أفق نيوز
الخبر بلا حدود

جمعة رجب.. هُـوية الإيمان ومسؤولية الانتماء

39

أفق نيوز| عبدالله علي هاشم الذارحي

تأتي جمعةُ رجب كُـلّ عام لتعيد إلى الذاكرة اليمنية صفحةً ناصعةً من أنصع صفحات التاريخ، فيومها لم يكن عابرًا في مسيرة الشعب، بل كان تحولًا إيمانيًّا عظيمًا رسم ملامح الهُـوية اليمنية، وربطها بالإيمان والحكمة والولاء والوفاء لله ورسوله وللإمام علي وللسيد القائد العلم.

لقد خُصَّ أهلُ اليمن بفضلٍ عظيم على لسان الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم حين قال: «أتاكم أهل اليمن، هم أرقُّ قلوبًا وألينُ أفئدةً»، وقال صلوات الله عليه وآله: «الإيمان يمان، والحكمة يمانية والفقه يمان».

هذا ليس مُجَـرّد توصيف، بل وسام شرف إلهي ونبوي، كما يؤكّـد السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي (يحفظه الله) بقوله: «(الإيمان يمان)، هذا وسام شرف كبير وفضل عظيم»، موضحًا أن عزة الشعب اليمني نابعة من عزة إيمانه، ومن مواقفه التي تتجلى فيها الشجاعة والكرامة والشرف.

إن جمعة رجب هي عيد الهُـوية والتحرّر.

فهي ليست ذكرى تاريخية فحسب، بل هي عيدُ الأعياد، وعيدُ اليمنيين الأمجاد، اليوم الذي أصبح عنوانًا لشعبٍ أعلن إسلامه طوعًا، دون قهر أَو سيف، فكان دخوله في الإسلام دخول إيمان وبصيرة، لا تبعية ولا خضوع.

وفي هذا المعنى، يؤكّـد السيد القائد أن: «الهُـوية مسألة مهمة جِـدًّا، مسألة في غاية الأهميّة».

ولذلك جعل من جمعة رجب محطة رئيسية لترسيخ الهُـوية، والحفاظ عليها، وتعزيز الوعي بأهميتها جيلًا بعد جيل، حتى يواصل الأحفاد ما بدأه الآباء والأجداد في حمل رسالة الإسلام والقيام بمسؤولياتها.

إن الإيمان الذي ميّز اليمنيين عبر التاريخ لم يكن شعارًا يُرفع، بل موقفًا يُجسَّد، وعملًا يُترجم في مواجهة الطغيان والظلم.

فـيمن الإيمان والحكمة، كما يؤكّـد السيد القائد، هو شعب القيم والوفاء، لا يخشى إلا الله، ويتحدى كُـلّ الطغاة.

وفي هذا السياق، تتكامل بصيرة الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي (رضوان الله عليه) حين قال: «من رضي لنفسه بأن يظل جامدًا فكل شيء لن يكون له قيمة لديه..

متى شعرت بتحمل المسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى، أن تكون من أنصار دينه، أن تكون من العاملين في سبيله، حينها ستعرف قيمة كُـلّ شيء».

وهي دعوة صريحة لأن يكون الإيمان حركةً ومسؤوليةً ونهجًا حيًّا.

إن الاحتفاء بجمعة رجب هو فرحٌ مشروع، لكنه ليس فرحًا ماديًّا، بل فرحٌ بالفضل الإلهي والهداية، كما يقول الله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}.

هو فرحُ الانتماء لدينٍ عظيم، وهُـويةٍ أصيلة، ومسؤوليةٍ تاريخية حملها اليمنيون عبر القرون، وكان لهم فيها دورٌ مميز في نصرة الإسلام وحمل رسالته.

فجمعة رجب هي عهدٌ متجدد، كما قال السيد القائد في كلمته بتاريخ 19 فبراير 2021م: «جمعة رجب صفحة بيضاء ناصعة من الصفحات المشرقة في تاريخ شعبنا اليمني المسلم العزيز..

وترتب عليها التحول التاريخي الكبير في الاتّجاه الإيماني العظيم».

ومن هنا، فإن جمعة رجب ليست ذكرى تُستحضَر فقط، بل عهدٌ يُجدَّد، بأن تظل الهُـويةَ الإيمانية حاضرة، وأن يبقى اليمن ـ كما كان ـ يمن الإيمان والحكمة، ثابتًا على الحق، حرًّا في مواقفه، وفيًّا لرسالة الله، ومتصدرًا لمواجهة الطغيان مهما عظمت التحديات.

كل جمعة رجب، واليمن أكثر إيمانًا، وأكثر وعيًا، وأكثر ثباتًا وانتصارًا.