الاحتلال الإماراتي ومشروعُه التخريبي
أفق نيوز| نبيل الجمل
تكشف التطورات الجارية في المحافظات الجنوبية من اليمن عن الطبيعة الحقيقية للمشروع الذي تقوده القوى المتدخلة، وتؤكّـد أن الأهداف المعلَنة للتحالف الذي تقوده السعوديّة والإمارات تحت غطاء “دعم الشرعية” لم تكن سوى ستار لمشروع احتلال مقصود، يهدف إلى تفكيك الدولة اليمنية والاستحواذ على ثرواتها وموقعها الاستراتيجي.
إن الحراك السياسي والعسكري المشهود في الجنوب، المتزامن مع مظاهرات منادية بالانفصال كما في حضرموت وبعض المحافظات الجنوبية، لا يمثل حراكًا شعبيًّا عفويًّا، بل هو جزء من استراتيجية تقسيمية تتبناها قوى الاحتلال وتعلن عنها رسميًّا.
لقد اتخذ هذا المخطّط منحىً تصعيديًّا واضحًا مع إعلان ما يُسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي عن اعتصام مفتوح لتحقيق الانفصال، مدعومًا بحراك مفاجئ ومموّل في المحافظات الجنوبية.
يجري هذا الحراك بدعم إماراتي مباشر وتواطؤ سعوديّ، مما يكشف التناقض الجذري بين خطاب التحالف المعلن حول وحدة اليمن وبين ممارساته الفعلية على الأرض.
لم يعد هذا الدعم سريًّا، بل أضحى يُعلن عنه صراحة من قبل شخصيات رسمية مقربة من دوائر صنع القرار.
وجاءت دعوة عبدالخالق عبدالله، مستشار رئيس دولة الاحتلال الإماراتي، لدول الخليج للاعتراف بما أسماه “الجنوب العربي” كدولةٍ شرعية، لتؤكّـد أن المشروع هو مشروع دولة وليس مُجَـرّد مشروع فصائل.
إن تصريحه بأن “الاعتراف بدولة الجنوب من شأنه أن يعكس واقعًا جديدًا في المنطقة” ليس مُجَـرّد تحليل، بل هو تعبير صريح عن الأجندة التي تعمل الإمارات على ترسيخها، وهي أجندة تتجاوز حدود اليمن لتشمل إعادة تقسيم الجغرافيا السياسية للمنطقة بأكملها.
يتلخص المشروع السعوديّ-الإماراتي في اليمن في تقسيم البلاد، وإشعال الخلافات والفتن، ونهب الثروات، والسيطرة على الموانئ والجزر الحيوية، تحت ذريعة كاذبة هي “دعم الشرعية”.
يتم هذا الاحتلال برعاية صهيو-أمريكية، ضمن مخطّط أوسع للسيطرة على باب المندب وتأمين الملاحة الدولية لصالح الكيان الغاصب.
إن هذا التمزيق الممنهج للنسيج الوطني يشكل الخطر الأكبر الذي يواجه اليمن، وهو دليل واضح على أن استمرار العدوان يهدف إلى تحقيق مكاسب جغرافية وتقسيمية لا علاقة لها بأية مطالب مشروعة.
ولكن التاريخ اليمني يعيد تأكيد نفسه كأرض ترفض الغزاة.
تفشل هذه المخطّطات الاستعمارية واحدة تلو الأُخرى أمام صمود الشعب اليمني وقيادته الحكيمة.
وكما رحل المستعمر البريطاني السابق، فإن الاحتلال الإماراتي والسعوديّ سيرحل حتمًا، مهما بلغت التضحيات.
هذا المصير المحتوم يتأكّـد بفضل قوة القوات المسلحة اليمنية الباسلة، التي لم تكتفِ بالدفاع عن الحدود، بل ردعت قوى عظمى وأثبتت قدرتها على قلب الموازين في أهم الممرات المائية العالمية.
إن ما يوصف بـ “جيش الكعك المدلل”، في إشارة إلى الجيش الإماراتي والسعوديّ، لا يقارن بالقوة العقائدية والردع العسكري الذي بنته القيادة اليمنية الصامدة.