أفق نيوز
الخبر بلا حدود

عامان من الإبادة.. هكذا فعلت الصهيونية بغزة

38

أفق نيوز| تقرير | 

على مدار سبعمائة وثلاثين يوماً من الإجرام والتوحش الصهيوني، ظلّت غزة تتلقى الموت بأشكال وصنوف مختلفة، ومع كل دقيقة تمر تبدي آلة القتل الصهيونية فنونا جديدة في القتل والاستباحة. لم يعد في المدينة شيء يشبه المدن، ولا في البحر زرقة. كل شيء هناك يحكي قصة واحدة: “تفنن يهودي في الإبادة الجماعية” تُرتكب على مرأى ومسمع من العالم المشارك في الإجرام بصمته وتخاله. 
لقد حوّل اليهود الصهاينة الحصار إلى مقصلة، والقصف إلى لغة يومية، والجوع إلى عقاب جماعي ممنهج، والمستشفيات إلى مقابر، والمدارس ميادين إعدام. عامان من الخراب، تلاشت فيهما المدن، وذابت البيوت في ركامها، وامتلأ كل شيء بأسماء الشهداء.

قطاعٌ يقطنه أكثر من 2.4 مليون إنسان، تحول -بفعل النزعة اليهودية الشيطانية- إلى كومة من الركام، 90% من غزة دُمّر، و80% من مساحتها ابتلعها الاجتياح والتهجير.
منطقة المواصي — التي زعم العدو أنها “إنسانية آمنة” — قصفها العدو أكثر من 136 مرة، وسقط فوق القطاع ما يزيد على 200 ألف طن من المتفجرات (ما يعادل عدة قنابل نووية) ألقيت على مدينة مأهولة بالمدنيين. هنا لا يقاس الموت بالأرقام، فكل رقم يحمل مأساة أسرة ذنبها الوحيد تحرير أرضها المغتصبة من أيدي المسوخ البشرية.

مجازر لا تتوقف

بين ركام غزة، وُجدت أسماء كثيرة فقدت صلتها بالحياة: 76,639 روحاً سُلبت بين شهيدٍ ومفقود، منهم 67,139 وصلوا إلى المستشفيات، 9,500 آخرون ما زالوا تحت الركام، أو طواهم المجهول.
ومن بين هذه الجموع
20 ألف طفل تحوّلوا إلى ذرات تبعثرت في سماء غزة، بينهم (1,015) طفل استشهدوا وكانت أعمارهم أقل من عام واحد.
12,500 امرأة خُطفت أحلامهن بين أطلال البيوت.
9,000 أمّ رحلت وتركت وراءها صغاراً يبحثون عن حنان الأم.
22,426 أباً استُؤصلوا من الحياة، تاركين بيوتاً بلا معيل.
(2,700) أسرة أُبيدت ومُسحت من السجل المدني (بعدد 8,574 شهيداً). (6,020) أسرة أُبيدت ومُتبقٍّ منها ناجٍ وحيد (بعدد 12,917 شهيداً). (39,022) أسرة تعرضت لمجازر العدو الإسرائيلي.( 55%) من الشهداء هم من الأطفال والنساء والمسنين.
(460) شهيداً بسبب الجوع وسوء التغذية، بينهم (154) طفلاً.(23) شهيداً بسبب عمليات الإنزال الجوي الخاطئ للمساعدات.(42%) من مرضى الكلى فقدوا حياتهم بسبب نقص الغذاء والرعاية الصحية.
(12,000) حالة إجهاض بين الحوامل بسبب نقص الغذاء والرعاية الصحية. (17) شهيداً بسبب البرد في مخيمات النزوح القسري، (منهم 14 طفلاً).

كل رقمٍ هنا يعبر عن حياة كاملة انطفأت: طفل كان يحفظ اسمه بالطبشور على جدار المدرسة، امرأة كانت تبني أسرة مؤمنة، وشيخ كان ينتظر قدره بعدما أنهى عمره لتنشئة أولاده، غير مدرك أن الأب والابن ستفتك بهم آلة القتل الصهيونية.
لم تسلم الطواقم الطبية ولا الصحفيون ولا الدفاع المدني: 1,670 من الطواقم الطبية، 254 صحفياً، و140 من رجال الإنقاذ استُهدفوا عمداً. كأن العدو أراد أن يقتل من يُنقذ، وأن يُخرس من يشهد.
قائمة الشهداء تطول: (176) شهيداً من موظفي البلديات .( 787) شهيداً من شرطة وعناصر تأمين المساعدات.

الجرحى والمشوهون: أجساد تنزف الحياة

169,583 جريحاً وصلوا إلى المستشفيات، منهم 4,800 فقدوا أطرافهم، و1,200 أُصيبوا بالشلل، و1,200 فقدوا البصر.
في غزة اليوم، لا تمرّ في شارعٍ إلا وتلتقي بطفلٍ يسير على عكازين، أو بامرأة تحمل في عينيها ألم من فقدوا كل شيء سوى الذاكرة. في المخيمات الموحلة، يُرى الجرحى يبتسمون تحديا للعدو.

ومن رحم هذه المأساة وُلد 56,348 طفلاً يتيماً، بعضهم لم يعرف معنى كلمة “أبي” قط.
وارتفع عدد الأرامل إلى أكثر من 21 ألف امرأة، كثير منهن يربين أطفالهن في خيام مهترئة تتسرب منها الأمطار والبرد.

المستشفيات مقابر بيضاء

لم تسلم المشافي من الإجرام الصهيوني، فقد دُمّر أو أُخرج عن الخدمة 38 مستشفى و96 مركز رعاية. القصف لم يستثنِ أحداً، فحتى سيارات الإسعاف (197) سيارة تحوّلت إلى أهداف للعدو. (788) هجوماً على خدمات الرعاية الصحية “مرافق، مركبات، كوادر، سلاسل إمداد”. (61) مركبة للدفاع المدني (إنقاذ وإطفاء) استهدفها العدو الإسرائيلي.

المرضى في غزة يموتون بصمت:
460 إنساناً استشهدوا جوعاً، و42% من مرضى الكلى استشهدوا لنقص العلاج، و12 ألف حالة إجهاض حدثت لأن الأمهات لم يجدن غذاءً أو دواءً. (650,000) طفل معرّضون للموت بسبب سوء التغذية والجوع ونقص الغذاء. (40) ألف طفل رضيع (أقل من عام) مهددون بالموت جوعاً لنقص حليب الأطفال. (250) ألف علبة حليب يحتاجها أطفال قطاع غزة شهرياً يمنع العدو إدخالها.
(22) ألف مريض بحاجة للعلاج في الخارج ويمنعهم العدو من السفر.( 5,200) طفل يحتاجون إجلاءً طبياً عاجلاً لإنقاذ حياتهم.( 17,000) مريض أنهوا إجراءات التحويل وينتظرون سماح العدو لهم بالسفر. (12,500) مريض سرطان يواجهون الموت وبحاجة للعلاج.(350,000) مريض بمرض مزمن في خطر بسبب منع العدو إدخال الأدوية. (3,000) مريض بأمراض مختلفة يحتاجون للعلاج في الخارج. (107,000) سيدة حامل ومرضعة مُعرَّضة للخطر لانعدام الرعاية الصحية.
هكذا تحوّلت غرف الولادة إلى غرف وداع، وارتدى الأطباء ثياب الموتى قبل أن يُدفنوا في مقابر العمل الإنساني.

التعليم حين يُغتال المستقبل

القنابل لم تكتفِ بقتل الحاضر، بل اغتالت المستقبل أيضاً. 95% من مدارس غزة تضررت، و668 مدرسة وجامعة قصفت بشكل مباشر. 13,500 طالب استُشهدوا، و785 ألفاً حُرموا من التعليم. الدفاتر احترقت، والأقلام تكسرت، والسبورة تحولت إلى لوحةٍ سوداء. ومع ذلك، ترى بين الركام أطفالاً يكتبون بأصابعهم على التراب: «سنبقى نتعلم حتى لو لم تبقَ مدرسة واحدة».
في غزة، حتى المساجد دمرت، فقد دمّر العدو 835 مسجداً كلياً و180 جزئياً، واستُهدفت 3 كنائس. وحتى المقابر — التي يُفترض أن تكون حرماً آمناً — جُرفت ودُنّست، إذ دمّر العدو 40 مقبرة وسرق 2,450 جثماناً من الأموات. الموتى هناك يُهانون كما الأحياء، وفي المستشفيات أُقيمت 7 مقابر جماعية، كأن العدو أراد أن يُنهي الحياة والموت معاً في المكان ذاته.

التهجير والنزوح

من أصل 268 ألف وحدة سكنية، لم يبقَ سوى الأطلال. 288 ألف أسرة بلا مأوى، وأكثر من مليونَي إنسان نزحوا قسراً من بيوتهم. الخيام التي أقيمت للإيواء (125 ألف خيمة) اهترأت، وبدأت تسقط على رؤوس ساكنيها.
في ليالي الشتاء، تسمع أنين الأطفال من خلف الأقمشة الباردة، وفي نهارات الصيف، يختنق الهواء من شدة الحرّ، لكن غزة ترفض الانكسار، تأكل من رمادها وتنهض.
الخبز يتحول إلى حلم،
منذ 220 يوماً أُغلق العدو المعابر تماماً. 120 ألف شاحنة مساعدات لم يُسمح لها بالدخول. 47 تكية طعام، و61 مركز إغاثة دُمّرت. أُبيد العاملون في الإغاثة (540 شهيداً) وهم يوزعون الخبز.  (128) عدد مرات استهداف العدو لقوافل المساعدات والإرساليات الإنسانية.
(2,605) شهيداً، و(19,124) إصابة، و(+200) مفقودٍ في “مصائد الموت”، ما يسمى مراكز “المساعدات الأمريكية/الإسرائيلية” وطالبي المساعدات.

الأرض التي نزفت قمحاً ودماء

94% من الأراضي الزراعية دُمّرت، والثروة السمكية أُبيدت بالكامل. المزارعون الذين كانوا يزرعون الأرض صاروا يبحثون عن الطعام في ركام الحقول. 405 ألف طن من الخضروات تقلص إنتاجها إلى 28 ألفاً فقط، أما الاقتصاد فقد غرق في دمارٍ شامل، بخسائر تجاوزت 70 مليار دولار في 15 قطاعاً حيوياً، من الصحة إلى التعليم إلى الصناعة والاتصالات.
دمر العدو (1,223) بئراً زراعية، و(665) مزرعة أبقار وأغنام ودواجن. (+85%) من الدفيئات الزراعية تعرضت للتدمير في محافظات قطاع غزة. (100%) من الثروة السمكية تضررت نتيجة استهداف الاحتلال لمناطق الصيد.

غزة: المعجزة الباقية

عامان من الإبادة، وما زالت غزة حيّة، تعيش بين الإبادة الإسرائيلية والحياة، وتكتب تاريخها بالدم. كل طفل فيها حكاية بطولة، وكل أمٍّ فيها مرثية وصبرٌ يليق بالمقدسات. من بين الركام تنهض المدينة كل يوم، لتقول للعالم المتخاذل: أما نحن فقد نالنا نصيب الإجرام الصهيوني وتجرعناه أضعافا مضاعفة، وأما أنتم فانتظروا يومكم المشؤوم جراء صمتكم وخنوعكم للوحوش البشرية.

نقلا من موقع انصار الله