أفق نيوز
الخبر بلا حدود

غزة بين مطرقة العدوان والإبادة وسندان التواطؤ العربي والعجز الأممي

54

أفق نيوز|

تقرير|

دخلت حرب الإبادة الإسرائيلية قصفًا وتجويعًا على قطاع غزة، يومَها الـ 690 تواليًّا، وسط استمرار المجازر وقتل الأطفال والنساء، وفرضِ حصارٍ خانقٍ ومنع المساعدات، في ظل دعمٍ أمريكي مفضوح وتواطؤ عربي وعجز عالمي غير مسبوق.

في قلب المشهد المأساوي الذي يعيشه قطاع غزة اليوم، تتكشف أمام العالم خيوط معادلة معقَّدة، تصعيد عسكري دموي صهيوني، محاولات متعثرة لتهدئة مؤقَّتة، واستنفار دولي قانوني وإنساني في وجه الغطرسة الإسرائيلية وحاميها الأمريكي.

وتتبدَّى في كُـلّ زاويةٍ من هذه المعادلة، حقيقةٌ واحدة، أن إرادَة المقاومة وصمود وثبات الشعب الفلسطيني يفرضُ على العالم أجمع إعادة الحسابات؛ مهما طال أمد هذه الحرب الهمجية.

إنسانيًّا؛منذ ساعات فجر اليوم الثلاثاء، حتى كتابة هذا التقرير، استشهد 75 فلسطينيًّا وأُصيب 370 آخرون، وتركزت حصيلة الشهداء شمالي قطاع غزة، حَيثُ استشهد 20 شخصًا؛ بينما بلغ عدد الشهداء في وسط القطاع 13 شخصًا وجنوبي القطاع 18 شخصًا، و3 وفيات جديدة جراء المجاعة وسوء التغذية، خلال الـ 24 الساعة الماضية؛ نتيجة جرائم العدوّ الإسرائيلي.

وأكّـدت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، أن “17 شهيدًا و122 جريحًا من منتظري المساعدات وصلوا المستشفيات خلال الـ 24 ساعة الماضية”، لافتةً إلى “ارتفاع عدد شهداء لقمة العيش ممن وصلوا المستشفيات إلى 2140 شهيدًا وأكثر من 15737 جريحًا”، كما ارتفعت حصيلة الإبادة إلى “62819 شهيدًا و158629 جريحًا منذ العدوان على غزة”.

صحيًّا؛حذّرت الوزارة من أزمة حادة وخطيرة في أرصدة “بنوك الدم” داخل مستشفيات قطاع غزة، في ظل استمرار العدوان والحصار الخانق مع تزايد أعداد الجرحى والمرضى بشكلٍ يومي، مؤكّـدةً أن “مستشفيات غزة تحتاج 350 وحدة يوميًا”، الأمر الذي يُهدّد حياةَ عشرات المصابين، خَاصَّة في ظل نوعية الإصابات الحرجة التي تتطلب تدخلاتٍ جراحية فورية ونقل دم بشكلٍ عاجل.

عسكريًّا؛بعد شهورٍ طويلة من القصف والدمار، عاد العدوّ الإسرائيلي، إلى سيناريو التوغّل شمالًا نحو مدينة غزة، مستندًا إلى تعبئة جديدة لعشرات آلاف جنوده الاحتياط، وكثّـف اليوم، من قصفه بالطائرات والمدفعية على مخيمات “شمالي مدينة غزة، مفترق الصفطاوي، مخيم البريج، النصيرات، مواصي خان يونس، شمالي مدينة دير البلح، مخيم الشاطئ”، وغيرها، حصدت العشرات من الشهداء والجرحى.

ورغم المشهد الإنساني الذي يزيد قتامة؛ يرى مراقبون أن الخطاب الصهيوني لا يزال يبيع وَهْمَ “الحسم”؛ لأن الوقائع تشير إلى حرب استنزاف طويلة تآكلت فيها قدراتُ جيشه، في وقتٍ تتماسك فيه المقاومةُ بإيقاع الميدان رغمَ الكلفة الإنسانية الفادحة.

ميدانيًّا؛كشفت صحيفةُ “يديعوت أحرونوت” الصهيونية، عن انقسام حادٍّ داخل ما يسمى هيئة أركان جيش الاحتلال حولَ مسألة احتلال مدينة غزة، موضحةً أن رئيس الأركان “زامير” يقود معسكرًا يفضِّلُ “صفقةً جُزئيةً لإطلاق قسم من الأسرى بالتوازي مع ضغطٍ عسكري تدريجي، يشمل حصارَ غزة وإجلاء السكان وهجمات تدريجية”.

فيما يرفض المعسكر الآخر الصفقة الجزئية ويرى أنها “تمنح حماس فُرصةً للتعافي، مطالبًا باحتلال المدينة فورًا” -بحسب الصحيفة- فَــإنَّ قرار حكومة المجرم نتنياهو جاء كحلٍّ وسطٍ “يقضي بالتفاوض على صفقة شاملة مع استمرار الضغط العسكري والاستعداد لاحتلال غزة إذَا فشلت المفاوضات”، وهو ما اعتبره الوسطاءُ دفنًا لكل جهودهم.

دبلوماسيًّا؛وسطَ هذا النزيف، برزت مبادرة هُدنة لمدة 60 يومًا، أعلنت حماس قبولَها بصيغة تشمل وقف القتال، وتبادل الأسرى، وتوسيع إدخَال المساعدات، مع بحثٍ مبكر لوقفٍ دائم، غير أن الردّ الإسرائيلي لا يزال أسير حسابات داخلية؛ فيما الأسر والعائلات الصهيونية تضغط من الشوارع لاستعادة أبنائها الأسرى قبل أية شعارات فارغة عن زعم المجرم نتنياهو “النصر المطلق”.

متحدث الخارجية القطرية، أكّـد في مؤتمرٍ صحفي ظهر اليوم، أن “الوسطاء لا يتعاملون بجدية مع تصعيد التصريحات الإسرائيلية، وينتظرون ردًّا رسميًّا على المقترح”، مُشيرًا إلى أنه “حتى الآن لا يوجد أيُّ ردٍّ إسرائيلي رسمي لا بالقبول ولا بالرفض أَو بتقديم مقترح بديل”.

وعلى الساحةِ الدولية، يتواصل التباين؛ فالأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية تحذر من انهيار شامل في غزة، من الغذاء إلى الصحة والمياه، غير أنها لم ولن تستطيع تبنِّيَ موقف رادع للكيان لوقف جرائمه، مكتفيةً بوصفها “الكارثة الإنسانية، وبأنها وصمة عار في جبين العالم”.