فوضى الأسواق الشعبية في العاصمة بين مطرقة التنظيم وسندان الواقع الاقتصادي
أفق نيوز|
تقرير | هاني أحمد علي: في ظل الاستعدادات لمناسبة المولد النبوي الشريف، ألقى برنامج “نوافذ” الضوء على جهود أمانة العاصمة في معالجة إشكالية الأسواق الشعبية والبسطات العشوائية، والتي تسبب فوضى مرورية ومعاناة يومية للمواطنين. وقد كشف وكيل أمانة العاصمة لقطاع الخدمات، عبد الفتاح الشرفي، عن تضارب في وجهات النظر بين الجهود الرسمية وواقع المواطنين، بالإضافة إلى تحديات كبيرة تواجه عملية التنظيم.
وتطرّق التقرير الميداني المتلفز للزميل شرف الموشكي، لبرنامج “نوافذ” اليوم الثلاثاء، إلى الحملات التي نفذتها أمانة العاصمة لإزالة البسطات العشوائية في شوارع رئيسية وحيوية مثل “هائل” و”الحصبة”، وهو ما قوبل بارتياح كبير من قبل المواطنين. فقد أشار عدد منهم إلى أن هذه الخطوة ساهمت بشكل مباشر في تخفيف الازدحام المروري، وتسهيل حركة المشاة والسيارات، مما جعل الشارع يبدو “مختلفًا” و”أفضل”.
على النقيض من ذلك، تسببت هذه الحملات في إثارة معاناة جديدة لأصحاب البسطات أنفسهم، الذين عبّروا عن استيائهم من غياب البدائل.
وأكد أحد الباعة في تصريح لقناة المسيرة، أنهم الآن “ضائعون”، حيث انتقلوا إلى الحواري والشوارع الفرعية، مما أدى إلى خلق فوضى وازدحامات جديدة فيها، مطالبين الجهات المسؤولة بتوفير أماكن مخصصة ومنظمة لهم، تضمن استمرار مصدر رزقهم المتواضع.
غياب التنسيق وتداخل الصلاحيات
ولفت التقرير الملتفز إلى مشكلة هيكلية أساسية تتمثل في تداخل الصلاحيات وغياب التنسيق بين الجهات الحكومية المعنية، ففي فرزة الباصات بمنطقة السبعين، لوحظ أن المسؤولين في النقل والأشغال والبلدية والمرور يتبادلون اللوم، ويتنصل كل منهم من المسؤولية في معالجة الفوضى، مما يؤدي إلى بقاء الوضع على ما هو عليه، وترك المواطن يواجه المعاناة بشكل يومي دون حلول جذرية.
من جانبه، أرجع وكيل أمانة العاصمة، الأستاذ عبد الفتاح الشرفي، هذه الإشكالية إلى أسباب متعددة، في مقدمتها الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الشعب اليمني، والتي دفعت الكثيرين إلى امتهان البيع في الشوارع. وأوضح الشرفي أن جهود الأمانة ليست عشوائية، بل هي عمل “مخطط ومنظم” يستند إلى قاعدة بيانات ودراسات سابقة، مشيراً إلى أنهم سبق وأن قاموا بحملات تنظيمية مماثلة في شارع “جمال” و”هائل”، لكنها لم تدم طويلاً بسبب عدم التزام الباعة.
وأشار إلى أن بعض الباعة يرفضون الانتقال إلى الأماكن المخصصة أو المنظمة، ويفضلون البقاء في الشارع، بل وصل الأمر إلى حد بيع “حق البسطة” في الشارع، مما يدل على وجود تحايل على جهود التنظيم.
تحديات ومخاوف مستقبلية
ويثير هذا الوضع تساؤلات جدية حول استدامة جهود التنظيم، فالمواطنون يخشون أن تكون هذه الحملات “مناسباتية” وتقتصر على فترة معينة فقط، وأن تعود الفوضى بعد انتهاء المناسبة، وهو ما حدث في حملات سابقة.
كما أن غياب البدائل المنظمة لأصحاب البسطات لا يمثل فقط تحديًا أمامهم، بل أمام جهود الأمانة نفسها، حيث يفقد عملها بُعدًا أساسيًا من أبعاد النجاح، وهو توفير حلول مستدامة، بالإضافة إلى أن مسؤولية توفير البديل تقع على عاتق الجهات المعنية لإقامة الحجة على الباعة، وإلزامهم بالانتقال إلى الأماكن المنظمة بعد توفيرها.
وأفاد التقرير أن جهود أمانة العاصمة، رغم أهميتها، تصطدم بواقع اقتصادي صعب، وغياب للتنسيق بين الجهات، بالإضافة إلى تحديات تتعلق بمدى التزام المواطنين، حيث لا يزال المواطن ينتظر أن تتكامل هذه الجهود، وأن تتحول من حملات مؤقتة إلى خطط شاملة ومستدامة، تضمن تنظيم العاصمة، وتحافظ في الوقت نفسه على مصادر رزق البسطاء.