أفق نيوز
الخبر بلا حدود

سحبُ الاعتراف

33

أفق نيوز|

د/ عبدالرحمن المختار

تتعرَّضُ المنطقةُ عُمُـومًا، وغزة خُصُوصًا، لتآمُرٍ غربي–عربي ناعم مساند للتوحش والإجرام الصهيوني. طرفا ذلك التآمُرُ حكومتان: غربية، وهي الحكومة الفرنسية، وعربية، وهي الحكومة السعوديّة. والحكومتان تروجان معًا منذ عام تقريبًا لمبادرة موصوفة من جانبهما بأنها سلميةٌ بعنوان “التحالف الدولي لحَلِّ الدولتَينِ”.

تزامن، ويتزامنُ، الترويجُ لما يسمى بـ”الحل السلمي” المزعوم من جانب الحكومتين الفرنسية والسعوديّة، مع فظائعَ يومية يقترفُها الكَيانُ الصهيوني بحق أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

ويقترن بهذا الترويج استمرارُ إمدَاد الكَيان الصهيوني المجرم بالأسلحة والمعدات العسكرية ومختلف الاحتياجات التموينية المدنية من جانب الحكومتين السعوديّة والفرنسية.

ويقتضي ترويجُ الحكومتَين الفرنسية والسعوديّة التغطيةَ على تبادل الأدوار بين كَيانِ الإجرام الصهيوني والقوى الاستعمارية الغربية وأدواتها في المنطقة العربية، بحيث يستمرُّ الكَيانُ الصهيوني المجرم في تنفيذ أفعال جريمة الإبادة الجماعية بوصفه المنفذ المباشر للجريمة، وتقدم عدد من القوى الاستعمارية الغربية الحماية الميدانية، كما هو الحالُ بالنسبة للإدارة الأمريكية والحكومة البريطانية، إضافةً إلى استمرار الإمدَاد بشحنات الأسلحة والمعدات العسكرية من جانبهما، ومن جانب غيرهما من القوى الاستعمارية الغربية.

وتعمل بعض هذه القوى على التخفيف من حدّة تأثير التحَرُّكات الشعبيّة في مختلف العواصم والمدن الغربية، الناتجة عن إدراك بشاعة الجريمة التي يتعرض لها أبناء قطاع غزة، من خلال تبنِّي مواقفَ شكلية، كما هو الحال بالنسبة لما يسمى بـ “تحالف حَـلِّ الدولتين”، الذي روَّجت له، ولا تزال تروِّجُ له، الحكومةُ الفرنسية ومعها الحكومةُ السعوديّة؛ للإيهام بالصِّبغة والطابع المشترك للعمل الغربي–العربي؛ مِن أجلِ فلسطين.

وأعلنت عدد من الحكومات الغربية، إلى جانب فرنسا، استعدادَها للاعتراف بالدولة الفلسطينية، مشترطةً نزعَ سلاح حركاتِ المقاومة، ومغادرة قياداتها قطاع غزة.

وهذا التحَرّك يهدف إلى تمييع المواقف الجادَّة التي اتخذتها في وقتٍ مبكر عددٌ من الدول الأُورُوبية، والتي تضمنت خطواتٍ عمليةً ملموسة تمثلت في إيقاف التعامل مع الكيان الصهيوني في مجالات متعددة، وفرض حظر على دخول المجرمين من قادته أراضيها، وغيرها من الإجراءات.

ولو لم يكن هدفُ التحَرّك الفرنسي–السعوديّ التغطيةَ على جريمة غزة، وتوفير المزيد من المساحات الزمنية لتمكين الكيان الصهيوني المجرم من استكمال تنفيذ فصول جريمته، وصرف الرأي العام العالمي عن التفاعل الشعبي الذي يعتمل في أغلب الساحات في العواصم والمدن الغربية، لاتخذ ذلك التحَرّك منحى أَو اتّجاهًا آخر ينسجم والتحَرّكات الشعبيّة المندّدة بالجريمة.

ولكان قد تم ضبطُ بُوصلة التحَرّك بالاتّجاه الصحيح، وهو الإعلان الفوري المباشر من جانب فرنسا وغيرها من الدول السائرة في خطها التضليلي الزائف، عن سحب الاعتراف بمسمى “دولة إسرائيل”.

وكان الأولى أن يتم الترويجُ لتحالف دولي لعزل هذا الكيان المجرِم من خلال وقف التعاملات معه في مختلف المجالات، والأولى من كُـلِّ ذلك أن تقومَ فرنسا وغيرها من قوى التضليل الغربي بـ إيقاف شحناتِ السلاح إلى الكيان الصهيوني الذي يستخدمُها في الفتك بأبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

والعمل باتّجاه سحب الاعتراف الدولي عن كيان يقترف، بكل وحشية، جرائم بحق الإنسانية، أجدى وأكثرُ دلالة على مصداقية الدول المتبنِّية لمِثلِ هذا التوجُّـه من الترويج للاعتراف بدولة فلسطينية في ظل استمرار وتتابع أفعال جريمة الإبادة الجماعية بشكل يومي وعلى مدار الساعة.

والواضِحُ -من خلال معطيات الواقع في قطاع غزة وفي لبنان وسوريا، ومؤخّرًا في العراق- أن القوى الاستعماريةَ الغربية بصدد تنفيذِ حملة استعمارية جديدة تستهدفُ القوى الحيةَ في الأُمَّــة العربية، واجهة هذه الحملة قاعدتها المتقدمة المتمثلة في الكيان الصهيوني، والأدوات الوظيفية في المنطقة.

ولتفادي المزيد من الانتكاسات في واقع الأُمَّــة، لا بد من تحَرُّك ِشعبي عربي–إسلامي واسع وواعٍ لإسناد أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة أولًا، ووقف تدفُّق المَدِّ الاستعماري الغربي لالتهام المزيد من المساحات الجغرافية للأُمَّـة. فالقوى الاستعمارية لا يمكنها إخضاعُ الشعوب الواعية مهما امتلكت من قوة، حتى وإن تمكّنت من إخضاع أنظمتها الحاكمة.