معلوم أن قيادة الرياض، قبل انتصار ثورة 21 سبتمبر، كانت تتدخل عبر سفيرها في صنعاء في القرار اليمني.

وبعد انتصار الثورة، بدأ تدخلها العسكري في اليمن فجر 26 مارس 2015، بقصف طيران تحالف العدوان بقيادة الرياض لمطار صنعاء الدولي ومحيطه، بمبرّرات واهية.

من بين هذه المبرّرات: محاربة النفوذ الإيراني، وإعادة “الشرعية” لمن لا شرعية له؛ كونهم نقضوا اتّفاق السلم والشراكة وفرّوا إلى فنادق الرياض وتركيا والإمارات وغيرها، فكانوا وما زالوا ينفذون أجندة دول تحالف العدوان.

استمر القصف على عدة أهداف مدنية لمدة 40 يومًا دون أن ترد صنعاء على القصف.

وزادت وتيرة القصف بعد أن قرّرت صنعاء الرد والمواجهة على مدى أكثر من ثمانية أعوام متتالية، انكشفت خلالها الحقائق وتبخرت كُـلّ مبرّرات العدوان الظالم والحصار الغاشم.

ومتى ما عجز تحالف العدوان عن تحقيق أي هدف له، تكرّرت دعواته لإنهاء الحرب عبر الحوار السياسي أَو التهدئة، ومنها مفاوضات مباشرة أَو عبر وسطاء بين صنعاء والرياض.

ومن أبرز المحطات تقدّم وفدي الرياض وعُمان في المشاورات مع وفد صنعاء، الذي خاض المفاوضات بوتيرة عالية مع الرياض؛ باعتبَارها شريكًا في العدوان، وليست وسيطًا كما زعمت.

ولا شك أن عمليات الردع أجبرت الرياض على قبول الهدنة التي وقعت عليها مع وفد صنعاء المفاوض في 2 إبريل 2022 برعاية الأمم المتحدة.

اشتملت الهدنة على وقف القتال بين الطرفين، ورفع الحصار عن المطارات والموانئ اليمنية، وصرف مرتبات الموظفين، وتبادل الأسرى، ورحيل المحتلّ، وجبر الضرر، وإعادة ما دمّـره العدوان.

غير أنها لم تلتزم بتنفيذ كافة بنود الهدنة.

وحتى في بند وقف القتال استمرت في خرق الهدنة منذ ذلك الحين وحتى اليوم، رغم تحذيرات قيادتنا لها من تكرار الخروقات والتصعيد.

وعلى مدى أكثر من ثلاثة أعوام نعيش في مرحلة “لا حرب ولا سلم”.

بالتالي، فإن اشتراك اليمن، شعبًا وقيادة، عسكريًّا، في معركة “طوفان الأقصى”، نتج عنه تأجيل حسم مرحلة حياة الشعب في “لا حرب ولا سلم”.

وما زالت القيادة تراقب التزام الكيان الصهيوني بتنفيذ بنود اتّفاق “غزة العزة”، واليوم باتت الرياض ملزمة بتنفيذ جميع بنود خارطة الطريق.

ولتعلم أن يمن اليوم ليس يمن الأمس، وإلا فستخسر الرهان مجدّدًا.

وليعلم العالم أن الاستجابة لمطالب شعب “يمن الإيمان” تُعتبر فرصة كبرى للرياض، خَاصَّة أن قيادتنا تدرك أن عودة المملكة إلى المفاوضات اختبار لجدية وثقة وقدرة الرياض على تحويل التفاوض إلى واقع يلمسه الشعب اليمني.

أما في حال رضخت الرياض للضغوط الأمريكية والإسرائيلية، فإن شعب اليمن فوّض قيادته الحكيمة والقوات المسلحة للتفاوض معها.

حينها ستؤثر النتائج ليس على الرياض فقط، بل على الاستقرار الإقليمي بالكامل.

هذا، والأيّام بيننا، إن شاء الله تعالى.