أفق نيوز
الخبر بلا حدود

الطوفان ميلاد الأمة وسقوط الأوهام الكبرى

42

أفق نيوز|

خلود سفيان

السابع من أكتوبر يوم انكسر حاجز الخوف في لحظات التاريخ الكبرى لا يتقدم البطل خطوة بل يقفز جيلًا بأكمله نحو مصيره. لم تكن عقارب الساعة تشير إلى مجرد صباح جديد بل كانت تدق إيذانًا بنهاية حقبة كاملة من اليأس والخضوع. لقد ظن العدو ونام العالم على وهم أن غزة مجرد سجن كبير خُمدت فيه الأرواح، لكن في صبيحة السابع من أكتوبر انشق الصمت بضجيج الحق بصرخة انطلقت من عمق الجرح الفلسطيني لتهز عروشًا وتجرف قلاعًا.

انطلق الطوفان، لم يكن مجرد هجوم عسكري بل كان قرارًا إلهيًا بتحرير الأوطان ابتداءً بزوال الغدة السرطانية التي أصابت المنطقة لسبعة عقود. كان ذلك اليوم هو اللحظة التي تذكرت فيها الأمة الإسلامية أنها لم تمت وأن حاجز الخوف قد انكسر إلى الأبد.

السابع من أكتوبر ليس رقمًا عابرًا في التقويم بل هو بصمة خالدة سُطرت بدماء الأبطال المجاهدين. لقد خاض أبناء فلسطين الأبية على مدار عامين من النضال المستمر حربًا لا هوادة فيها
بإرادة من حديد وعزيمة لا تعرف الانحناء.
لقد كان ثمن هذه الملحمة باهظًا وثقيلًا أنهار من دماء وآلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى. لكن كل تلك المجازر الوحشية وحرب الإبادة التي استهدفت الأبرياء وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة كالدواء والغذاء لم تكن سوى عقبات أمام شعب هدفُه الأسمى هو التحرير. هذه التضحية اللامحدودة هي الضمان الوحيد بأن النصر سيكون حليفهم وأن التاريخ سيُخلد انطلاقة طوفان الأقصى حتى قيام الساعة.
وقد كان القادة في الصفوف الأماميةوإن هذه المسيرة ليست يتيمة بل يقودها أعظم القادة الذين رفضوا التواري خلف المكاتب. لقد قدمت المقاومة أركانها على مذبح الحرية من هامات كبرى كالسيد حسن نصرالله و إسماعيل هنية ويحيى السنوار وغيرهم من القادة الذين أكدوا أن القيادة تعني التضحية بالدم قبل الأمر. إن دماءهم وقود لمشروع المقاومة الممتد وشاهدٌ على أن الإرادة لا تُهزم .

وإن الطوفان كان هو الشرارة التي وحدت القوى المؤمنة بالقضية مُعيدًا رسم الخريطة للمنطقة. لقد اشعل هذا الفعل المبارك جذوة الأمل في النفوس وكأننا نرى ميلاد الأمة الإسلامية يولد من جديد، روحًا تتجسد في محور مقاومة صلب يرسم خارطة طريق لكل الأحرار.

وقد برز في هذا المحور دور اليمن الصامد المقاوم الذي لم يكتفِ بالتضامن اللفظي. ففي مواجهة أعتى عدوان بقي اليمن شامخًا وقويًا مساندًا للقضية بكل ما يملك.
ولم يتوقف الأمر عند الجانب العسكري والبحري بل تجسد في تضحية سياسية عليا، حيث قدمت صنعاء حكومة كاملة فداءً لغزة لتؤكد أن القضية هي فوق كل المناصب الدنيا. ورغم شن الحرب الأمريكية – البريطانية – الصهيونية أثبت اليمن قوته وكسر هيبة القوى الكبرى وحوّلهم إلى أعجوبة وسخرية أمام العالم بأسره.
ويبقى العهد الذي لا يمحى
بأننا في يمن الإيمان والحكمة على العهد ما حيينا، ونقول فلتذهب كل الإدانات والبيانات الهزيلة التي خطتها الأقلام دون مواقف ولتُسجل الجرائم في جبين كل صامت ومتخاذل وصمة عار أبدية. إن الطوفان ليس حدثًا ينتهي بل هو مشروع أمة ففي كل قطرة دم وفي كل صاروخ انطلق من غزة أو اليمن، هناك وعدٌ لا يلين بأن زمن الهزيمة قد ولّى. لقد حان الوقت لمحو “وعد بلفور” اللعين من قاموس الأذلال.
وإن الحقيقة أبدية واضحة وضوح الشمس لا حق لهم في فلسطين. إنها عربية وستظل عربية إلى قيام الساعة وستبقى عاصمتها القدس هي العهد الذي لا يمحى. إن السابع من أكتوبر لم يكن نهاية لشيء بل هو الفجر الذي أشرق على نهاية الاحتلال وبداية النصر الحتمي الذي ينتظرنا جميعًا.