الأمة لديها كل المقومات لإفشال المشروع الصهيوني
أفق نيوز|
المشروع الصهيوني هو كارثي على الأمة، هو هكذا بهذه العدوانية، بهذا السوء الذي تخسر معه الأمة دينها ودنياها، إنسانيتها، وعروبتها… وكل شيء، هو كارثي على الأمة، هو مشروع حقيقي، يعني: ليس كلاماً بادَّعاءات على الإسرائيلي، دعايات عليه، لا، هذا هو مشروع موجودٌ لديه: في فكره، في ثقافته، في مناهجه التعليمية، في خططه؛ موجودٌ في أنشطته، ويبني عليه مؤامراته.
لذلك يجب أن تتحرَّك الأمة لمواجهة هذا المشروع الوحشي، الإجرامي، التدميري، الكارثي، العدواني، بمشروعٍ صحيح، مشروعٍ عملي صحيح وجادّ؛ لأن نجاح المشروع الصهيوني متوقف على خنوع هذه الأمة، على تَقَبُّل هذه الأمة لهذا المشروع، الذي هو كارثيٌ عليها، ويجلب عليها حتى سخط الله.
لو رضيت هذه الأمة بكل ذلك: أن تكون أمةً مستباحة للإسرائيلي، بإجرامه، بوحشيته، بعدوانه، قبلت بالاغتصاب، قبلت بنهب الثروات، قبلت بالإذلال، قبلت بالإبادة، قبلت بكل هذا السوء، الذي لا ينبغي أن يقبله أي إنسان بقي فيه ذرة من إنسانيته، وشرفه الإنساني، وجوهره الإنساني؛ لو قبلت بذلك، ليس ذلك مفيداً لها؛ تجلب على نفسها سخط الله، وغضب الله، وعذاب الله، ولعنة الله، وجهنم في الآخرة، وجهنم في الآخرة، المسألة خطيرة جدًّا على هذه الأمة.
الأمة يجب عليها أن تتحرَّك، ولديها كل مقومات التحرُّك، ليس هناك أي مُبَرِّر إطلاقاً للأمة لتقبل بالمشروع الصهيوني الإسرائيلي الأمريكي، ليس لديها أي مُبَرِّر، لماذا تقبل بذلك؟ هل تحاشيا من ماذا؟ تحاشياً من خطر؟ هذا هو الخطر بكله، قبولها بالمشروع الصهيوني الإسرائيلي الأمريكي هو أكبر خطر عليها، في حياتها، ودينها، ودنياها… في كل شيء، فما هو المُبَرِّر؟ لا يوجد أي مُبَرِّر.
هذه أمة لديها كل المقومات، التي تساعدها على أن تتصدَّى لهذا المشروع، وأن تفشله، وأن تبطله، ولديها السند العظيم هو: الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، إذا نهضت بمسؤوليتها، وفق توجيهات الله وتعليماته؛ فهي ستنتصر، وتؤدي حتى دورها العالمي، في إنقاذ بقية الشعوب والمجتمعات، من الخطر اليهودي الصهيوني، الذي هو خطرٌ على الإنسانية بكلها، هذه الأمة لديها الثروة، لديها الجغرافيا، لديها الثروة البشرية، هي مجتمع كبير، أمة كبيرة عظيمة، على المستوى العربي: (مئات الملايين)، على المستوى الإسلامي العالمي: (أكثر من ملياري مسلم)؛ فلماذا يقبلون بهذا المشروع العدواني؟
لدى هذه الأمة كل المقومات كأمة كبيرة، تساعدها على إفشال ذلك المشروع، وأن تكون في الموقف القوي؛ لإفشاله وإبطاله: الجغرافيا، الثروة البشرية، لديها الهدى والنور (القرآن الكريم)، الهدى والنور والبصائر، الذي يساعدها على أن تكون في رؤيتها، وفي خطتها العملية، وفي تُحَرِّكُها، قائمةً ومتحركةً على أساس بصيرة ووعي، وفهم صحيح، وقرارات صحيحة، وخيارات صحيحة مجدية، نافعة لهذه الأمة، تصلها بالله، بتأييده، بمعونته، وتفيدها على أرض الواقع.
لذلك الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قال عن القرآن الكريم: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[الإسراء:9]، وفعلاً الخيارات الأقوم، المواقف الأقوم، التَّوجُّهات الأقوم، التي يستقيم بها حال الأمة، وفي كل شيء.
لذلك فتحرُّكنا في مسيرتنا القرآنية المباركة هو في إطار مسؤوليتنا الدينية، وشعبنا (يمن الإيمان والحكمة)، الذي قال عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ: ((الْإِيْمَانُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّة))، انطلق أيضاً من منطلق انتمائه الإيماني، وهويته الإيمانية، بوعيٍ وبصيرةٍ، وإدراكٍ لضرورة هذا الموقف، ضد ذلك الخطر، ضد ذلك العدو المجرم، المتوحِّش، المستهتر بالدماء.
تحرُّكنا في مسيرتنا، وتحرُّك شعبنا العزيز، في إطار الاهتداء بالقرآن الكريم، في إطار الوعي والبصيرة تجاه الخيارات الصحيحة:
– الله كشف لنا في القرآن الكريم خطر أعدائنا، وماذا يريدون، وكيف هم، وكيف سوؤهم: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ}[المائدة:82]، {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}[النساء:44]، {وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ}[آل عمران:118]، {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ}[آل عمران:119]، كم في القرآن الكريم من آيات! التي تكشف حقدهم، عداوتهم، سوأهم، إجرامهم، نفسياتهم، يُقَدِّم تشخيصاً كاملاً عنهم، ويرسم لنا الطريق الصحيح للتصدِّي لهم، والواقع كله مصاديق تشهد لما ورد عنهم في القرآن الكريم، كله حقائق جَلِيَّة بما ذكره الله عنهم في القرآن الكريم.
– كشف لنا عن تحالف فريق الشَّرّ من أهل الكتاب (من اليهود والنصارى)، وقال عنهم: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}[المائدة:51]، وها نحن نرى أمريكا وإسرائيل وجهان لعملة واحدة، وكلاهما يتحرَّك في إطار المشروع الصهيوني، ويؤمن به.
– حرَّم الله تولِّيهم (الموالاة لهم) أشدَّ التحريم، إلى درجة أن يقول: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[المائدة:51].
– بَيَّن أن ذلك يُفْضِي إلى الارتداد عن مبادئ الدين وقيمه، وعن تعاليم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وفعلاً الموالاة لهم ثمنها التراجع عن مبادئ من أهم مبادئ هذا الدين، التخلِّي عن قيم من أهم قيم هذا الدين، التَّنكُّر لتعليمات الله تعالى.
– رسم لنا برنامجاً كاملاً في (سورة آل عمران)، وفي (سورة المائدة)، للانتصار عليهم: وفي هذا المسار المهم، والبرنامج العظيم، بيَّن لنا أهم الخطوات والتفاصيل المتعلقة بها، وهي:
التولِّي لله تعالى، وامتداد ولايته إلى واقعنا.
والاعتصام به سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[آل عمران:101]، وبحبله: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}[آل عمران:103].
والسير على هديه وتعليماته.
والتقوى لله في الالتزام الإيماني، والالتزام في النهوض بمسؤولياتنا المقدَّسة: في الجهاد في سبيل الله تعالى بكل وسيلةٍ من وسائل الجهاد، في كل مجالات الجهاد، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كأمة تتحرَّك جماعياً، وتحذر التفرُّق والاختلاف في داخلها.
فالله تعالى سيتولَّى النصر لها، وستكون غالبةً بنصره وتأييده.
الأمة في هذه المرحلة بحاجة إلى الله تعالى، وإلى معونته، ونصره، وهدايته، وبحاجة إلى القيم والأخلاق، في مواجهة عدوٍ مفسدٍ مُضِلٍّ، يسعى للإضلال، للإفساد، تحتاج الأمة أن تكون مُحَصَّنةً عنه من ذلك، مُجْرِم، يعمل امتداداً للشيطان، يسعى بكل الوسائل إلى تجريد الأمة من كل عناصر قوتها، وفي مقدِّمتها: عناصر القوة المعنوية، والجانب المعنوي؛ لأنه يريد أن يسلب إرادتها، ويريد أن يُفَرِّغها من محتواها الإنساني والإيماني؛ ليسهل له السيطرة التامة عليها، ثم بعد ذلك إبادتها.
الأمريكي جرَّب، والغرب جرَّب، الإبادة لشعوب بأكملها في القارة الأمريكية، لم تكن تلك الشعوب تمتلك ما لدى المسلمين، من قيم، من مبادئ، تُرَسِّخ هذا التَّوَجُّه التَّحَرُّري والإيماني، وتصلها بالله؛ ولذلك أبادوا، يعني: في بعض الإحصائيات أن تلك الشعوب تُقَدَّر بـ (مائة مليون إنسان أُبيدت)، أبادها الأوروبيون في القارة الأمريكية، وهم يريدون تكرار هذه التجربة في بلداننا، لكن العائق أمامهم هو الإسلام.
الإسلام هو الذي جعل الشعب الفلسطيني في ذلك المستوى من التماسك والثبات، جعل أهل غَزَّة في ذلك المستوى من الصمود، والصبر، والثبات؛ فيريدون أن يُفَرِّغُونا من المحتوى الإنساني والإيماني؛ ليبيدونا فيما بعد ذلك، بعد أن نكون أمة مائعة، تائهة، ضائعة، بكل سهولة.
نجاح العدو في فصل التَّوَجُّه في الموقف عن المبادئ، والقيم، والأخلاق الدينية، هو الذي يصنع له الكثير من العملاء؛ فتتحول الخيانة، والعمالة، والتعاون مع العدو الإسرائيلي والأمريكي، إلى وجهة نظر وخيار سياسي؛ لأن المسألة فُصِلت عن الالتزامات الإيمانية والدينية، عن القيم والأخلاق والجانب الإنساني، وهذا ما يرغب به المنافقون من أبناء هذه الأمة؛ لِيُسَهِّلوا لأنفسهم المسألة..
من كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة يوم القدس العالمي
27-9-1446ه 27-3-2025م