أفق نيوز
الخبر بلا حدود

مخطط أمريكي-صهيوني لإعادة تدوير نفايات العدوان على اليمن في غزة

15

أفق نيوز| تقرير | يحيى الشامي

في خطوة تكشف عن عمق المأزق الذي يعيشه الكيان الصهيوني ورعاته الأمريكيون في قطاع غزة، وفي محاولة يائسة للبحث عن أدوات إقليمية تتولى المهام القذرة نيابة عن جيش العدو المهزوم، أماطت وسائل إعلام صهيونية اللثام عن مخطط خطير تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، وهو مخطط يهدف إلى الزج بفصائل من المرتزقة اليمنيين (المحسوبين على دولة الإمارات في جنوب اليمن) ضمن ما يسمى بـ”القوة الدولية” المقترح دخولها إلى قطاع غزة. هذه الخطوة تمثّل جزءاً من صفقة مشبوهة ومقايضة كبرى، ثمنها إعادة إشعال فتيل الحرب الداخلية في اليمن لخدمة الأجندة الصهيونية.

تفاصيل المخطط في كواليس “منتدى المنامة”

استناداً إلى ما كشفته قناة “كان” الصهيونية الرسمية، فإن القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) تدير مفاوضات مكثفة خلف الكواليس لتجنيد فصائل مسلحة من مرتزقة اليمن تدين بالولاء لأبو ظبي، لتكون جزءاً من الترتيبات الأمنية لمرحلة “ما بعد الحرب” في غزة، التي أقرّها ترمب كمخرج لأزمة الكيان التي امتدت لعامين.
ووفقاً لمحلل الشؤون العربية في القناة الصهيونية، روعي كايس، الذي نقل عن “مصدر يمني ملم بالموضوع”، فإن شرارة هذه الفكرة انطلقت خلال “منتدى المنامة” في البحرين، حيث بدأت شخصيات في القيادة المركزية الأمريكية بجس نبض جهات في السلطة المرتزقة الموالية للامارات جنوب اليمن، حول مدى استعدادهم للانضمام إلى قوة دولية يتم تشكيلها للسيطرة على غزة بدلاً من قوات العدو الإسرائيلي التي تواجه استنزافاً غير مسبوق.
ويأتي هذا التحرك الأمريكي بمثابة دليل إضافي على فشل العدو في فرض سيطرته على القطاع، وسعيه المحموم لإيجاد “واجهة عربية” تخفف عنه الأعباء الأمنية والسياسية، وتضفي “شرعية” زائفة على احتلاله المقنع للقطاع تحت مسمى “قوات دولية”، لكن أحداً لم يكن يخطر بباله أن يقع الاختيار على المرتزقة اليمنيين، وهو ‘وقد حدث فعلاُ- يؤكد مدى الرهان الصهيوني على مرتزقة اليمن بالركون إلى حجم العمالة التي تربط سلطات المرتزقة بالعدو واستعدادهم لخدمته وتنفيذ أجنداته.

“ثمن أمريكي-صهيوني كبير” ضد صنعاء

النقطة الأخطر في هذا المخطط، والتي تكشف عن طبيعة الدور الوظيفي لهذه الأدوات، هي الاشتراطات التي وضعتها تلك الفصائل، فقد أكدت القناة الصهيونية -وهي بحد ذاتها أهداف صهيونية- نقلاً عن مصادر مقربة من تلك القوات المدعومة إماراتياً، أنهم يدركون خطورة الخطوة، ويخشون من استغلالها من قبل صنعاء لوسمهم بـ”عملاء لإسرائيل” بشكل مباشر وعلني.
لذلك، وضعت هذه الفصائل شرطاً أساسياً للقبول بهذه المهمة، وهو الحصول على “تعويض أمريكي كبير” و”مقابل ضخم”. هذا المقابل ليس مالياً فحسب، بل هو استراتيجي وعسكري يتمثل في: “تعزيز الدعم الأمريكي والصهيوني لهم للعمل ضد قوات صنعاء في اليمن”، وهو كالمعتاد ملف يوكل إلى السعودية التي عادة ما تتكفل بدفع تكاليف الخطط الأمريكية باسم اتفاقيات الحماية ومواجهة التهديدات المشتركة.
بمعنى آخر، فالمرتزقة يعرضون خدماتهم في غزة مقابل أن تمنحهم واشنطن و”تل أبيب” الضوء الأخضر والسلاح المتطور لفتح جبهات قتال جديدة وواسعة ضد الجيش اليمني في الداخل اليمني، وهي بذلك مقايضة واضحة تقضي بالمشاركة في حصار غزة مقابل تدمير اليمن.

الرياض وأبو ظبي تمسكان بالخيوط

الأوساط الصهيونية أوضحت أن تنفيذ هذا المخطط ليس بيد الأدوات المحلية، بل هو مرهون بقرار الرعاة الإقليميين، وتحديداً السعودية والإمارات.
محلل القناة الصهيونية نقل عن صحفي من جنوب اليمن قوله إن السلطة الموالية للتحالف في الجنوب مقسمة الولاءات بين الرياض وأبو ظبي، وبالتالي فإن “القرار النهائي موجود في الرياض أو أبو ظبي”.
وفي حين أبدت الإمارات -في العلن- معارضتها للانضمام المباشر لتلك القوة، إلا أن التقرير يكشف عن نفاق سياسي، حيث ترى أبو ظبي في إرسال “قوات يمنية مدعومة من قبلها” ورقة رابحة، فهي من جهةٍ تساعد الإمارات في حوارها ومساوماتها مع الولايات المتحدة لتحقيق مكاسب إقليمية، ومن جهة أخرى تحقق هدفاً مشتركاً مع الكيان الصهيوني يتمثل في “التضييق على الحوثيين” وإشغالهم عن دورهم المساند لفلسطين، كما ذكر المحلل الصهيوني في حديثه المتلفز.

سياق وأهداف المخطط.. ضرب عصفورين بحجر

لا يمكن قراءة هذا الكشف بمعزل عن التطورات الميدانية والاستراتيجية في المنطقة، والتي تؤكد صحة هذه التوجهات العدوانية وتخدم سياقها:
الهدف الأول تخفيف الضغط عن الكيان الصهيوني في غزة، حيث يسعى مجرم الحرب نتنياهو وإدارة ترمب يائسين لإيجاد صيغة لـ”اليوم التالي” في غزة، صيغة لا تتضمن احتلالاً إسرائيلياً مباشراً ومكلفاً. واستخدامُ قوات عربية (كمرتزقة اليمن) يوفر الغطاء المثالي للاحتلال للاستمرار في السيطرة الأمنية من الخارج، بينما تتولى هذه الأدوات قمع المقاومة وإدارة السكان تحت مسمى حفظ النظام.
الهدف الثاني والأهم هو تحييد جبهة اليمن المساندة لغزة. هذا هو بيت القصيد منذ بدء معركة “طوفان الأقصى”، والذي يعبّر عنه المتحدثون الصهاينة بلا مواربة، من حقيقة أن جبهة اليمن شكلت -عبر عمليات القوات المسلحة اليمنية في البحرين الأحمر والعربي، واستهداف عمق الكيان في أم الرشراش (إيلات)- ضغطاً استراتيجياً هائلاً على كيان العدو، وخنقت اقتصاده، وأربكت حسابات رعاته الأمريكيين والبريطانيين.
في هذا السياق كنا قد شهدنا دعوات صهيونية سابقة لتفجير الداخل اليمني، حيث أن العديد من الأوساط الأمنية والبحثية الصهيونية دعت -صراحة وفي ذروة مشاركة اليمن في معركة الإسناد لغزة- إلى ضرورة دعم مرتزقة الإمارات والسعودية في اليمن بكل السبل. الهدف المعلن لتلك الدعوات كان “خلق جبهة داخلية” تستنزف الجيش اليمني، وتجبر صنعاء على الانكفاء نحو الداخل، وصرف نظرها عن مواصلة عملياتها البحرية والصاروخية المؤلمة ضد الكيان الصهيوني وسفنه.
وعلى واقع الصراع وانتظار جولة التصعيد القادم، فإن ما كشفته قناة “كان” الصهيونية ليس مجرد تسريب إعلامي بقدر ما هو فضح لمخطط عملياتي يجري العمل عليه بعناية، وإعداده على المستوى الإقليمي والدولي ليشمل غزة واليمن، وهو -في جزء منه- يهدف إلى استخدام دم المرتزقة اليمنيين الرخيص في نظر مشغليه، ليكون وقوداً لحماية أمن الكيان الصهيوني في فلسطين، وأداة لضرب الموقف اليمني المشرف والمساند لفلسطين، وتحقيق مآرب مؤامرةٍ أمريكية – اسرائيلية لتدوير نفايات العدوان على اليمن وإعادة استخدامها في محرقة غزة، في صفقة خاسرة أخلاقياً ووطنياً، لن تجلب لأصحابها سوى العار، والمزيد من الهزائم.

نقلا عن موقع انصار الله