ثورة 21 سبتمبر.. إرادة ووعي شعبي ومشروع مقاومة وتحرر
أفق نيوز|
عبدالحكيم عامر
تأتي ذكرى ثورة 21 سبتمبر لتمثل تحولاً جذرياً غيّر ملامح اليمن والمنطقة، هذه الثورة المباركة أنهت حقبة الوصاية والتبعية التي كبّلت القرار اليمني لعقود طويلة، وفتحت الباب أمام عهد جديد يتسم بالاستقلال الوطني، وترسيخ الهوية الإيمانية، والسعي الجاد نحو بناء الدولة العادلة التي ينشدها الشعب اليمني.
بعد إحدى عشر سنة، أثبتت ثورة 21 سبتمبر أنها انطلقت من إرادة شعبية أصيلة، ووعي جمعي متجذّر في التاريخ، حمل الشعب اليمني قيمه ومبادئه، وصبره وثباته، واختار أن ينتفض على الفساد والتبعية، مستنداً إلى قيادة ربانية مؤمنة ومشروع قرآني أصيل.
لقد برهنت الثورة أن الوعي الشعبي هو الركيزة الأساسية لأي تحرك تحرري، فبدون وعي بحقيقة العلاقة بين الأعداء الداخليين والخارجيين، ستظل الشعوب خاضعة للطغيان والاستغلال، ومن هنا، تصبح الثورة حركة توعية مستمرة، ومشروعاً جهادياً شاملاً لا يقتصر على حمل السلاح، بل يمتد ليشمل الكلمة والوعي والفكر والثقافة، بما يعزز مناعة المجتمع ضد الاستلاب والتضليل.
من أهم إنجازات ثورة 21 سبتمبر أنها أعادت الاعتبار للهوية الإيمانية للشعب اليمني، التي حاولت قوى الوصاية طمسها عبر سنوات طويلة، هذه الهوية اليوم تحولت إلى قاعدة فكرية وثقافية تحصّن المجتمع وتوجه مساره السياسي والاجتماعي، ولهذا، برز اليمن بعد الثورة كأحد أبرز حاملين القضية الفلسطينية، في وقتٍ اختارت فيه بعض الأنظمة العربية طريق التطبيع والخضوع.
لقد أسهمت الثورة في ترسيخ وعي شعبي راسخ جعل اليمن في طليعة المدافعين عن فلسطين، ومع اشتداد العدوان الإسرائيلي على غزة، أثبت اليمن أنه لاعباً محورياً في معركة الوجود وتحديد المصير، عبر إسناده العسكري والسياسي والإعلامي، ولولا ثورة 21 سبتمبر، لكان من المحتمل أن يتبنى اليمن مواقف مشابهة لدول أخرى اختارت الصمت أو التواطؤ.
إن الدعم اليمني لفلسطين هو التزام شرعي وإنساني وأخلاقي، فالقضية الفلسطينية جزء من جوهر المشروع القرآني، ودعمها يعكس طبيعة الثورة كجزء من مشروع مقاومة عالمي يواجه الهيمنة الأمريكية والصهيونية.
ويؤكد السيد القائد “أن الثورة اليمنية فعلا مستمرا لا مجرد فعل سياسي، بل مسارا روحيا وأخلاقيا يتجاوز الحدود، ليعكس التزاما عميقا بدعم القضايا العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية”، أي إنها فعل حضاري يهدف إلى بناء يمن جديد: مستقل، عزيز، وذات سيادة وطنية، وما تحقق حتى اليوم ليس إلا بداية لمسيرة طويلة، تحمل في طياتها مزيداً من النجاحات والتحولات التي ستعيد صياغة موقع اليمن في قضاياه الوطنية والإقليمية والإنسانية.
إن ثورة 21 سبتمبر مشروعاً تحررياً شاملاً أعاد اليمن إلى موقعه الطبيعي في طليعة الأمة، لقد كشف أن هذه الثورة رسّخت هوية، وبنت قوة ردع استراتيجية، وحددت مساراً واضحاً نحو الاستقلال والتحرر، واليوم، في ظل معركة غزة وما يرافقها من اصطفافات، يبرز الدور اليمني كركيزة أساسية في موازين الصراع، ما يجعل هذه الثورة عنواناً لمرحلة جديدة في تاريخ الأمة بأسرها.