إذا كانت الأمة تريد السلام فلترجع إلى القرآن وتهتدي بهديه
أفق نيوز| نحن ننسى أمام كل حدث، أمام كل حرب نواجهها – وهذه هي من المشاكل الكبيرة علينا – نحن ننسى أن نعود إلى القرآن الكريم، نحن ننسى أننا عبيد الله، والله هو رحيم بنا، وأن الله هو (السلام) وهو من سمانا (مسلمين)، وهو من سمى حتى جنته (دار السلام). أليس السلام هو من أسماء الله الحسنى؟ أوليس ديننا هو الإسلام؟. أوليست الجنة هي (دار السلام)؟. أولم يقل الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ}(المائدة: من الآية16).
ننسى أن من أسماء الله الحسنى (السلام)، وننسى أننا نحمل اسم كلمة (إسلام)، وننسى بأننا نسعى لأن نحظى بأن نكون من أهل (دار السلام)، وننسى أيضاً بأن كتابنا القرآن الكريم يهدي إلى سبل السلام. فلماذا لا نعود إلى القرآن لنعرف ما هو هذا السلام الذي هو اسم من أسماء الله الحسنى. ما هو ذلك السلام؟ وأين هي سبل السلام التي يهدي إليها القرآن الكريم؟ إذا كنا نبحث عن السلام.
إذا كان زعماء العرب يبحثون عن السلام فإن عليهم أن لا يبحثوا عن السلام من أمريكا أو من إسرائيل أو من بلدان أوروبا، أوليس هذا هو ما يحصل؟ عرفات عندما أصبح سجيناً في بيته يوجه خطابه إلى أمريكا يناشدها بالسلام، والزعماء كلهم على طول البلاد العربية وعرضها يناشدون أمريكا بالسلام.
هل نسيتم أيها العرب أن ربكم هو السلام؟ هل نسيتم أن اسمكم مشتق من السلام؟. {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ}(الحج: من الآية78) ونحن نحمل اسم (مسلمين). هل نسيتم أن الله سبحانه وتعالى قال: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ}(المائدة: من الآية16) فلماذا لا نعود إلى القرآن إذا كنا ننشد السلام لنعرف السبل التي يهدي إليها؟. أليس هذا هو الحل؟.
فنحن كل واحد منا – أيها الإخوة – أمام أي حدث يسمعه عليه أن يعود إلى القرآن قبل أن يفكر هو, قبل أن يفكر ويضع لنفسه تفسيرات قد تجعله يتخذ قرارات يظن أن من ورائها السلامة، وهي في الواقع إنما تكون عاقبتها الندامة. إذا كنا نريد السلام فلنعد إلى القرآن ليهدينا هو إلى السلام، ولنسر على هديه ليتحقق لنا السلام. فلا أحد منا ينبغي أن يعود إلى نفسه أمام أي حدث عندما نسمع أن هناك اتفاق على أساس أن اليمن فيه إرهابيون، وأن هنـاك اتفاق على أن يكون هنـاك حرب للإرهاب ومنابع الإرهاب وجذور الإرهاب بالمـعنى الأمريكي – أليس هذا حدث يخيف؟ – فالكثير قد يفكر: إذاً فإذا كانت كلمة (الموت لأمريكا) قد تثير الآخرين علينا فإن السلامة هو أن لا نتحدث بها. أليس هذا الشعور قد يحصل عند أي واحد منا؟.
فإذا كان دخول الأمريكيين إلى اليمن نحن نعلم أنه بداية شر في هذا البلد الميمون، ثم نرى بأن علينا أن نسكت؛ لأن لا نثيرهم فيدخلوا من جنودهم أكثر مما قد وصل، فحينئذٍ سيكون كل واحد منا يرى أن السلام سيتحقق من خلال السكوت، وأن السكوت، وأن الصمت، وأن الجمود هو وسيلة السلام. لا. لا.. إن هذا ليس منطق القرآن أبداً. ومن هو الذي يمكن أن نسمي قراره بأنه قرار صحيح؟ من يتخذ قراراً من عند نفسه، فيقول لنا بأن السلامة في ذلك القرار الذي اتخذه والحكمة التي وضعها .. أم من يعود إلى القرآن الكريم ليبحث عن سبل السلام التي يهدي إليها؟.
الآية صريحة {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ}، فلنرجع إلى القرآن الكريم، هل طلب الله من عباده المؤمنين أن يصمتوا أمام الظالمين أمام الكافرين أمام اليهود والنصارى أم أوجب عليهم أن يتكلموا؟. أوجب عليهم أن ينفقوا، أن يجاهدوا، أوجب عليهم أن ينفقوا في سبيل الله، وجاء الأمر في ذلك بعبارة صريحة {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}(البقرة: من الآية195).
ألم يقل هنا أنك إذا كنت تريد السلام فإن عليك أن تنفق في سبيل الله، إذا كنتم تريدون السلام فإن عليكم أن تتوحدوا فيما بينكم، أن تعتصموا بحبل الله جميعاً وأن لا تتفرقوا، أن تنفقوا في سبيل الله، أن تتحركوا، أن تعدوا ما تستطيعون من قوة. أليس هذا منطق القرآن؟. إنه بكل هذا يهدي إلى السلام، وإذا كنا نحن لا نفهم منطق القرآن فإن الأمريكيين هم يفهمون ذلك، لديهم مثل يقول .
عندما يقول القرآن الكريم: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}(الحجرات: من الآية10) {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}(التوبة: من الآية71) عندما يقول: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}(آل عمران: من الآية104) عندما يقول أيضاً: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}(التوبة:29) عندما يقول: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}(البقرة: من الآية195) عندما يقول: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا}(آل عمران: من الآية103) إنه بكل ذلك يهدينا إلى السلام، يهدينا إلى سبل السلام، فكل من ينشد السلام، كل من يريد السلام، كل من يعرف أن ربه هو السلام، إن عليه أن يتحرك على أساس القرآن.
دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة الإرهاب والسلام
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 8/3/2002م
اليمن – صعدة