامي 2005 و2009. وقد تمت هذه العملية مقابل “امتيازات” حصل عليها النظام، ما أدى إلى إضعاف القدرات الدفاعية للجيش اليمني بشكل كبير.
تورط أمريكي مباشر في حروب صعدة
لم يقتصر التدخل الأمريكي على الجانب العسكري فقط، بل امتد إلى توجيه القرار السياسي، حيث تُظهر الوثائق أن حروب صعدة الستة (2004-2010) كانت نتيجة مباشرة للقاءات مكثفة بين صالح وقادة أمريكيين.
وبحسب وثيقة مسربة، اعترف السفير الأمريكي الأسبق في صنعاء، توماس كراجيسكي، بأن فريقه “المدرب من قبل حكومة الولايات المتحدة” هو من قاد العملية التي أسفرت عن مقتل مؤسس حركة “أنصار الله” حسين بدر الدين الحوثي. كما شاركت واشنطن في تلك الحروب بتقديم خرائط وعمليات مسح جوي لطائرات الاستطلاع.
فرض الوصاية بعد ثورة 2011
استغلت الإدارة الأمريكية حالة الفوضى التي أعقبت ثورة “الربيع العربي” عام 2011، لفرض وصايتها على اليمن بحجة حماية الأمن والسلم الدوليين.
وتشير الوثائق إلى أن أمريكا نجحت في تأجيج الصراعات بين حزبي المؤتمر والإصلاح، ما أسفر عن مواجهات دموية، وبعد مغادرة صالح، ظل السفير الأمريكي جيرالد فايرستاين هو الحاكم الفعلي للبلاد، وساهمت واشنطن في صياغة استراتيجية جديدة لمستقبل اليمن عبر رعاية قرار مجلس الأمن رقم (2051) لسنة 2012، الذي كان يهدف إلى إنهاء الثورة الشعبية.
تمهيد للعدوان العسكري
تؤكد الوثائق أن التدخل الأمريكي مهد الطريق للعدوان العسكري الذي بدأ في 26 مارس 2015، ففي عام 2012، طلب الملحق العسكري بالسفارة الأمريكية مراقبة موقع “اللواء الثاني” التابع لسلاح الجو اليمني، والذي كان من أول المواقع التي استُهدِفت في الغارات الأولى للعدوان.
و تُظهر وثائق “ويكيليكس” أن التدخل الأمريكي في اليمن كان متعمداً وممنهجاً، ويهدف إلى تحقيق مصالح واشنطن الجيوسياسية في المنطقة، وأن هذا التدخل كان يتم بتوافق كامل مع النظام اليمني السابق الذي سخر مؤسسات الدولة لخدمة هذه الأجندة، على حساب السيادة الوطنية.