هل يكفي اعتذار كَيان الاحتلال لتجاوز عقود من الظلم؟
أفق نيوز|
شعفل علي عمير
على مرّ العصور، استمرّ كيان العدوّ الصهيوني في الانغماس في مستنقع الانتهاكات المنهجية للسيادة ولحقوق العرب، في غياب الرقابة أَو المحاسبة الدولية الفعّالة.
إنّ السعي للحصول على اعتذار من قطر أَو أي دولة عربية أُخرى لا يمكنه محو الجرائم التاريخية أَو الحالية التي ارتكبتها الصهيونية.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يكفي للعرب الاكتفاء باعتذار مكتوب أَو شفهي للتغاضي عن عقود من الظلم والمعاناة؟
فمنذ تأسيسها، ارتكب الكيان الصهيوني انتهاكاتٍ متعددة بحقّ العرب والفلسطينيين، تتراوح بين الحروب والاحتلال والتهجير القسري وتقييد السيادة الوطنية والاعتداءات المتكرّرة على المدنيين.
ومن الجدير بالذكر أنّ اعتذارات كَيان الاحتلال -عندما تصدر- غالبًا ما تترافق مع تبريراتٍ سطحية أَو محاولاتٍ للتملّص من الحقائق.
وهذا يطرح تساؤلًا محوريًّا: هل يمكن للدول العربية، وبخَاصَّة شعوب دول الخليج وقطر تحديدًا، قبول هذه الاعتذارات دون خطواتٍ جادّة تُعالج جذور الأزمة؟
يجب على العرب، ككلّ، أن يتحلّوا بالوعي والإدراك فيما يتعلّق بهذه الاعتذارات.
فقبول اعتذار كَيان الاحتلال دون أية شروط أَو تغييرات فعلية يُعتبر تنازلًا ضمنيًّا عن المبادئ والقيم.
ويتوجّب وضع معايير محدّدة تشير إلى أنّ الاعتذار عن الأخطاء أَو الانتهاكات ليس كافيًا، بل يجب أن يتبعه خطواتٌ ملموسة تضمن عدم تكرار تلك الانتهاكات.
لا تقتصر القضية على الشعب الفلسطيني فحسب، بل تمتدّ لتشمل جميع الدول العربية ومواقفها تجاه القضية الفلسطينية.
إنّ الاعتذارات المتكرّرة التي قد يطرحها الكيان الصهيوني لن تُعيد الأراضي المسلوبة، ولا تُعيد الأرواح التي أُزهقت، أَو تُعلي من شأن المساكن التي دمّـرت.
إنّ ذلك الاعتذار لا يُعتبر سوى قناعٍ يُخفي بشاعات الواقع، وتبريرًا لأفعال لا يمكن تجاهلها.
يتردّد صدى تجاوزات الكيان الصهيوني في جميع أنحاء المنطقة، سواء من خلال استهداف المدنيين أَو اقتحام المقدسات، أَو الاستمرار في التوسّع الاستيطاني غير المبرّر.
وعلى الأرض، يُصاحب هذه الانتهاكات دعمٌ غير محدود من القوى العظمى، الأمر الذي يُمكّنه من فرض واقعه بالقوة دون خشية من عواقب حقيقية.
في ضوء هذه الحقائق، كيف ينبغي التصرف حيال الاعتذارات المقدّمة بما يردع أي عملٍ إجرامي للكيان؟
إنّ مُجَـرّد قبول اعتذاراتٍ فارغة يُعتبر عبثًا مع نوايا أية جهةٍ تزيد من معاناة الآخرين.
يجب أن يعلو الصوت العربي المطالب بالعدالة واسترداد الحقوق المسلوبة بقوةٍ وحزمٍ ودون تردّد.
فالاعتذارات لا تُحقّق العدالة، بل تُعدّ خطوة تكتيكية تهدف إلى تلطيف الأوضاع دون تقديم تنازلاتٍ حقيقية.
إذا كان على العرب أن يتعلّموا من التجارب السابقة، فإنّ الدرس الأهمّ الذي يجب استيعابه هو عدم الاعتماد على وعودٍ زائفة أَو اعتذاراتٍ باهتة.
يجب علينا أن نتبنّى رؤيةً تُعزّز من قيمة الحقوق وتَسُنّ قوانينَ دوليةً صارمةً لمنع تكرار مثل هذه الانتهاكات.
إنّ واجبنا ليس الانحناء للاعتذارات، بل التأكّـد من أنّ العدالة تأخذ مجراها، وأنّ الجرائم لا تمرّ دون عقاب.