يحتفل الشعب اليمني بذكرى المولد النبوي الشريف عامًا بعد عام، ليسَ باعتبَاره مُجَـرّد طقس شعائري أَو مناسبة عابرة، بل كحدث إيماني وحضاري وروحي يفيض بالبركات والنعم والانتصارات.

ففي كُـلّ عام يتجدد ارتباط اليمنيين برسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وتتعاظم بفضل هذا الارتباط الدروس والعبر، وتتكشف المؤامرات، وينفضح العملاء والخونة، ويُدحر الأعداء.

لقد ارتبطت هذه المناسبة العظيمة في السنوات الماضية بانتصارات كبرى سجلها المجاهد اليمني في ميادين العزة والكرامة. ففي عملية البنيان المرصوص تمكّن أبطال الجيش واللجان الشعبيّة من دحر المرتزِقة من مشارف العاصمة صنعاء، وإفشال مخطّط العدوان في إسقاطها. ثم جاءت بركات أُخرى بتطهير الجوف والبيضاء من فلول المرتزِقة وعناصر “داعش” التكفيرية، وُصُـولًا إلى عملية فأمكن منهم التي مرغت أنف العدوان وأذنابه في التراب، فضلًا عن كشف مؤامرات الداخل وعلى رأسها خيانة عفاش التي انتهت بفضح مشروعه وإسقاطه. كُـلّ ذلك تزامن مع أجواء هذه المناسبة المباركة، لتبقى شاهدًا على أن تعظيم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والالتفاف حوله هو سر القوة والنصر.

إن هذه المناسبة ليست محل شك ولا جدال عند من عرف قدر الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، لكنها تزعج المنافقين والمرتزِقة الذين ينفرون من نور محمد كما نفر أسلافهم من قبل. ولكل من يتحسس من اللون الأخضر نقول له: اعتبره علم السعوديّة، فلماذا لا يضيق صدرك إلا إذَا رفعناه حبًا وتعظيمًا لرسول الله؟! إن الشعب اليمني يعظم الرسول الكريم قولًا وعملًا، وما مناصرته للشعب الفلسطيني في غزة وصموده الأُسطوري إلا تجسيد عملي لاقتدائه بالرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم الذي نصر المستضعفين وجاهد الطغاة والمستكبرين.

لقد كشفت غزة اليوم زيف دعاوى أُولئك الذين يزايدون بحب الرسول ويدّعون اتباع سنته، فإذا بالحقائق تظهر أنهم في خندق أعداء الأُمَّــة، متخاذلون خانعون. أما اليمنيون فقد برهنوا أن الاتباع الحقيقي ليس في الشكليات الفارغة من حلق الشارب وقصر الثوب واستعمال السواك، بل في جوهر الاقتدَاء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: في جهاده، وإنفاقه، ونصرته للمستضعفين، وشدته على الكفار والمنافقين، ورحمته بالمؤمنين، وخلقه الكريم، ونخوته وكرمه.

إن احتفال اليمنيين بالمولد النبوي هو إعلان ولاء وانتماء للرسول الأكرم، وتجديد عهد بالسير على نهجه، ومواصلة مشروعه في مواجهة قوى الاستكبار والطغيان، وهو في الوقت ذاته وقود معنوي وروحي لمعارك الكرامة التي يخوضها هذا الشعب؛ دفاعًا عن دينه وأرضه وأمته.