أفق نيوز
الخبر بلا حدود

من ساحات المولد إلى ميادين الصراع.. اليمن يرسم معادلة جديدة أربكت العدو

50

أفق نيوز|

لم يعد المولد النبوي الشريف في اليمن مجرد احتفال ديني تحييه الأمة بذكرٍ وابتهال، بل تحول – بفضل ثورة 21 سبتمبر – إلى حدث استثنائي جامع، يجمع بين الروحانية الإيمانية والدلالات السياسية والإستراتيجية العميقة. ملايين اليمنيين الذين احتشدوا في ميدان السبعين وسائر المحافظات لم يكونوا مجرد جماهير، بل كانوا أمة تتحرك بوعي وولاء، تجدد البيعة لرسول الله، وتؤكد للعالم أن اليمن الحرّ، المستقلّ بقراره، حاضر في معادلة الصراع مع قوى الاستكبار، ومصمم على المضي قدماً في نصرة المستضعفين وفي مقدمتهم فلسطين.

حشود مليونية غير مسبوقة.. صورة محمدية ناصعة

شهدت العاصمة صنعاء والمحافظات اليمنية زحفاً مليونياً غير مسبوق، في لوحة روحانية تجسد عمق ارتباط اليمنيين بالنبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

هذا الحضور الاستثنائي لم يكن مجرد تظاهرة دينية، بل كان بمثابة إعلان حيّ عن هوية الأمة اليمنية، التي أعادت ثورة 21 سبتمبر صياغتها على أسس قرآنية أصيلة. ففي الوقت الذي تخلّت فيه معظم الأنظمة العربية والإسلامية عن حق النبي ومقامه، وأخضعت مناسبات الأمة لتوجيهات أمريكية وغربية، كان اليمن وحده من يعطي المولد النبوي حقه، ويقدّمه للعالم كحدث جامع تتوحد فيه السياسة بالدين، وتلتقي فيه العقيدة بالقرار السيادي.

نجاح تنظيمي وأمني وصحي.. مشهد يليق بعظمة المناسبة

لم يكن هذا المشهد المليوني ليتحقق لولا الجهود التنظيمية والأمنية والصحية التي بُذلت بتكامل مدهش.

انتشرت القوات الأمنية واللجان التنظيمية على المداخل والمخارج، وقدمت صورة مشرقة عن الانضباط والوعي الجماهيري، فيما أقيم مستشفى ميداني متكامل استقبل الحالات الطارئة وجهّز غرف عمليات وأجهزة إنعاش وطواقم طبية متخصصة.

هذا النجاح التنظيمي لم يُظهر فقط قدرة الدولة الوطنية على إدارة المناسبات الكبرى، بل عكس أيضاً ثمرة الوعي الشعبي الذي صنعته ثورة 21 سبتمبر، إذ باتت الجماهير تتحرك بانتظام وانسجام يليق بقدسية المناسبة ومقامها العظيم.

رسالة سياسية للعالم.. اليمن يستعيد دينه وسيادته

الحشود المليونية لم تكن حدثاً داخلياً محضاً، بل رسالة سياسية بليغة للعالم بأسره، لقد أعادت المناسبة ألقها الحقيقي، وأثبتت أن النظام السياسي في اليمن يستند إلى قيم الإسلام الحنيف في إدارة شؤون البلاد.
ففي مقابل أنظمة عربية وإسلامية خضعت للإملاءات الاستعمارية وأفرغت المناسبات الدينية من محتواها، جاء اليمن ليقول للعالم: لا مكان للفصل بين الدين والسياسة، ولا سبيل لإحياء الأمة إلا بالعودة إلى مبادئ الإسلام الأصيل.
إنها رسالة خلاصتها: أن ثورة 21 سبتمبر لم تحرر القرار السياسي فقط، بل أعادت للدين مكانته في حياة الأمة، وجعلت من ذكرى المولد النبوي محطة لتأكيد الهوية الإيمانية والسيادة الوطنية معاً.

قلق صهيوني.. المولد النبوي يتحول إلى تحدٍّ إستراتيجي

لم تمرّ هذه المشاهد المليونية مرور الكرام على العدو الصهيوني.. تقارير إعلامية عبرية – من “يديعوت أحرونوت” و”معاريف” إلى “جيروزاليم بوست” – تحدثت بقلق عن “المشهد اليمني المهيب”، معتبرة أن ساحات المولد تحولت إلى “منصات عداء للصهاينة”.

رأت الصحف العبرية أن هذه الحشود تمثل قوة إستراتيجية لأنصار الله، وتكشف عن قدراتهم في التعبئة والتنظيم، وتحول المولد من مناسبة دينية إلى استنفار شعبي ورسالة تحدٍّ مباشرة للعدو الصهيوني.

القلق الصهيوني تضاعف من كون هذه الفعالية تعمّق الصراع الوجودي والديني مع اليمن، وتعرقل مشاريع التطبيع في المنطقة، وتؤكد أن اليمن ماضٍ في دعم فلسطين واستهداف مصالح الكيان في البحر والأرض.

ثورة 21 سبتمبر.. سرّ المعجزة اليمنية

كل هذه الإنجازات لم تكن لتتحقق لولا ثورة 21 سبتمبر، التي نزعت عن اليمن وصاية واشنطن والرياض، وأعادت للشعب قراره المستقل وهويته الإيمانية.

هذه الثورة هي التي جعلت من المولد النبوي مناسبة جامعة تعكس السيادة والكرامة، وتحولها إلى حدث ديني – سياسي – إستراتيجي يربك العدو ويبهج الأصدقاء، ويجعل من اليمن محوراً إيمانياً وسياسياً لا يمكن تجاوزه في معادلات المنطقة.

ملحمة متجددة

المولد النبوي في اليمن لم يعد ذكرى سنوية فحسب، بل أصبح ملحمة متجددة تعكس حب اليمنيين لرسول الله ووفاءهم لآله، وتجسد نجاح دولتهم الوطنية في التنظيم والإدارة، وتبعث برسائل إستراتيجية للعالم أجمع: أن اليمن لن يعود إلى مربع الوصاية، وأن الأمة المحمدية بخير، وأن مواجهة قوى الاستكبار وعلى رأسها أمريكا و”إسرائيل” قدر لا مفر منه.