ما بعد MQ-9 العاجزة.. سيارات العملاء
أفق نيوز| عبدالله عبدالعزيز الحمران
بعد الضرباتِ المتتالية التي أطاحت بطائرات التجسس الأمريكيةMQ-9 فوقَ السماء اليمنية، وجد العدوُّ نفسَه أمام مأزِقٍ استخباراتي حقيقي؛ فقد إحدى أخطر أدواته الجوية وأدقّ عيونه الإلكترونية.
ومع كُـلّ طائرة تهوي محترقة، كان العدوّ يفقد قدرة أُخرى من قدراته على رسم صورة ميدانية عن الداخل اليمني.
ولأن الغرفة المشتركة في الرياض لم تستطع تعويض هذا الفشل، لجأت إلى أُسلُـوب آخر..
أُسلُـوب أقل ضجيجًا، لكنه لا يقل خطرًا: إدخَال معدات وتجهيزات تجسسية إلى اليمن، وتشغيلها من داخل سيارات تجوب الشوارع تحت غطاء مهام مدنية أَو إنسانية أَو تجارية.
الأجهزة نفسها.. لكن على عجلات.
التقارير الأمنية تشير إلى أن بعض معدات الرصد المتطورة – والتي كانت تُحمل في الطائرات التجسسية – تم تعديلها لتصبح قابلة للتنقّل داخل مركبات، يشغلها عملاء الغرفة المشتركة.
هذه المركبات تتحَرّك في بعض المدن والطرق الحيوية؛ بهَدفِ:
– مسح المناطق السكنية.
– التقاط الإشارات وتحديد مواقع الاتصالات.
– جمع تسجيلات صوتية وصورية.
– رسم خرائط لحركة الأسواق والمراكز التجارية.
– رصد نقاط التجمّع والمقارّ الحيوية.
بعبارة أُخرى: ما كانت تفعلهMQ-9 من الجو..
تحاول اليوم أجهزة متنقلة فعله على الأرض.
أذرع تقنية.. وأدوات تَخَفٍّ
العدوّ لا يعتمد على المركبات فقط، بل يدمج بينها وبين أجهزة بسيطة منتشرة بين المواطنين، مثل:
– كاميرات واي فاي رخيصة الثمن.
– أجهزة تتبع مموّهة.
– شرائح اتصالات متصلة بخوادم خارجية.
– تجهيزات صوتية تعمل بطرق غير تقليدية.
هذه الأدوات – مع المركبات التي تشغّل الأنظمة المتقدمة – تشكّل شبكة تجسُّس بديلة يسعى من خلالها العدوُّ لتعويض خسائر السماء.
الغرفة المشتركة.. وفشل في السماء والأرض
عجزMQ-9 عن التحليق لم يكن مُجَـرّد حادث ميكانيكي، بل تحوُّلٌ استراتيجي فرضته قدرات الدفاع الجوي اليمني.
هذا العجز دفع الغرفة المشتركة في الرياض إلى التحَرّك عبر وكلاء محليين، مستخدمة سيارات مدنية أَو سيارات من شركات مرتبطة بدول العدوان، تُسلّم لهم معدات سرّية لجمع أكبر قدر من المعلومات.
لكن هذه الخطة – رغم خطورتها – ليست محكمة كما يظن العدوّ، فقد تم ضبط عدد من العناصر والمركبات المجهّزة بمعدات مشبوهة خلال الفترة الماضية..
ما يعني أن الفشل الجوي تبعه فشلٌ ميداني على الأرض.
الهدف: معرفة ما لا يستطيعون رؤيته
يسعى العدوّ من خلال أجهزة التجسس المتنقلة إلى:
– معرفة حركة الطرق والمَسارات البديلة.
– مراقبة النشاط الشعبي والقبلي.
– رصد نقاط القوة في المجتمع اليمني.
– تحديد مواقع حساسة تُستخدم لاحقًا في بنك الأهداف.
لكن ما يتجاهله العدوّ – رَغْمَ كُـلّ محاولاته – أن البيئةَ اليمنيةَ باتت أكثر وعيًا وأعلى حسًّا أمنيًّا، وأن أيةَ حركة مشبوهة سَرعانَ ما تُكتشف.
خاتمة
حين سقطتMQ-9 من السماء.. سقط معها وَهْمُ السيطرة الإلكترونية على اليمن.
وحين حاول العدوُّ البحثَ عن بديل، وجد نفسَه يدفعُ بتجهيزات باهظة داخل سيارات عملاء الغرفة المشتركة – ليكرّرَ الفشلَ نفسَه بصورة أُخرى.
اليمن الذي أسقط الطائرةَ قادرٌ على كشف المركبة، وعلى تعطيل الجهاز، وعلى إفشال كُـلّ محاولة لفتح “عين معادية” في الأرض بعدما أُغلقت عليها السماء.
دعوة لليقظة المجتمعية
أمام هذا التحوّل في أساليب التجسس، يصبحُ الوعي الشعبي خطَّ الدفاع الأول.
فكل مواطن هو عينُ حماية للوطن، وكل حركة ريبة أَو جهاز غير مألوف أَو مركبة تتجوّل بلا مبرّر في الطرق الحيوية..
قد تكون جزءًا من نشاط استخباراتي معادٍ.
إن الإبلاغ السريع، واليقظة الدائمة، ومراقبة ما يدخُلُ إلى الأسواق وما يوزّعه الوكلاءُ المجهولون، تمثل اليوم ضرورة وطنية لحماية اليمن من “الأجهزة المتسللة” التي تحاول أن تنوب عن طائرة سقطت ولم تعد تجرؤ على العودة.
اليمن اليوم ينتصرُ بوعيه.. كما ينتصر بسلاحه.