دماء القادة ليست هزيمة.. بل انطلاقة الأُمَّــة
أفق نيوز|
شاهر أحمد عمير
اليوم ونحن نودّع الشهيد المجاهد الكبير فريق الركن محمد عبدالكريم الغماري، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة اليمنية رضوان الله عليه، ندرك أن استشهاده لم يكن رحيلًا عابرًا، بل حدثًا مفصليًّا في مسيرة الأُمَّــة اليمنية، ورسالةً بليغةً تقول إنّ دماء القادة لا تعني النهاية، بل هي بداية عهد جديد من النصر والكرامة، ووقودٌ يضيء دروب الأحرار في مواجهة الطغاة والمستكبرين.
إن دماء الشهداء، كما يقول الله تعالى: “ولا تقولوا لمن يُقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون”، ليست موتًا، بل حياة خالدة تُلهب روح الأُمَّــة، وتمنحها طاقة لا تنضب من الإيمان والعزيمة.
فالشهادة ليست خسارة، بل أعظم مكافأة يمنحها الله لعباده المخلصين، وبها تُبعث روح الصمود في كُـلّ قلب حرّ.
لو كانت الهزيمة تُقاس برحيل الرجال، لانتهى تاريخ الأُمَّــة يوم استُشهد حمزة بن عبدالمطلب في أحد، ولما صمدت الرسالة بعد استشهاد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، ولما تحَرّكت الأُمَّــة بعد كربلاء، حَيثُ استُشهد الإمام الحسين عليه السلام.
واليوم، لم تضعف اليمن برحيل السيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه، ولا برحيل الرئيس الشهيد صالح الصماد، ولا برحيل القائد الشهيد الغماري؛ لأَنَّ الأُمَّــة التي تؤمن بمبادئها لا تموت، والقوة الحقيقية لا تسكن في الأجساد، بل في صدق المبادئ وثبات المواقف.
إن استشهاد القادة هو امتحان للأُمَّـة وقياس لمدى وفائها للقضية.
فالأمم التي تتعلق بالأشخاص تزول بزوالهم، أما الأمم التي تُقدّس القيم والمبادئ فتبقى خالدة، تزداد صلابة مع كُـلّ شهيدٍ يرتقي، وتزداد إرادَة مع كُـلّ دمٍ يسيل في سبيل الله والوطن.
لقد كان الشهيد محمد عبدالكريم الغماري رضوان الله عليه نموذجًا فريدًا للقائد القرآني، القوي بإيمانه، الصادق بوفائه، الثابت في مواقفه.
لم يكن مُجَـرّد عسكري يدير المعارك، بل رجل دولة ومشروع وعيٍ وإيمانٍ ومقاومةٍ متكاملة.
جسّد في حياته معاني الشجاعة والحكمة والتضحية، وترك إرثًا خالدًا سيبقى منارة تهدي الأجيال نحو الثبات والتمسك بالنهج القرآني.
استشهاد القادة ليس حدثًا عاطفيًّا فحسب، بل ضرورة استراتيجية لتجديد روح الأُمَّــة، وإعادة شحن طاقتها في مواجهة أعداء الله من اليهود والصهاينة والمنافقين، الذين يسعون لإطفاء نور الحق، ويجهلون أن كُـلّ قطرة دم شهيد تُشعل في الأُمَّــة ألف شعلة مقاومة.
استشهاد الغماري وحّد الصف الوطني، وأعاد التذكير بأن اليمن لا تهزمها المؤامرات ولا تكسرها الضربات؛ لأَنَّها أُمَّـة ترتوي من دماء الشهداء، وتزداد بها قوةً وإيمانًا.
لقد كسر استشهاده كُـلّ محاولات بث الفرقة والضعف، وأثبت أن الدم الطاهر أقوى من سلاح العدوّ، وأن من تربى في مدرسة القرآن لا يعرف التراجع ولا الانكسار.
اليمن اليوم خير شاهد على ذلك؛ فكل قائدٍ يرتقي شهيدًا يخلّف خلفه آلاف المقاومين، وكل دمٍ يسيل يروي شجرة الحرية، وكل خسارة جسدية تتحول إلى انتصار روحي ومعنوي.
دماء الشهداء تصنع التاريخ الحقيقي، وتُخرج من رحم المحن رجالًا لا يعرفون المستحيل، وتؤكّـد أن الأُمَّــة التي تسير على طريق الحق لا تُهزم مهما اشتد البلاء أَو تكالبت قوى الشر.
إن الشهادة ليست ختام المسيرة، بل بداية الوعي الكامل واليقين بالنصر.
فهي التي تُعيد للأُمَّـة صفاءها، وتُوقظ فيها روح التضحية والعطاء.
فكل دمٍ في سبيل الله يفتح للأُمَّـة بابًا جديدًا من العزّة، وكل شهيدٍ يترك في الوجدان جذوةً من نور، لا تنطفئ إلا بتحقيق النصر والتمكين.
سلامٌ على القائد الشهيد محمد عبدالكريم الغماري رضوان الله عليه، وسلامٌ على كُـلّ الشهداء الأحرار الذين كتبوا بدمائهم أن اليمن لا يُهزم، وأن طريق العزة محفوف بالتضحيات.
دماؤهم ليست خسارة، بل نورٌ يضيء دروب الأُمَّــة نحو النصر، ودليلٌ على أن اليمن ستظل صامدةً، وأن راية الحق ستظل مرفوعةً رغم أنف العدوان والمنافقين.
 
						