أفق نيوز
الخبر بلا حدود

يردوكم بعد إيمانكم كافرين .. قراءة في أخطر تحذير قرآني للأمة

41

أفق نيوز| تقرير| طارق الحمامي

في زمنٍ تتكاثر فيه الهزائم من داخل الأمة أكثر مما تُفرض عليها من خارجها، يبرز سؤال مصيري: كيف يمكن لأمةٍ يتلى عليها كتاب الله، وتحمل إرث النبوة، أن تُقاد إلى التفريط بإيمانها وهويتها؟ ، يقدّم الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه، قراءة قرآنية دلالية لآيات من سورة آل عمران، كاشفًا عن أخطر أشكال الاستهداف الذي تتعرض له الأمة الإسلامية، لا عبر السلاح وحده، بل عبر الطاعة الفكرية والتبعية الثقافية والسياسية التي تمهّد للانهيار من الداخل بأقل كلفة على الخصوم، منطلقاً من التحذير القرآني الصريح: {إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}، ليضعه في سياقه التاريخي والواقعي، موضحًا كيف تحوّل الصراع مع أهل الكتاب من مواجهة عسكرية مباشرة إلى مشروع طويل الأمد يستهدف فصل الأمة عن مصدر قوتها الحقيقي، الإيمان، والوعي، والاعتصام بالله.

وفي استعراض الدلالة القرآنية فإن الشهيد القائد رضوان الله عليه، لا يتناول الصراع بوصفه خلافًا دينيًا مجردًا، بل بوصفه معركة وعي وهوية ومسؤولية حضارية، حيث تصبح الطاعة للعدو أخطر من الاحتلال، والتفكك الداخلي أمضى من القنابل، ويغدو التفريط بالإيمان المدخل الأسهل لإخضاع أمة كان يمكن لو نهضت أن تغيّر وجه العالم .

 

من هم أهل الكتاب في الخطاب القرآني؟

ينطلق الشهيد القائد من التوصيف القرآني لأهل الكتاب بوصفهم اليهود والنصارى، مؤكدًا أن القرآن يميّز بين فريقين، فريق ملتزم بالقيم الإلهية ويمثّل الخير، وفريق آخر يتّصف بالغدر والحسد والدهاء السياسي، ويرى أن التحذير الوارد في قوله تعالى:{إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}، لا يتعلّق بمجرد اختلاف ديني، بل بمشروع هيمنة فكرية وسياسية يستهدف تفريغ الإيمان من مضمونه العملي.

 

توحّد أهل الكتاب ضد الأمة

يرى الشهيد القائد أن التاريخ الحديث كشف عن التقاء المصالح السياسية والاستراتيجية بين اليهود والنصارى، رغم الخلافات التاريخية العميقة بينهما، في مواجهة الأمة الاسلامية، مستشهداً بتجارب القرن العشرين، والحروب العالمية، والتحالفات الدولية، معتبرًا أن هذه التناقضات لم تمنع من توحّد الجهد عندما يتعلّق الأمر بإضعاف الأمة الإسلامية فكريًا وسياسيًا.

متسائلاً لماذا يحرص هذا الفريق على ردّ المسلمين عن إيمانهم، بدل الاكتفاء بالسيطرة العسكرية؟

ويجيب بأن القهر العسكري مكلف اقتصاديًا وسياسيًا، والأمة المؤمنة وفق السنن القرآنية، لا يمكن كسرها بسهولة، لأن الإيمان هو مصدر القوة الحقيقي، وفصله عن الأمة يعني سقوط الحماية الإلهية، وتحوّل الأمة إلى كيان قابل للهيمنة بأقل تكلفة.

من هنا، يرى أن أخطر أسلحة الخصم ليست الدبابات، بل الطاعة الفكرية، والتبعية الثقافية، والتسليم السياسي.

 

 المدخل الأخطر في التحذير القرآني

يلفت الشهيد القائد إلى دقة التعبير القرآني، {إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا}، معتبرًا أن الطاعة هنا ليست قسرًا، بل اقتناعًا وترويجًا داخليًا، يصل فيه بعض أبناء الأمة إلى الدفاع عن سياسات العدو، والتبشير بها، والعمل لصالحها.

مؤكداً رضوان الله عليه أن هذه المرحلة هي الأخطر، لأنها تُسقط المناعة الداخلية، وتجعل الهزيمة ذاتية لا مفروضة، وتحوّل الأمة إلى أداة ضد نفسها.

الخبرة الدينية في فهم الصراع

يشير الشهيد القائد إلى الخبرة الدينية التاريخية لدى اليهود، معتبرًا أنهم يعرفون سنن النصر والهزيمة، ويدركون أن الإيمان الصادق يجلب نصر الله، وقد تعلّموا من قصصهم القرآنية، كطالوت وجالوت، أن الكثرة لا تحسم المعركة.

وبناءً على ذلك فإن ضرب الإيمان يصبح شرطًا لازمًا للسيطرة.

 

مسؤولية الأمة .. العقاب أشد

في واحدة من أكثر النقاط حساسية، يحمّل الشهيد القائد الأمة الإسلامية مسؤولية تاريخية مضاعفة، معتبرًا أن تخلّيها عن دورها الرسالي أضرّ بالبشرية كلها، وأن انحرافها لا يضرّها وحدها، بل يفتح المجال للفساد العالمي، وأن غضب الله بحسب الرؤية القرآنية، لا يأتي ظلمًا، بل نتيجة التفريط بالمسؤولية، مستدلاً بقوله سبحانه وتعالى: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ}، كمؤشر على فداحة السقوط حين يحدث رغم وضوح الهداية.

 

ختاماً 

الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه قدم قراءة دلالية واعية وتحليلية عن طبيعة الصراع مع أهل الكتاب ، بأنه  صراع وعي وهوية قبل أن يكون صراع سلاح، مؤكداً أن أخطر الهزائم هي التي تبدأ من الداخل، وأن الطاعة غير الواعية أخطر من الاحتلال، وأن الاعتصام بالله ووحدة الأمة هما خط الدفاع الأول .

يمانيون